الرئيسية / ملف الاستيطان والجدار / قرية جالود جنوب نابلس.. تخنقها المستوطنات

قرية جالود جنوب نابلس.. تخنقها المستوطنات

لما أبو زينة – – قلب القرية آمن للمقيمين، فالأرض هناك تعرف أصحابها لتشد أزر بعضها الآخر إذا مالت قليلاً، أما إذا طل الربيع برأسه أو أومى بالقدوم ستأخذ أشجار اللوز هناك دورها في إثبات الهوية لتترك في كل ممر رائحة الأحقية وعبق الوجود، هذه الصورة التي ستبقى في ذهنك اذا ما زرت قرية جالود جنوب شرق نابلس، إلا أن آلة تجريف اسرائيلية على رأس الجبل المقابل ستشوه المشهد قليلاً أو كثيراً فهي تقض مضجع القرية وتلوث عبق أزهار شجرة الأجاص بغبارها المتناثر وتسلب الربيع رونق حضوره.

“جالود” اختلفت روايات سبب التسمية قليلاً لكنها في مجملها توحي بالجلادة والصبر لتكفي حاجة كل مستفسر من حب الفضول.

تلك القرية الصغيرة التي تمتد على ما مساحته 20 الف دونم، والتي يبلغ عدد سكانها 900 نسمة، تجابه في موقعها عشر بؤر استيطانية تتمركز على التلال العالية شرق وجنوب القرية كقيد يطوق المعصم ليخنق أنفاس الحياة.

البؤر الاستيطانية والتي أبرزها مستوطنة “إيش كودش” والتي تدعى سخرية “النار المقدسة”، والتي ترعاها الحكومة الإسرائيلية وتدعمها، مزقت وحدة القرية ونهبت أراضيها الواقعة في المناطق “ج” بحسب التقسيم الذي صنفت به أراضي الضفة الغربية.

وعلى الرغم من سيطرة الاحتلال على ما يقارب من 80% من مساحة القرية وحصر سكانها في 20% من ذلك المربع الأرضي تحت ذريعة الحماية للمستوطنات المقامة هناك، إلا أن غول الاستيطان لم يكف عن التمدد، فقد طرحت الحكومة الاسرائيلية مؤخراً مشروعاً استيطانياً يتضمن ثلاث خطط للسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية أولها قرار بمصادرة 280 دونما لإنشاء مستوطنة جديدة لإسكان مستوطني “عموناه”، بالإضافة إلى مصادرة 326 دونما لإنشاء محطة صرف صحي لخدمة المستوطنات المحيطة بالقرية، وذلك ضمن مخطط واسع يستهدف ربط جميع البؤر الاستيطانية مع بعضها البعض.

هذه المصادرات وعمليات السلب المستمرة التي تتعرض لها قرية جالود صنفتها ضمن أوسع نشاط استيطاني في الضفة الغربية حيث يسيطر المستوطنون على 3500 دونم زراعي، مزروعة بالزيتون والعنب من قبل المستوطنين مما قلص مساحة الأراضي الزراعية للقرية وبالتالي تناقص المحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها السكان في دخلهم وإكفاء حاجاتهم الغذائية.

يقول رئيس مجلس قروي جالود، عبد الله الحاج محمد، بان أهالي قريته يعيشون تحت نظام الحكم العسكري الذي يسلبهم الحقوق والأرض، والذي يلحق كل حياتهم لرغبات الحاكم العسكري ومساعديه.

ويضيف الحاج محمد: “عندما يقوم الاحتلال بإبلاغنا بقرار مصادرة أراضٍ نقوم باتباع مجموعة خطوات اعتراضية، نبدأها بالتوجه إلى هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، كما ان منظمة “يش دين” الإسرائيلية تتولى جزءا من تلك المسؤولية، بالإضافة إلى منظمة حاخامات من أجل حقوق الإنسان التي تتخصص في قضايا معينة”.

التوجه للمحكمة العليا بالنسبة إلى أهالي بلدة جالود قد يغيب الحقيقة تماماً فما أن يتم رفع الشكوى إلى المحكمة العليا حتى تصبح طي النسيان بحجة عبارة “قيد البحث” بحسب ما يتم إخبار أهل القرية به، وفي حال صدور قرار من المحكمة بإعادة بعض الأراضي التي يتم السيطرة عليها مثلما حصل في عام 2013 عندما أصدرت المحكمة العليا قرارا بإعادة 300 دونم كانت قد سلبت في الانتفاضة الثانية وتم خلع أشجار الزيتون والعنب التي كان قد زرعها المستوطنون هناك وتم إعادتها إلى أهل القرية، إلا أن هذه القرارات الشاذة التي تصدرها المحكمة العليا يكون مخطط لها مسبقاً لتتبعها قرارات مصادرة أخرى لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية خصيصاً، فما يمكننا قوله أن ما يحدث هنا هو عملية استبدال في المصادرة بالانتقال من مكان لاخر فقط.

البؤر الاستيطانية في جالود ليست فقط الأكبر في الضفة الغربية إلا أن المستوطنين فيها أشدهم عداوة، فما يلبث أن يباشر اهلي القرية العمل في الأراضي الزراعية الخاصة بهم حتى يتقدم هؤلاء المستوطنين لإعاقة عملهم والتنغيص عليهم، وليس ذلك فقط بل يعتدون على الممتلكات الخاصة من مساكن، و”بركسات” زراعية بالإضافة إلى الإعتداء على المدراس وتخويف الاطفال هناك.

يقول الحاج محمد: “لقد تتالت اعتداءات المستوطنين على أهالي القريةة، وكان اخرها الاعتداء على طفل لا يزيد عمره عن خمس سنوات بضربه برأسه، بالإضافة إلى إضرام النار في محيط مدرسة القرية ما أدى إلى حرق 400 شجرة زيتون ولوز”.

الإعتداء على الارض وسلب الأحقية فيها أبرز معالم الاستيطان هناك، لكن أبشعها يظهر جلياً في موسم الزيتون، يقول الحاج محمد: “هناك بعض الأراضي في المناطق الشرقية منذ العام 2001 لم نتمكن من الوصول إليها ولم يتم السماح لنا بالحصول على تنسيق ليتمكن أصحابها من جني محصول العام، وياتي الرفض دائماً تحت ذريعة الأسباب الامنية أو ان اثبات الملكية غير كافٍ، إلا أن كل تلك الحجج هي مجرد عراقيل لمنع اهالي القرية من الوصول إلى تلك الأراضي”.

ويضيف الحاج محمد:” نحن نتحرك بالتعاون مع السلطة الفلسطينية لمواجهة خطر الاستيطان والمشاريع التي يتم طرحها للسيطرة على الاراضي، كما تتحمل وزارة الزراعة مسؤولية تعويض المزارعين المتضررين من اعتداءات المستوطنين بتزويدهم بالمعدات اللازمة لإعادة تأهيل الأراضي الزراعية والكرافانات المخصصة لتربية المواشي”.

وعن دور الجهات المسؤولة عن هذه القضية، يقول مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، غسان دغلس، نحن نتجه دائما للمؤسسات الحقوقية التي تعنى بفضح ممارسات جيش الاحتلال خاصة في قضية الاستيطان وفور صدور أي قرار للاستيلاء على الأراضي نباشر بعمليات الرفض والاعتراض، إلا أنا في كل مرة لا نعول على المحكمة العليا لأنها غير منصفة بتاتاً فكيف نأخذ الحكم من ملك جائر وننتظر العدل؟!”.

إن السيطرة على الأراضي الزراعية في جالود بالجملة ليست نتيجة جهود قليلة متفرقة بل هي عملية منظمة طويلة الامد ممولة من قبل الحكومة الاسرائيلية لاستكمال مسلسل التهويد الذي لم تكف الحكومة الاسرائيلية عن انتهاجه اسلوباً منذ أن جثمت على هذه الأرض لتلخصه في بيوت القرميد تلك التي تعتلي قمم التلال والجبال في كل بلدة في الضفة الغربية

عن nbprs

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تهدم منزل أسيرين شرق الخليل

هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الأربعاء، منزلاً في بلدة بني نعيم شرق الخليل. وبحسب …