الرئيسية / ملف القدس / حرب صامتة … القبور الوهمية تحاصر الاقصى!!

حرب صامتة … القبور الوهمية تحاصر الاقصى!!

حذر رئيس لجنة رعاية المقابر الاسلامية بالقدس المهندس مصطفى أبو زهرة من خطورة زرع السلطات الإسرائيلية لمئات القبور الوهمية في الواجهة الجنوبية الشرقية والغربية للمسجد الاقصى المبارك .

وقال ابو زهرة خلال ندوة نظمتها كلية الشهاب المقدسية بحضور حشد من ممثلي المؤسسات المقدسية والحضور :”ان السلطات الإسرائيلية ماضية في محاصرة المسجد الاقصى المبارك من الجهة الجنوبية الشرقية والغربية بزراعة القبور الوهمية في منطقة السلودحة قرب القصور الاموية في الجهة الجنوبية الشرقية من المصلى المرواني وقبل فترة وجيزة شرعت بصب قبور من الباطون في منطقة وادي الربابة في الواجهة الجنوبية الغربية المطلة على المسجد الاقصى .مؤكداً ان كافة هذه القبور فارغة لا اموات فيها ،والهدف منها إعطاء صفة حرمة ومكانة المقبرة والسيطرة على الاراضي المحيطة بالمسجد” .

واضاف: ابو زهرة ان القضية برمتها مخطط الهدف منه السيطرة على هذه الاراضي في الوقت الذي تم فيه هدم قبور في الجدار الجنوبي الشرقي للمصلى المرواني يزيد عددها عن ٤٠ قبرا وتدميرها ومنع اهالي سلوان من دفن موتاهم فيها بحجة ان هذه المنطقة التي تزيد مساحتها عن ٩٠ متراً مربعا جزء من “الحديقة الوطنية” المزعومة.

واوضح ابو زهرة في الندوة التي جاءت تحت عنوان (المقابر الإسلامية تراث وهوية) بمشاركة محمود أبو غزالة رئيس نادي الموظفين وعزيز العصا المسؤول الثقافي بالنادي الذي أدار الندوة :”ان الاحتلال يشن حربا حقيقية صامته على الاحياء والاموات معاً، استهدف فيها المقابر لوجودها في مراكز حساسة وخاصة مقبرة باب الرحمة الملاصقة للجدار الجنوبي الشرقي للمسجد الاقصى المبارك ،قرب المصلى المرواني قرر سلخ وتدمير نحو ٩٠ متراً مربعا، وفي منطقة باب الاسباط عن مدخل المقبرة حيث يخططون لبناء القواعد للقطار الهوائي بين جبل الزيتون والبلدة القديمة في باب الاسباط اعتبروا تلك التلة التي هي جزء من اراضي الاوقاف الإسلامية منطقة عامة واراضي تابعة للحديقة الوطنية وقرروا محاكمتنا لدفن موتانا فيها”.

وقال ابو زهرة ان مقابر المسلمين في مدينة القدس هي شواهد تراث وتاريخ مدينة القدس وهي جزء من التاريخ والتوثيق الإنساني للمدينة، وقد وثق المسلمون في القدس موت التابعين والأمراء والاعلام بعد القرن السابع الهجري ففي مقبرة مأمن الله قبر القلانسي وعليه شاهد ضخم يعود للعام ٧٣٤هـ، ووجدنا بعض الشواهد الضخمة غير واضحة الاسماء في اقصى الجزء الشرقي من المقبرة مدفونة لم نستطع نقلها لثقلها. مشيراً الى ان اهم عمل ماكر قامت به السلطات الإسرائيلية كان هو طمس التاريخ وتدمير شواهد القبور حيث أزالت ٩٨٪ من الشواهد وبذلك قطعت الصلات والعلاقات ما بين العائلات التي لم تعد تعلم اين دفن ابناؤها واباؤها واجدادها في مقبرة مأمن الله.

واضاف ابو زهرة :” تعتبر مقبرة مأمن الله من أشهر وأكبر المقابر الإسلامية في فلسطين وتقدر مساحتها بـ ٢٠٠ دونم. تضم المقبرة رفات وأضرحة أعلام وصحابة وشهداء وتابعين مسلمين كثيرين، حيث دفنوا فيها منذ الفتح الإسلامي للقدس عام ٦٣٦م”.

وتابع ابو زهرة يقول: “منذ إحتلال القدس عام ١٩٤٨م خضعت المقبرة للعديد من المخططات الإسرائيلية لطمس معالمها وتحويلها إلى مشاريعٍ عدة، وقد نُفذ عددٌ منها، فقد حُوّل جزء كبير من المقبرة إلى حديقة عامة؛ما يسمى ب (حديقة الاستقلال) فالجنود اليهود من جنوب افريقيا هم من قاموا بتحويلها وتسميتها بهذا الاسم الباطل، وأقيم على اراضيها من الغرب فندق “ليوناردو” وفي وسطها مقهى ويُقام فيها المهرجانات منها مهرجان الخمور والاحتفالات اليهودية الشعبية والرسمية، وقد شقت الطرق فيها.

وقال المهندس ابو زهرة ان المقبرة من الشمال تم اقامة مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي على اراضيها وكذلك الموقف وفي الاعوام الأخيرة بدأ العمل لإقامة العديد من المشاريع التدميرية للمقبرة كمد شبكة المياه والمجاري من قلبها؛وكذلك إقامة ما يسمى بـ”متحف التسامح” فوق مساحة قدرها ٢٥ دونمًا؛ حيث تم جرف جزء كبير من المقبرة ونبش قبورها.

واوضح ابو زهرة ان مقبرة مأمن الله أو ماميلا وقد عُرفت تاريخيًا بالعديد من الأسماء منها: املا، باب الله، باب المله، باملا، بيت مامل وغيرها. تُعرف المقبرة بماميلا منذ العصر المملوكي وطيلة العصر العثماني وحتى اليوم، وانشئت مقبرة مأمن الله في مطلع القرن السابع الميلادي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب أثناء فتح المسلمين لبلاد الشام، وعند زيارة الخليفة عمر القدس لتسلم مفاتيحها؛ أمر ببناء هذه المقبرة، وأول من دفن فيها هو أحد مرافقيه في رحلته، والمقبرة تضم في ثراها صحابة وتابعين من جيش الفتح الإسلامي وآباء وأجداد عائلات القدس منها الخالدي والعلمي والدجاني ونسيبة والقلقشندي ووهبة وصندوقة والكالوتي والهكاري والنشاشيبي وغيرهم.

واشار ابو زهرة الى ان بعض هذه العائلات حاولت رفع قضية في الولايات المتحدة ضد مؤسسة (سيمون فيزنتل) التي تدعي الدفاع عن الحرية والكرامة لإيقاف البناء فيما يسمى بمتحف (التسامح) على اراضي المقبرة ولم يفلحوا ووجهوا نداءات الى الامم المتحدة ومؤسسة اليونسكو وغيرها لوقف هذا المشروع الذي حطم ودمر مئات القبور الإسلامية دون جدوى.

ولفت الى انه في أواخر العهد العثماني عام ١٩٠٠م أحيطت المقبرة بسور. في العام ١٩٢٧م أصدر المجلس الإسلامي الأعلى حظرًا على دفن الموتى فيها بسبب إكتظاظها واقتراب العمران إليها، إلا أن عملية الدفن استمرت حتى العام ١٩٤٨م. في عهد الإنتداب البريطاني قام المجلس الإسلامي الأعلى بترميمات متكررة لسور المقبرة وغيرها من الترميمات.

ورداً على سؤال قال ابو زهرة انه بناء على قرار المحكمة الشرعية في القدس تم تعيين متوليين على مقبرة مأمن الله وهما مصطفى توفيق ابو زهرة والحاج سامي رزق الله ،موضحاً ان السلطات الإسرائيلية قامت بطمس وتغطية القبور وخصوصاً التي بلا شواهد بطبقة سميكة من الخشب المفروم ،فقمنا بدورنا بحملات ضخمة شارك فيها المئات من أهل الداخل وابناء القدس لتنظيف تلال من هذا الخشب المفروم كذلك قامت هذه الحشود بعمليات تنظيف وترميم للمقبرة وازالة ما يدنس المقابر من آثار الفواحش وزجاجات الخمر وغيرها.

ولفت ابو زهرة الى تقارير رسمية وإعلامية إسرائيلية تفضح ممارسات الاحتلال بنبش مقبرة مأمن الله وجمع عظام الموتى إثر عمليات الحفر فيما يسمى بمتحف (التسامح) المزعوم .

واستعرض ابو زهرة التاريخ منذ العام ١٩٤٨م، حيث احتلت القوات الإسرائيلية الجزء الغربي من القدس، فسقطت من ضمنها مقبرة “مأمن الله”. وأقرت إسرائيل قانونًا بموجبه يعتبر جميع الأراضي الوقفية الإسلامية وما فيها من مقابر وأضرحة ومقامات ومساجد بعد الحرب بأراضي تدعى أملاك الغائبين، وبذلك دخلت مقبرة “مأمن الله” ضمن أملاك حارس أملاك الغائبين لدى ما يسمى بـ (دائرة أراضي إسرائيل).

ولفت الى ان في مقبرة مأمن الله ثلاث زوايا وهي الزاوية الكبكية والزاوية القلندرية تقع في وسط المقبرة وتُنسب للشيخ إبراهيم القلندري، والزاوية الكبكية وتقع على بعد مائة متر من الشمال الشرقي من بركة مأمن الله. وتُنسب للأمير علاء الدين الكبكي، والبسطامية: تقع في الجهة الشمالية للمقبرة، ودفن فيها أصحاب الطريقة البسطامية، وقد اندثرت معالمها، ولم يبق منها إلا قبر الشيخ علي العشقي البسطامي.

وعن “مغارة الجماجم” قال ابو زهرة: “صحيح كان في المقبرة مغارة قديمة يعود تاريخها إلى العصور الرومانية الهيرودسية تحوي على نحوتٍ هندسية، وتزيد مساحتها عن الدونم الواحد. أما اليوم فقد ردمت وبُني عليها موقف سيارات.

ثم انتقل المهندس ابو زهرة للحديث عن الإعتداءات على أرض السلودحة الواقعة جنوب المسجد الأقصى، حيث ما زال موظفو الجمعيات الاستيطانية والمؤسسات الإسرائيلية يضعون ويثبتون حجارة على القبور الوهمية في الأرض رسمت عليها نجمة داوود، ووضع حجرين كبيرين في الجهتين اليمنى واليسرى من الأرض وعليها إشارة وعبارة باللغة العبرية تقول “مقبرة يهودية” علماً ان ذلك تزوير عار عن الحقيقة.

واضاف ابو زهرة “لقد قام عمال تابعون لبلدية القدس أو سلطة الطبيعة في ايلول عام ٢٠١٤ بوضع نجمة داوود على كل قبر من القبور الوهمية السبعة الموجودة على أرض السلودحة، وثبتوا حجارة حديثة وإشارات على الحجارة من اليمين واليسار تشير الى أنها مقبرة يهودية، وتزامن هذا الاعتداء مع قيام موظفي سلطة الطبيعة بتدمير نحو ٤٠ قبرا في مقبرة اليوسفية قبل ذلك”.

واضاف أبو زهرة: “ان ذلك يتم على بعد أمتار من المسجد الأقصى المبارك وهذه القبور وهمية وضعت لتثبيت مصادرة أو سلب أو نهب الأرض الوقفية أرض السلودحة، التي هي وقف إسلامي وموثقة لدى الأوقاف الاسلامية، تبلغ مساحتها ٣٤ دونما، وثبت على طرفيها عبارة باللغة العبرية تفيد أنها مقبرة يهودية من اليمين واليسار، وتقع أرض السلودحة جنوبي المسجد الأقصى المبارك ومطلة على جبل الزيتون والمقبرة المحاذية للشارع الرئيس في رأس العمود التي معظم أجزائها السفلية وهمية، في الوقت الذي نحتاج فيه لإضافة مقابر للمسلمين، ونحن أولى بالبناء على أرض السلودحة لأن مقابرنا ضاقت حيث ندفن فيها منذ ١٤٣٨ عاما، ومن المفترض أن تكون مقبرة إسلامية وليس يهودية.

وأوضح أنه في المرحلة الاخيرة تم الاعتداء على اراض في وادي الربابة ايضاً وزراعة قبور وهمية فيها وهي اراض مطلة على الاقصى من الجنوبي الغربي”.

وأكد أبو زهرة أنه مسلسل للاعتداء على مقابر وأراضي المسلمين، منها أرض واد الربابة والسلودحة، كما يوجد هناك إعتداء صارخ على مقبرة عين كارم ومقبرة المالحة التي تم تدميرها بالكامل.

واكد أن الأراضي الوقفية الاسلامية بمدينة القدس ليست للفلسطينيين وحدهم وإنما ملك لجميع المسلمين.

وتناول ابو زهرة خلال الندوة عدداً من المشاريع التي تم تنفيذها في مقبرة المجاهدين باب الساهرة المطلة على البلدة القديمة وكذلك مقبرة باب الرحمة واليوسفية التي تضم شهداء مدينة القدس عام ١٩٦١ والجندي المجهول. مشيراً الى ان تطوير مقبرة المجاهدين تم بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية والاتحاد الاوروبي.

ورداً على سؤال حول مقبرة النبي داود، قال للاسف تم الاستيلاء على هذه المقبرة.

من جانبه قال الكاتب المقدسي عزيز العصا الذي ادار الندوة ان الحرب على المقابر الإسلامية قدية، مع احداث النكبة الفلسطينية عام ١٩٤٨، وهي حرب صامتة ينفذها الاحتلال بشكل دائم ومستمر فيها دون ضجيج.

عن nbprs

شاهد أيضاً

الاحتلال يجبر مقدسيا على هدم منزله في شعفاط

أجبرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، مواطنا مقدسيا قرب التلة الفرنسية في شعفاط على هدم …