الرئيسية / جرائم وانتهاكات / فلسطينيو 48: قانون “القومية” إعلان حرب وتكريس لدولة الأبارتهايد

فلسطينيو 48: قانون “القومية” إعلان حرب وتكريس لدولة الأبارتهايد

أثارت مصادقة لجنة حكومية إسرائيلية على مشروع قانون “القومية” القاضي باعتبار”إسرائيل البيت القومي للشعب اليهودي”، استنكارا واسعا في أوساط فلسطيني الداخل الذين عدّوه بمثابة “إعلان حرب على هويتهم وثقافتهم”.

وصادقت “اللجنة الوزارية لشؤون التشريع” التابعة للحكومة الإسرائيلية، الأحد الماضي، على مشروع القانون الذي ينّص على أن “إسرائيل هي الدولة القومية لليهود، ولغتها هي العبرية، والحقوق القومية تمنح فقط لشعبها اليهودي؛ بما في ذلك حق تقرير المصير المقتصر عليهم”.

“عنصرية بأحكام القانون”

ورأى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، أن لقانون “القومية” المطروح مجدّدا “بصيغة أشد تطرفا من السابق” أهداف عدّة؛ من بينها “سد الطريق أمام تسوية الصراع، وتكريس الرواية الإسرائيلية عن فلسطين، فضلا عن الحد من إمكانية تطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم”.

وأضاف شلحت ان للقانون أيضا أهداف داخلية؛ من بينها “ترجيح وتغليب المركب اليهودي الإسرائيلي على المركب الديمقراطي، بمعنى تكريس التميز العنصري ضد فلسطينيي الداخل إلى الأبد ومحاربة أي اتجاهات ليبرالية أو ديمقراطية داخل المجتمع الإسرائيلي، بالإضافة إلى تكريس أفكار وتوجهات اليمين المتطرف”.

وأوضح مدير وحدة “المشهد الإسرائيلي” في المركز الفلسطيني للدراسات، أن المصادقة على مشروع القانون جاءت في ظل أجواء يشتد فيها التنافس بين الأحزاب الإسرائيلية لإثبات الأكثر يمينية والأشد تطرفا من الآخر، وبالتالي كسب المزيد من التأييد والأصوات الانتخابية.

واعتبر شلحت الذي ينحدر من مدينة عكا الساحلية شمال الأراضي المحتلة عام 1948، أن القانون لن يؤثر على هوية فلسطينيي الداخل، قائلا “هذه مسألة تخصّهم وحدهم أكثر ممّا تخص القوانين الإسرائيلية، وهم حافظوا على هويتهم منذ النكبة وحتى اليوم، ولكن سيكون هناك إسقاطات على حقوقهم المدنية”.

وبيّن أن فلسطينيي الداخل في نظر القانون الإسرائيلي هم مواطنون في الدولة العبرية، غير أن هذه المواطنة منقوصة والقانون الجديد سيجعلها منقوصة أكثر بحكم القانون الذي سيكرس التمييز ضدهم؛ “بمعنى آخر سيكون التمييز العنصري في المستقبل بأحكام الدستور”.

ووفقا لشلحت؛ فإن قانون “القومية” سيؤدي إلى “اهتزاز صورة إسرائيل وتفاقم خسائرها؛ لا سيما ازدياد عزلتها في العالم”.

“تهجير للهوية والثقافة”

من جانبه، اعتبر النائب العربي في الـ “كنيست”، مسعود غنايم، أن مشروع القانون الجديد ينطوي على محاولة لاستهداف الوجود الفلسطيني في الداخل المحتل، قائلا “بعد أن فشلت إسرائيل في تهجيرنا بالقوة من أراضينا، تقوم اليوم بتهجيرنا قانونيا وتحاول تجريدنا من كل شيء حتى من لغتنا والثقافة وهويتنا وانتمائنا”.

وأضاف غنايم ان “المصادقة على هذا القانون في هذا الوقت بالذات ليس مفاجئا؛ حيث التركيبة اليمينية الحكومية والبرلمانية على حد سواء، وإسراع نتنياهو بالمصادقة عليه يكشف عن نواياه السياسية والإنتخابية، والمتمثلة بكسب تأييد اليمين وتوجيه ضربه إستباقية لأي مبادرة سلام لتسوية الصراع”.

وبيّن أن “يهودية الدولة هو الموضوع الأساسي الذي يريد نتنياهو وضعه على طاولة أي مفاوضات قادمة وهو الأداة والآلية التي يريد من خلالها تحجيم وإقصاء الحق العربي في هذه البلاد”، وفق تقديره.

وأكّد على أن قانون “القومية” ينطوي على محاولة لإقصاء الفلسطينيين في الداخل عن المشهد برمّته؛ بحيث طال القانون اللغة العربية التي لم تعد لغة رسمية وتم إعادة تصنيفها إلى “لغة لها مكانة خاصة في الدولة”، وهو ما يؤكد المساعي الإسرائيلي لمحو أي مظهر يشير إلى الوجود العربي داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

وفي الوقت ذاته، قلّل النائب العربي من قدرة القانون المذكور على تهويد فلسطينيي الداخل، قائلا “إسرائيل فشلت في تهويدنا على مدار 69 عاما مضت، رغم سياسة التضييق والتهميش والتمييز العنصري، وعلى العكس سيزيدنا هذا القانون تمسكا بهويتنا وثقافتنا ولغتنا”، بحسب تصريحات غنايم لـ “قدس برس”.

مواطنون من الدرجة الثانية

من جانبها، وصفت النائب عايدة توما قانون “القوميّة” بـ “قمّة القوانين العنصريّة الإسرائيلية التي تستهدف المكوّن العربي في البلاد”.

وأضافت توما  “هذا القانون يقرّ بشكل واضح ورسمي أن في دولة إسرائيل لا أهميّة لمصطلح المواطنة، وأن انتماء الشخص لليهوديّة من عدمه هو الذي يقرر مواطنته (…)، وبهذا القانون تقرّ الحكومة بأنها في العرب مواطنين من الدرجة الثانية وتسلب منهم حقّهم بالاعتراف باللغة العربيّة كلغة رسمية، هذا وبالإضافة الى مسّها بوجودهم في البلاد وسلبهم حقّهم بالمساواة الكاملة كأقليّة قوميّة أصلانيّة”.

واعتبرت النائب العربية في الـ “كنيست” عن “القائمة العربية المشتركة”، أن القانون “هو بالفعل عمليّة لتصفيّة كل احتمال لحلّ سياسي مستقبلي لإحقاق السلام العادل والشامل في المنطقة”.

وقالت “هذه الحكومة تخشى وتتهرّب من تعريف حدود دولة إسرائيل، وتسعى لضمّ مناطق عربيّة إلى سيطرتها بشكل فعّال، وتأتي الآن بهذا القانون لتقول إن للشعب اليهودي فقط الحقّ بتقرير مصيره، نافية بذلك حق الشعب الفلسطيني في الأمر ذاته عندما لا تحدد عن اي منطقة جغرافيّة يتمّ الحديث”.

كما رأت أن “تعريف إسرائيل كدولة الشعب اليهودي في قانون أساس إجهاض لأي إمكانيّة لإحقاق السلام في المنطقة”

“قانون أبارتهايد”

بدوره، رأى النائب العربي في الـ “كنيست”، يوسف جبارين، أن قانون “القومية” هو “قانون أبارتهايد بامتياز، يعمّق التمييز بين اليهود والعرب في البلاد أكثر فأكثر، من خلال إرساء تشريعات تمييزيّة في قانون أساس يحمل صبغة دستورية”.

وقال جبارين في بيان له، موضحا “لا يقتصر التمييز في القانون على المجالات الرمزيّة كتعريف الدولة ورموزها فحسب، بل يمضي إلى ما هو أخطر وأبعد من ذلك؛ حيث يتغلغل إلى المجالات التي تلامس جذور المكانة القانونيّة للعرب الفلسطينيين، وخاصًة قضايا تقرير المصير والمواطنة واللغة والأراضي والثقافة والدين وغير ذلك؛ وبهذا تؤسس البنود المختلفة لمشروع القانون لفوقية قومية رسميًّة في القاعدة الدستوريّة في إسرائيل، من خلال تحديدها أنّ الأصل القومي اليهوديّ يشكّل قاعدة التمتّع بهذه بالامتيازات، دون توفير ترتيبات موازية للمواطنين العرب”.

وشدّد على ضرورة عدم الاستهانة بخطورة هذا القانون وبأهمية الرّد عليه من خلال “طرح خطاب بديل، يفسّر الموقف الديمقراطي والإنساني والأخلاقي الرافض لهذا القانون، ويوضّح الإسقاطات الخطيرة على مكانة المواطنين العرب الفلسطينيين، أهل البلاد الأصليين”.

وأضاف “القانون يتنكّر لحقنا الأساسي بمواطنة متساوية في وطننا، وبحقوقنا الجماعية، ويضعنا في خانة الضيوف على أرضنا دون حقوق، بل يجعلنا، دستوريا، سكانًا بلا دولة”.

“شرعنة الإقصاء”

ورأى المحامي نضال عثمان، من “ائتلاف مناهضة العنصرية”، في القانون الذي صادقت عليه “لجنة شؤون التشريع” الوزارية الإسرائيلية، الأحد الماضي، محاولة لـ “شرعنة إقصاء العرب”.

وقال المحامي الفلسطيني في بيان له، “القانون تحريضي بالدرجة الأولى ويمس بالمواطنين العرب؛ حيث يؤكد على أنّ مواطنتهم هي درجة ثانية وأنهم خارج الحيز العام الإسرائيلي، مما يعني شرعنة إقصائهم”.

وأضاف “من نافل القول أنّ الحديث عن قانون آخر يضاف إلى سلسة أخرى من القوانين، والتي عوضًا عن قيامها بتعزيز الشراكة بين فئات المجتمع في إسرائيل، تعمل على تعزيز التباعد والإقصاء والتغريب لبعض فئات المجتمع عن مؤسسات الدولة التي من المفروض أن تخدم كل مواطني البلاد”.

عن nbprs

شاهد أيضاً

المقررة الأممية ألبانيز: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بأسلحة أميركية وأوروبية

قالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز، إنه …