اهتم معظم الصحف البريطانية الصادرة الثلاثاء بأصداء عزم دولة قطر استثمار مبلغ يزيد على ستة مليارات دولار في بريطانيا خلال السنوات الخمس القادمة.
وتقول صحيفة الغارديان في تقريرها في هذا الصدد إن المستثمرين القطريين لم يكترثوا بقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويتطلعون لبناء استثمارات مهمة في الاقتصاد البريطاني.
ويرى تقرير الصحيفة أن مثل هذا الاستثمار يعزز طموح رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي وشعارها في أن تعود “بريطانيا عالمية” بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
ويضيف التقرير أن العرض القطري جاء في مؤتمر عقد في لندن الاثنين، أي قبيل يومين من الموعد المقرر لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويشير التقرير إلى أن المستثمرين القطريين يبحثون عن فرص أخرى للاستثمار إلى جانب استثماراتهم المهمة الحالية في بريطانيا، من أمثال القرية الأولمبية في شرق لندن ومبنى برج شارد، الذي يعد أعلى بناية في بريطانيا،فضلا عن متجر هارودز واسهمهم في سلسلة متاجر سينزبيري.
ستتركز استثماراتنا في بريطانيا على الطاقة والبنية التحتية والعقارات والخدمات وقطاعات اخرى”
الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني, رئيس الوزراء القطري
ويلمح التقرير الى أن ضعف قيمة الجنيه الاسترليني بعد الاستفتاء في يونيو/حزيران للخروج من الاتحاد الأوروبي شجع المستثمرين الاجانب على شراء الأسهم والاصول في بريطانيا، بيد أن الاقتصاديين يحذرون من أن الاستثمار الاجنبي المباشر في بريطانيا سيتضاءل على المدى الطويل إذا عقدت البلاد صفقات تجارية غير مرغوبة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي أو تضررت مكانة لندن كمركز مالي عالمي بعد الخروج.
وترى الصحيفة أن خطط الاستثمار القطرية قد اثلجت صدر الحكومة البريطانية التي تؤكد على أن الاقتصاد البريطاني يمكن أن يزدهر خارج الاتحاد الأوروبي.
وتضيف أن رئيس الوزراء القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، قال في بيان خلال مؤتمر التجارة والاستثمار البريطاني القطري “خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة ستستثمر قطر 5 مليارات جنيه استرليني في الاقتصاد البريطاني عبر صناديق استثمارية مختلفة وشركاء ذوي صلة في قطر”.
تستثمر قطر حاليا نحو 40 مليار جنيها استرلينيا في بريطانيا في عدد من المشاريع من بينها مبنى برج شارد
وأضاف “ستتركز استثماراتنا في بريطانيا على الطاقة والبنية التحتية والعقارات والخدمات وقطاعات اخرى”.
وقال وزير المالية القطري علي شريف العمادي في المؤتمر ذاته إنه واثق من أن بريطانيا ستحقق “مستقبلا جيدا” خارج الاتحاد الأوروبي.
قطر وسيمنز
وربطت صحيفة الديلي تلغراف في تغطيتها بين الإعلان القطري وتأكيد عملاق الصناعة الالمانية، شركة سيمنز، التزامها بدعم موقف لندن بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، مع تأكيد مديرها التنفيذي يورغن ماييه على أن “لندن وبريطانيا (عموما) ستظل سوقا مهما لنا ومكانا جيدا للعمل التجاري. وعلى الرغم من عدم وضوح التفاصيل الدقيقة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أننا ملتزمون مع لندن على المدى الطويل”.
وتوضح الصحيفة أن المجموعة الصناعية الألمانية توظف 15 الف موظف في بريطانيا، كما تستثمر 160 مليون جنيه استرليني في مشاريع استخدام التوربينات الهوائية لتوليد الطاقة في بريطانيا.
وتخلص الصحيفة إلى القول إن آمال بريطانيا بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي تعززت عبر هذا الدعم من المستثمرَين العالميين المهمين، الأمر الذي قلل من المخاوف بشأن وضع الاقتصاد البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
لندن وبريطانيا (عموما) ستظل سوقا مهما لنا ومكانا جيدا للعمل التجاري. وعلى الرغم من عدم وضوح التفاصيل الدقيقة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أننا ملتزمون مع لندن على المدى الطويل.
يورغن ماييه, المدير التنفيذي لشركة سيمنز الألمانية
وتضيف صحيفة الفايننشال تايمز في تقريرها في الموضوع نفسه أن هذا الإعلان جاء محفزا لتريزا ماي التي تستعد لبدء اجراءات خروج بريطانيا الرسمية من الاتحاد الأوروبي غدا، مضيفة أن رئيسة الوزراء ومسؤولين رفيعين قد سعوا للحصول على هذه الاستثمارات خلال الأشهر التسع الماضية بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويلمح تقرير الصحيفة إلى أن ليس جميع الوعود الاستثمارية القطرية السابقة في البنى التحتية البريطانية قد تحقق، ففي عام 2013 دخل المسؤولون البريطانيون في مناقشات بشأن استثمار يصل إلى 10 مليارات من الجنيهات الاسترلينية، ومن المحتمل أنه يشمل مفاعلا نوويا جديدا في هينكلي بوينت ومشروع قناة الصرف الكبيرة المسمى “تايمز سوبر سيوير”.
ويضيف التقرير: لكن في الواقع كانت شركة “تشاينا جينرال نيوكلير” الصينية هي من استثمر في هينكلي بوينت، ولم يحصل مشروع قناة الصرف على تمويل قطري مباشر.
مسعود وواتس أب
وواصلت صحف الثلاثاء اهتمامها بتوابع الهجوم في وستمنستر وسط العاصمة البريطانية. وقد خصصت صحيفة الغارديان مقالا افتتاحيا وآخر في صفحتها الأولى لذلك.
خالد مسعود
الشرطة أكدت في وقت سابق أن خالد مسعود تصرف بمفرده
وتقول الصحيفة إنه قد تكشف أن المهاجم خالد مسعود كان لديه اهتمام واضح بالتطرف الجهادي وإن اساليبه كانت مجرد صدى لخطابات قيادي تنظيم الدولة الإسلامية، بحسب تحقيقات سكوتلانديارد.
وتضيف أنه بعد ستة أيام من التحقيق، قال نيل باسو، نائب المفوض المساعد لشرطة العاصمة البريطانية وأحد كبار المسؤولين عن سياسات مكافحة الارهاب في البلاد، إنه ليس ثمة أدلة عن أن مسعود قد ناقش خطط هجومه مع آخرين، لكنه أوضح أن اتصالات المهاجم في الأربعاء الماضي، عندما هاجم بسيارته المارة على جسر وستمنستر وطعن رجل شرطة ليودي بحياة أربعة اشخاص، ما زالت هي محور التحقيق في القضية.
وتفيد تقارير أن هاتف مسعود النقال كان على اتصال بخدمة رسائل مشفرة في تطبيق واتس أب قبيل الهجوم مباشرة.
وترى الصحيفة في مقالها الافتتاحي في هذا الصدد، أن مطالبة وزارة الداخلية البريطانية لكبار الشركات الرقمية، ومنها الشركة المالكة لواتس أب، تخفيف نظام تشفير الرسائل فيها، كي تتمكن من فك شفرات رسائل الارهابيين، هو مطلب غير واقعي.
وتبرر الصحيفة استنتاجها بالقول إن أي تخفيف للتشفير لن يكون انتقائيا بل سيشمل الجميع، والناس الأبرياء الذين لا علاقة لهم بالإرهاب.
واتساب يتعرض لهجوم من الحكومة البريطانية لمنعه الإطلاع على الرسائل المشفرة حتى لجهات إنفاذ القانون
ونضيف أنه اذا كانت الحكومة تعتقد أنها ستقنع شركات مثل فيسبوك (التي تمتلك واتس أب) بإصدار نسخة مخففة التشفير من تطبيقها خاصة بالمستخدمين البريطانيين، فإن ذلك يبدو تفاؤلا بعيد المنال، إذ لا يمكن لأي شركة أن تضحي بسمعتها وبالتالي بحصتها من السوق بهذه الطريقة، كما إن المجرمين الحقيقيين قد يجدون دائما وسائل بديلة، حسب تعبير الصحيفة.
ضرائب أرامكو
وفي شأن اقتصادي آخر تنشر صحيفة الفايننشال تايمز تقريرا يشير إلى أن الحكومة السعودية قد قللت معدل الضريبة بالنسبة لشركة النفط السعودية أرامكو، في محاولة لجذب المستثمرين والبحث عن أعلى تخمينات ممكنة قبيل الموعد المقرر لتقديم الشركة عطاءات اكتتاب أولية بشكل عام على نسبة من اسهمها.
ويقول التقرير إن مرسوما ملكيا صدر أمس يقضي بإعادة تحديد معدلات ضريبة الدخل على منتجي الهايدروكاربونيات في المملكة، وإن المعدل بالنسبة لأكبر المنتجين، ومن ضمنهم شركة أرامكو السعودية، انخفض من 85 إلى 50 في المئة.
وتوضح أن التخفيض بأثر رجعي يبدأ من الأول من يناير/ كانون الثاني، مشددة على أن المرسوم لم يشر بالاسم إلى شركة أرامكو إلا أنه يبدو أنه قد صمم لتسهيل بيع 5 في المئة من هذه الشركة التي تعد أكبر منتج للطاقة في العالم.
وتشير الصحيفة الى أن المسؤولين السعوديين يعتقدون أن قيمة أرامكو هي ترليونيا دولار، لكن المحللين يحذرون من أن معدل الضريبة المرتفع على الشركة يجعلها أقل جذبا للمستثمرين من منافساتها من الشركات العالمية.
“مدنيو الموصل ضحايا النصر السريع”
وتنشر صحيفة التايمز مقال رأي عن المعركة الجارية لاستعادة مدينة الموصل في الشمال العراقي كتبه مراسلها، انتوني لويد، ويرى فيه أنه تتم التضحية بالمدنيين هناك من أجل تحقيق نصر سريع، بحسب تعبيره.
ويستند الكاتب الى تقرير نشرته الصحيفة ذاتها الخميس عن عدد الضحايا الكبير في صفوف المدنيين في الجانب الغربي من الموصل جراء الغارات الجوية والقصف المدفعي، الذي يرى أنه يرعب المدنيين كما العنف الذي تعرضوا له على ايدي مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
ويقول الكاتب إنه تحدث إلى فتاة تدعى أمل أحمد، وهي مصابة اخرجت من تحت الأنقاض بعد ما يشتبه أنها ضربة جوية دمرت ستة منازل ودفنت العشرات تحت الانقاض.
وينقل عن أمل قولها إن الشارع الذي تعيش فيه “قد اختفى بمجمله” جراء الضربة الجوية، التي تصر على أنها لطائرات التحالف، وطالت بيتها في حي الموصل الجديدة.
تصاعد وتيرة سقوط ضحايا بين المدنيين في معارك الجانب الغربي من الموصل مقارنة بجانبها الشرقي
وتضيف أمل أن امر اخراجها وعائلتها من تحت الأنقاض استغرق يومين، وإن هناك 144 شخصا ما زالوا تحت الانقاض، وأن رائحة تعفن الجثث بدأت تنتشر في المكان، كما يمكن سماع أصوات بعض من بقوا أحياء تحت الانقاض يطلبون المساعدة.
ويشير المراسل إلى أن أمل قد نقلت إلى مركز اغاثة مع ابنتها داليا البالغة من العمر 12 عاما التي تعرضت إلى اصابات بالرأس والعين والأذن، وزوجها عبد الله الذي تعرض إلى اصابة شديدة أسفل عموده الفقري وتعفن جرح في مفصله مما قد يؤدي إلى بتر قدمه.
ويخلص إلى أن استراتيجية تحقيق نصر سريع بالقصف والضربات الجوية الواسعة بدلا من القتال من بيت إلى بيت، الذي يوقع خسائر كبيرة في صفوف القوات الحكومية، قد تؤدي إلى بعث تنظيم الدولة الإسلامية على المدى الطويل بدلا من هزيمته السريعة.
ويشدد الكاتب على أن نحو 650 ألف نسمة من المدنيين في الموصل كانوا رهائن لدى مسلحي الجماعة الإرهابية، ويجب ان يكون هدف العملية العسكرية انقاذهم، واذا أصبح هذا الهدف ثانويا، كما يبدو الان من الاهتمام بتدمير تنظيم الدولة الإسلامية بأسرع وقت ممكن، فإن النتيجة تحبط أي مصالحة بين سكان المدينة الذين يعانون من صدمة ما تعرضوا له وكونهم الضحية الاساسية لمسلحي التنظيم، والحكومة العراقية.
ويعود الكاتب ليستشهد بأمل التي تقول وهي تهدهد ابنتها الجريحة “أنا غاضبة من كل الأطراف، لم نكن نحن الذين هربنا من المدينة وتركناها لداعش(تنظيم الدولة الاسلامية). الجيش هو الذي هرب وتركنا نعاني. والآن عادوا مدعومين بطائرات التحالف، ونحن من يدفع الثمن” أيضا.