أشاد بعض الصحف العربية بالروح التي أظهرها البريطانيون في تعاملهم مع هجوم لندن الأخير والذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة 50 آخرين.
وقال بعض الكُتَاب إن سكان لندن تعاملوا بأعصاب “ثلجية” ولم يظهروا توتراً إزاء الحادث، معيدين ذلك الى خصوصيتهم الثقافية واستنادهم إلى نظام ديمقراطي متجذر وقانون مستقل، يحصنهم ضد فوضى الإرهاب ومخاوفه.
“درع الحماية”
يقول عادل درويش في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: “لندن بوتقة انصهرت فيها ثقافات وسلالات متعددة، لكنها اكتسبت ثقافة خصوصية جعلت اللندنيين نوعاً خاصاً من البريطانيين، المتعاملين مع أي أزمة بأعصاب ثلجية”.
ويضيف الكاتب: “روح الدعابة وصلابة الشفة العليا بمعنى عدم إظهار الألم وعدم التوتر عند الطوارئ والاستمرار في الحياة العادية كأن شيئاً لم يكن هي درع الحماية والذخيرة الثقافية القومية للتغلب على الصعاب”.
في السياق ذاته، يقول كميل الطويل في الحياة اللندنية: “يعرف البريطانيون، من تجربتهم الطويلة مع الإرهاب، أنه لا يمكن إحباط كل الاعتداءات، خصوصاً في ظل ظاهرة الذئاب المنفردة الجديدة”.
ويضيف الكاتب: “عندما يكون لديك نظام ديموقراطي متجذّر وقانون مستقل حقاً، كما هي حال بريطانيا، فالأرجح أن إرهاب داعش اليوم سينتهي بالفشل”.
ويرى إلياس حرفوش في الصحيفة نفسها أن مسارعة تنظيمات “إرهابية” مثل تنظيم الدولة الإسلامية إلى تبنى مثل هذه الهجمات “يدخل في إطار بحثها عما يعزز ويبرر شعارها بأنها باقية وتتمدد”.
ويضيف الكاتب: “وهكذا فكلما اتجهت سيارة أو شاحنة نحو أبرياء لقتلهم، يجد داعش فرصة للقول أنه لا يزال موجوداً وأن له أتباعاً من جنود الخلافة، من دون أن يكون ضرورياً أو مؤكداً أن التنظيم استطاع الوصول إلى هؤلاء الجنود أو بعث بتعليماته إليهم”.
وقع الهجوم قرب مبنى البرلمان في وسط العاصمة البريطانية
وينتقد ماهر أبو طير في الدستور الأردنية أولئك الذين هللوا فرحا بالحادثة.
وقال الكاتب: “لابد أن نعترف بأن هناك خلل في الرؤية، فالبعض الذي يهلل لحادثة الاعتداء على جسر وستمنستر يقول إن بريطانيا قتلت عراقيين وسوريين مدنيين في عملياتها العسكرية، ويشرحون لك عن الإرث الاستعماري لبريطانيا لتبرير كل هذه الأفعال، وهذا أمر غير صائب، فوقوع أي تصرفات من هذا القبيل، لا يعني أن ترد بذات الطريقة”.
من جانبه، يُلقي حمود أبو طالب في عكاظ السعودية باللوم على بريطانيا في أنها سمحت لمتطرفين بالدخول إلى أراضيها.
يقول الكاتب: “لم تهتم بريطانيا بمحاولة فرز اللاجئين إليها من الجماعات الإسلاموية المتطرفة، ولم تتعامل معهم بما يستوجبه خطرها. حلّ فيها المتطرفون من جماعة الإخوان والتكفيريين الجهاديين، والخارجون على القانون”.
ويضيف الكاتب: “أصبحت بريطانيا مرتعاً خصبا لكل المارقين، وكل ذلك بما يضمنه القانون البريطاني المتسامح جداً وديموقراطية وستمنستر العريقة. لكن هذه الديموقراطية التي جعلت المتطرفين في بعض الأوقات يغلقون الشوارع ويعبثون بالنظام من أجل رفع شعاراتهم تحت حماية البوليس وبكفالة القانون”.
القمة العربية
في موضوع آخر، لا تزال الصحف العربية منقسمة بين تفاؤل وتشاؤم حول القمة العربية المزمع عقدها في العاصمة الأردنية يوم التاسع والعشرين من الشهر الجاري.
شكك بعض الكتاب في قدرة القمة “على النجاح في تجاوز المأزق العربي الراهن”.
يرى صبري الربيحات في صحيفة الغد الأردنية إن انعقاد القمة يُشكل “خطوة مهمة على صعيد العمل والتعاون العربي”، لاسيما وأن قمة هذا العام “تأتي في ظروف عربية وعالمية تستدعي الاجتماع والتشاور للتعاطي مع الظروف والتحديات الجديدة التي تفرض نفسها على الأنظمة والشعوب العربية، وتضعهم بين خياري العمل والتكيف أو الفناء”.
كذلك يرى صلاح عيسى في البيان الإماراتية أن انعقاد القمم العربية هو في حد ذاته “إنجاز ينبغي أن نحافظ عليه، وأن عالماً عربياً تنعقد فيه قمة تضم أهل الحل والعقد في الأمة العربية، لا تسفر إلا عن بيان إنشائي، يكرر ما صدر عن القمم السابقة، ويحيل إلى القرارات القديمة التي تسعى لإرضاء كل الأطراف، هو أفضل، على أي حال، من عالم عربي تتمزق فيه الصلات بين العواصم العربية على مستوى القمة”.
ويقول فايز الفايز في الرأي الأردنية: “لا يمكن لقمة عمان أن تكون جهة صلح ولا يملك أحد عصا سحرية لحلّ مشاكل مزمنة محسوسة وغير ملموسة، ولكن التأكيد العربي على حضور القمة وما سبقها من جهود لتقريب وجهات النظر وفتح قنوات الحوار العقلاني، يمكنه التأسيس لمرحلة قادمة”.
من جانبه، يقول طه عبد العليم في الأهرام المصرية إنه لا يظن أن القمة “قادرة على النجاح في تجاوز المأزق العربي الراهن”.