كتب مؤسس الحركة الصهيونية «ثيو دور هيرتزل» في عام 1902 رسالة إلى السلطان عبدالحميد – الخليفة العثماني هذا نصها:
«إن العنصر الذي نريد أن ندخله إلى امبراطورية جلالتكم لا يخوف، انه ليس خطرا ولا متعبا، انه عنصر مجتهد وجدي ومخلص، يجمعه مع المسلمين قرابة جنس وعلاقة دين (يقصد اليهود), دعا واحد من أجداد جلالتكم العظام اليهود البائسين إلى بلاده اثناء اضطهادهم في القرن الخامس عشر، ولقد جاء منهم أعداد كبيرة,,, إذا تفضلتم يا صاحب الجلالة، مثلا، بان تعلنوا يوم عيد ميلادكم المقبل عطفكم على الشعب اليهودي، فسيكون لهذا الإعلان رد فعل سريع ومهم في جميع أنحاء العالم، سيكون فيه اشارة تجذب المواهب والاموال والصناعة وأنواعا اخرى من المشاريع، ولن تستفيد من هذا مقاطعتا العراق وحيفا وضواحيها فحسب، بل جميع الامبراطورية العثمانية».
*** موقف السلطان عبد الحميد من اليهود:
كان الحادث المهم الذي أثار أوروبا ضد السلطان عبد الحميد هو رفضه إسكان وتوطين المهاجرين اليهود في فلسطين، فقد كانت أوروبا المسيحية تريد تصدير مشكلة اليهود التي تعاني منها إلى الدولة العثمانية.
وكان أول اتصال بين “هرتزل” رئيس الجمعية الصهيونية، والسلطان عبد الحميد، بعد وساطة قام بها سفير النمسا في إستانبول، في (المحرم 1319 هـ = مايو 1901م)، وعرض هرتزل على السلطان توطين اليهود في فلسطين، وفي المقابل سيقدم اليهود في الحال عدة ملايين من الليرات العثمانية الذهبية كهدية ضخمة للسلطان، وسيقرضون الخزينة العثمانية مبلغ مليوني ليرة أخرى.
أدرك السلطان أن هرتزل يقدم له رشوة من أجل تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وبمجرد تحقيقهم لأكثرية سكانية سيطالبون بالحكم الذاتي، مستندين إلى الدول الأوروبية.. فأخرجه السلطان من حضرته بصورة عنيفة.
يقول السلطان عبد الحميد الثاني في مذكراته عن سبب عدم توقيعه على هذا القرار: “إننا نكون قد وقَّعنا قرارًا بالموت على إخواننا في الدين”.
وأضاف السلطان : “لا أقدر ان ابيع ولو قدماً واحداً من البلاد ، لانها ليست لي ، بل لأمتي ، لقد حصلت أمتي على هذه الامبراطورية باراقة دمائها ، وسوف تحميها بدمائها ، قبل ان تسمح لاحد باغتصابها منا ، ليحتفظ اليهود بملايينهم ، فاذا قسمت الامبراطورية ، فقد يحصل اليهود على فلسطين دون مقابل ، انما لن تقسم الا على جثثنا ، ولن اقبل بتشريحنا لأي غرض كان”