وسط انشغالها بمتابعة أصداء الهجوم الذي شهدته العاصمة البريطانية هذا الأسبوع، وتنقيبها في سيرة المهاجم وتحولات حياته، والأسباب التي قادت إلى تطرفه، تناول بعض صحف الأحد البريطانية المعركة الجارية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الموصل العراقية.
وكرست صحيفة الأوبزرفر تقريرا في صدر صفحتها الأولى في هذ الصدد تحت عنوان “توقف الهجوم على الموصل بعد تصاعد الغضب بشأن مقتل مدنيين فيها”.
وتقول الصحيفة إن القادة العسكريين العراقيين تلقوا أوامر السبت بوقف تقدمهم لاستعادة الجانب الغربي في المدينة بعد تصاعد الغضب الدولي جراء حصيلة الضحايا العالية بين المدنيين إثر مقتل 150 منهم على الأقل في ضربات جوية على حي واحد فيها.
وتضيف الصحيفة أن القصف الجوي الذي تعرض له حي الموصل الجديدة يعد أحد أكثر الغارات دموية على المدنيين منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.
كنا نصف التحالف بأنه يُعنى بتجنب وقوع إصابات بين المدنيين بالمقارنة مع ما يفعله الروس، ولكن منذ الأشهر الأخيرة من عام 2016 لاحظنا تصاعدا مطردا في الإصابات بين صفوف المدنيين، وتحولت المشاعر الجماهيرية بشكل حاد ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة
كريس وود , مدير مجموعة المراقبة “إيرورز”
وتكمل أن عمال الإنقاذ واصلوا عملهم بالحفر تحت أنقاض القصف لاستخراج جثث الضحايا بعد أكثر من اسبوع من وقوع القصف، الذي أكد التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أن أحدى مقاتلاته كانت استهدفت مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة نفسها.
وأكد التحالف أن الضربة وقعت في 17 مارس/آذار “بناء على طلب من القوات الأمنية العراقية”، وأنه بدأ تحقيقا رسميا في التقارير التي تحدثت عن مقتل مدنيين.
دروع بشرية
وتشير الصحيفة إلى أن التحالف أكد في بيان منفصل قيامه بأربع ضربات جوية على “ثلاث وحدات تكتيكية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية”، وأنه دمر أكثر من 50 عربة و 25 موضعا قتاليا.
تقارير تفيد بأن نحو 50 جثة تم انتشالها من تحت الأنقاض في حي الموصل الجديدة
وتنقل الصحيفة عن منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق، ليز غراندي، قولها “لقد صدمنا بهذه الخسائر الكبيرة بالارواح”.
كما تنقل عن كريس وود مدير مجموعة المراقبة “إيرورز” قوله إن حادثة حي الموصل الجديدة تعد أسوأ حادثة منذ عقود بحساب عدد الضحايا في ضربة جوية واحدة.
ويحذر وود من أن تساقط القتلى في هذه الحادثة وهجمات أخرى في سوريا أفيد بمقتل عشرات الضحايا فيها، يهدد بقلب مشاعر الجماهير ضد التحالف، مضيفا أنه حتى وقت قريب “كنا نصف التحالف بأنه يعنى بتجنب وقوع إصابات بين المدنيين بالمقارنة مع ما يفعله الروس، ولكن منذ الأشهر الأخيرة من عام 2016 لاحظنا تصاعدا مطردا في الإصابات بين صفوف المدنيين، وتحولت المشاعر الجماهيرية بشكل حاد ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة”.
وتنقل الصحيفة عن أحد السكان في الموصل ويدعى مصطفى يحيى قوله إن القصف “بدأ في الصباح وتواصل حتى الساعة الثانية ظهرا. وكان ثمة مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية على سطوح عدد من البنايات، كما كانوا يخوضون قتالا في الشوارع”.
ويضيف “لكن الشيء الغريب أن البيت الذي كانوا يختبئون فيه، وغرفة (قيادتهم) العسكرية لم تصب”.
وفي تحليل نشر في الصفحات الداخلية للصحيفة نفسها يتساءل الكاتب سيمون تسدول، “نحن ندين القنابل الروسية(في سوريا) لكن هل يختلف قصف التحالف في الموصل عنها؟”.
وتكتب صحيفة الصنداي تلغراف عن مخاوف من استخدام المدنيين كدروع بشرية بعد مقتل عشرات المدنيين في الموصل في ضربات جوية.
وتضيف الصحيفة في تقريرها أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية يحقق في مزاعم مقتل هؤلاء المدنيين في ضربات جوية الأسبوع الماضي استهدفت مسلحي التنظيم الذي يسيطر على أجزاء من المدينة.
ويضيف تقرير الصحيفة أن شهودا وصفوا كيف أن جثث رجال ونساء وأطفال دفنت تحت أنقاض بيوتهم، التي يعتقد البعض أن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية أجبروهم على البقاء فيها كدروع بشرية.
“ذئب منفرد”
واهتم معظم صحف الاحد ومن بينها الصنداي تايمز في التنقيب في حياة خالد مسعود منفذ الهجوم على مبنى البرلمان البريطاني وسط العاصمة البريطانية.
خالد مسعود
تقول الشرطة إن مسعود ولد مسيحيا وتحول إلى الإسلام
ونقلت الصحيفة في تقرير نشرته في قلب صفحتها الأولى تأكيد الشرطة البريطانية على أنها تعتقد أن مسعود “كان ذئبا منفردا” عمل لوحده من دون تخطيط مباشر من تنظيم الدولة الإسلامية.
لكنها تضيف أن محققي سكوتلاند يارد وجهاز الأمن البريطاني أم آي 5 ما زالوا يقيّمون هل أن مسعود تلقى”تشجيعا أو مساعدة” من مشاركين آخرين في بريطانيا، على الرغم من اعتقادهم أنه لم يكن ضمن خلية إسلامية متطرفة مثل تلك التي وقفت وراء هجمات باريس وبروكسل .
وتنشر الصحيفة تحقيقا موسعا عن حياة مسعود منذ ولادته حتى الساعات الأربع والعشرين الأخيرة التي نفذ فيها هجومه الدموي، وتنقل الصحيفة عن مدير الفندق الذي أقام فيه في مدينة برايتون البريطانية الثلاثاء الماضي قبل تنفيذ الهجوم أنه “كان نزيلا عاديا ودودا جدا . وفي الحقيقة كان رجلا سعيدا جدا”.
ويشير التحقيق الى أن مسعود وكان يحمل اسم أدريان راسل إلمز، ولد في يوم الكريسماس عام 1964 من أم بيضاء بعمر 17 عاما وغير متزوجة تدعى جانيت إلمز من منطقة كرويدن في جنوب لندن، ومن أب أسود لم يذكر اسمه في خانة الأب في بيان الولادة.
وتزوجت جانيت من فيليب أجاو، وهو من أصول نيجيرية في عام 1966، حيث انتقلا للعيش معا في منطقة تاندربريدج ويلز.
من عازف غيتار الى متطرف
وتنقل الصحيفة عن زملاء لأدريان في الصبا في السبعينات أنه كان يسعى إلى صداقة الفتيات البيض وكانت لديه أكثر من صديقة، كان ودودا ويعزف على آلة الغيتار وقد بدا بتشكيل فرقته الخاصة حيث كان يطمح في أن يصبح نجم روك شهيرا.
لقد ترعرعنا معا، نقضي الليل كله في الحفلات مع الكثير من الشراب والمخدرات والجنس
مارك أشداون, زميل دراسة في الثانوية مع منفذ هجوم ويستمنستر
وينقل التحقيق عن أحد زملاء دراسته الثانوية ويدعى مارك أشداون قوله “لقد ترعرعنا معا، نقضي الليل كله في الحفلات مع الكثير من الشراب والمخدرات والجنس، كنا نعيش من اجل بهجة وصخب أيام نهاية الأسبوع”.
وتضيف الصحيفة أنه كان يتردد على البارات وظل يتعامل مع المخدرات عند اقترابه مع سن الثامنة عشرة.
ويسرد التحقيق تفصيليا المهن المختلفة التي عمل فيها في العشرينيات من عمره وتعرفه على فتاة تدعى جين هارفي منحته فرصة عمره لبدء حياة محترمة، حيث عمل مندوب مبيعات وفي مهن أخرى كما بدأ الدراسة لنيل شهادة، وتمكنا من شراء بيت لهما في قرية نورثيام الهادئة في ايست ايسكس تصل قيمته الآن الى 700 الف جنيه استرليني.
وفي عام 1992 ولدت ابنتهما الأولى أندي وولدت ابنتهما الثانية بعدها بست سنوات.
ويشير التحقيق إلى أن نقطة التحول في حياته بدأت بعد مشادة في حانة في عام 2000 مع صاحبها الذي حاول الدفاع عن أحد العاملين فيها، فقام أدريان بجلب سكينة وخدش سيارته ثم جرحه في وجهه، وقد سجن إثر هذه الحادثة لمدة سنتين، حيث تحول إلى اعتناق الإسلام في السجن كما انفصل عن زوجته بعد خروجه منه.
كما سجن للمرة الثانية لمدة ستة أشهر في عام 2003 لاعتداء آخر بالسكين وجرح شخص في وجهه أيضا.
وبعد خروجه من السجن في عام 2004 تزوج امرأة مسلمة تدعى فرزانة ماليك، واستمر زواجهما لثلاثة أشهر، فرت بعدها من منزله مرعوبة وطلبت الطلاق منه، وينقل التحقيق عن أقارب لها قولهم إنه كان عنيفا جدا معها.
وقد سافر إلى المملكة العربية السعودية لثلاث مرات كانت الأولى في 2005 زاعما أنه كان يدرس اللغة الانجليزية هناك، ومن بين طلابه موظفون في إدارة الطيران المدني في جده. وقد عاش هناك لمدة سنة قبل أن يعود الى بريطانيا وقد غير اسمه خلال هذه الفترة إلى خالد مسعود.
وعاد مسعود للتدريس في السعودية في الفترة بين 2008 و 2009 ، وكانت آخر رحلاته الى مكة في مارس/آذار 2015 في موسم الحج، بحسب السلطات.
وتقول الصحيفة أنه تعرض في هذه الفترة إلى الفكر الوهابي، وهو ذاته الذي يدين به رئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وربما التقى هناك عددا من الدعاة المتعصبين، بحسب تعبير الصحيفة التي أشارت أيضا إلى أن معظم منفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 كانوا من السعودية.
أسفر الهجوم عن مقتل أربعة أشخاص، بينهم ضابط شرطة، وجرح 50 آخرين
وتقول الصحيفة إن مسعود استقر بعد عودتة إلى بريطانيا في مدينة لوتن، التي كانت جماعة المهاجرين المحظورة بقيادة الداعية المتطرف أنجم تشودري تنشط فيها. وقد سجن العديد من أعضائها العام الماضي بتهمة دعم وتأييد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتشير السجلات الانتخابية في عام 2010 إلى أنه كان يعيش مع أمراة في المدينة تدعى روهي حيدره ، من أصول غامبية ( التي اعتقلت ثم اطلق سراحها بعد حادثة ويستمنستر)، ثم انتقل إلى منزل آخر في المدينة نفسها برفقة ابنته أندي البالغة من العمر 24 عاما والتي ترتدي النقاب بعد تحولها إلى الإسلام. وقد انتقلت معه لاحقا للعيش في مدينة بيرمنغهام.
وتخلص الصحيفة الى أن المحققين يحاولون الربط بين تحركات مسعود وشبكة علاقاته المعقدة تلك للوصول إلى تحديد دقيق لدوافعه والمشاركين معه إن وجدوا.