الحارث الحصني
شرع الاحتلال الإسرائيلي منذ عدة أيام بحملة شرسة على مناطق متفرقة من الأغوار الفلسطينية واهلها، تمثلت بهدم العديد من المساكن والبركسات، وتوزيع العديد من إخطارات الهدم والاخلاء، الا ان تجريف شبكات المياه بحجة عدم الترخيص، كانت الضربة الاكثر ايلاما، كما يروي مزارعون فلسطينيون.
وفي حين كانت الجرافات الاسرائيلية، تقوم بجرف احلام المزارعين الفلسطينيين بموسم زراعي جيد بعد ان قطعت المياه عن حقولهم، تنعم المستوطنات القريبة والجاثمة على اراضي الموطنين عنوة، بالماء الوفير.
واعتاد الاحتلال على مدار سنين خلت، سوق العديد من الحجج والذرائع كعدم الترخيص لهدم المنشآت، والمناطق العسكرية المغلقة، في منع الناس من زراعة أراضيهم، وغيرها من تلك الادعاءات الممجوجة.
في حقيقة الأمر، فإن هذه الأراضي يمتلك اصحابها أوراق “طابو” تثبت قانونيتها، لكن رغم ذلك فإن الاحتلال لا يعطي لتلك الأوراق أي معنى.
وحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان لها أمس الجمعة، من تداعيات وآثار سياسة التطهير الإسرائيلية المتواصلة في منطقة الأغوار، والتي وصفتها بأنها أصبحت أكثر شراسة.
ورأت الوزارة ان الصمت الدولي على هذه الانتهاكات المتواصلة، بات يشجع الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة على التمادي في تدمير مقومات وجود الدولة الفلسطينية القابلة للحياة وذات السيادة”.
يقول نمر حروب، وهو أحد سكان منطقة ابزيق شرق طوباس، “نسكن في الشتاء في أرض استأجرناها من أصحابها (…)، كل شيء قانوني، لكن الاحتلال هدم مساكننا خلال السنوات الثلاث الماضية، بحجة تواجدنا في مناطق عسكرية مغلقة”.
وقال الخبير في شؤون الاستيطان والانتهاكات الاسرائيلية، عارف دراغمة، “هناك سياسات يتبعها الاحتلال للقضاء على الوجود الفلسطيني في مناطق الأغوار”.
“يهدم منشآت بحجة عدم الترخيص، يستولي على معدات، يخلي سكان المناطق من بيوتهم في الليل والنهار، لإجراء التدريبات العسكرية”. يقول دراغمة.
وقبل يومين احتجز الاحتلال مواطنين اثنين كانا يعملان في أرضهما؛ بحجة أنها مناطق عسكرية مغلقة.
قال دراغمة، وهو أحد الذين يوثقون الاحداث اليومية في الأغوار، “في فصل الشتاء بمنع الاحتلال المزارعين من زراعة مناطق واسعة من أراضيهم، وما يزرعه الفلاح يدمره الاحتلال في الشتاء جراء تدريباته، أو يحرقه في الصيف”.
“قدرت مساحة الأراضي المزروعة في المحاصيل البعلية التي دمرها الاحتلال العام الماضي بـ20000 دونم”. يضيف.
وفي الوقت الذي يضيق الاحتلال على سكان المضارب البدوية في الأغوار، بدأت حركة دؤوبة للمستوطنين منذ شهور في بناء معرشات وبؤر استيطانية جديدة، عدا عن استيلائهم على مساحات واسعة من المراعي.
ثم أيضا فإن كل هذه الأمور كانت تجبر عشرات العائلات على الرحيل من أماكن سكناها والبحث عن بدائل. قال عارف.
ويضيف، “خلال العام الحالي سجل أكثر من 150 إخطارا بالإخلاء؛ بحجج التدريبات العسكرية، واكثر من 35 عملية استيلاء على معدات زراعية وفرض غرامات مالية عليها.
“استولوا على جراري الزراعي في شهر كانون الثاني لهذا العام، وفرضوا غرامة مالية قدرها 1969 شيقلا” قال نمر.
وفي الوقت الذي يرى الفلسطينيون أنه لا يمكن أن يكون هناك حل في المنطقة دون الأغوار، يرى الاحتلال في الجهة المقابلة يقود حملات دون تقف ضد الأغوار وسكانها ومواردها الطبيعية.
ولعل موضوع الماء من أكثر المواضيع الشائكة في تلك المنطقة التي تعد الأكبر في فلسطين في زراعة الخضراوات، ومنذ أيام هدمت جرافات الاحتلال شبكات مياه في الأغوار بحجة عدم الترخيص.