حذّر الخبير البيئي ورئيس وحدة الأبحاث في مركز العمل التنموي جورج كرزم من أن نسب تلوث الهواء خلال عام 2016 في محيط المنطقة الصناعية الإسرائيلية بالقدس المحتلة المسماة “عطاروت”، كان أعلى بكثير من المسموح به عالميا خلال نحو ثلثي أيام السنة.
واستناداً إلى ما أعلنته وزارة البيئة الإسرائيلية، إثر انتهائها من عملية فحص طويلة لجودة الهواء جرت في تلك المنطقة.
وقد تبين بأن التلوث وصل إلى مستويات مرتفعة، خاصة التلوث الناجم عن الجسيمات الدقيقة الملوِّثة التي مصدرها الغبار الصناعي من المصانع الإسرائيلية المنتشرة في مجمع “عطاروت”؛ علما أن تلك الجسيمات تخترق الجهاز التنفسي، ما يشكل خطرا جديا على الأهالي الفلسطينيين القاطنين في محيط المجمع الصناعي الإسرائيلي، خاصة المجموعات السكانية الحساسة مثل مرضى القلب، المسنين والنساء الحوامل.
وأشار كرزم إلى أن مستعمرة “عطاروت” الصناعية تقع قرب الطريق الذي يصل مدينة رام الله بالقدس، وتحديدا على أراضي بلدة قلنديا الفلسطينية شمالي مدينة القدس وجنوب مدينة رام الله التي تبعد عنها نحو أربعة كيلومترات.
نهب أراضي قلنديا
مسح خاص لمجلة آفاق البيئة والتنمية التي يرأسها كرزم بيّن وجود العديد من المصانع في المجمع الصناعي “عطاروت”، بالإضافة إلى خمس محطات ترحيل نفايات الإنشاءات الإسرائيلية.
أبرز وأخطر الصناعات التي ينبعث منها كمية كبيرة من الغبار الملوث، هي عبارة عن ثماني مصانع اسمنت مرخصة من بلدية الاحتلال في القدس ووزارة البيئة الإسرائيلية، وتفتقر لوسائل وتقنيات تقليل التلوث.
ووفق كرزم، فقد كشفت قياسات وزارة البيئة الإسرائيلية عن انبعاث جسيمات ملوثة خطيرة في هواء المنطقة الصناعية “عطاروت” وذلك خلال 221 يوما من عام 2016.
وقد وصلت مستويات التلوث أحيانا أكثر من سبع مرات من المستوى المسموح به.
وبحسب معطيات كرزم، فإن المجمع الصناعي “عطاروت” يتميز بالعشوائية التنظيمية ويفتقر للإدارة الفعالة، كما أن مستوى صيانة المساحات العامة والطرق وساحات المصانع متدنية جدا.
كما تبين لامبالاة بلدية الاحتلال بالنواحي الصحية والبيئية العامة لهذا المجمع، وانعدام برنامج معالجة لتحسين الحالة البيئية وتقليل تلوث الهواء.
مثل هذا البرنامج يفترض أن يشمل تخطيطا للمراقبة والإنفاذ من قبل فرق التفتيش البلدية؛ بما في ذلك إمكانية استخدام الكاميرات لغرض الردع والإنفاذ والتنظيف المستمر للطرق.
“الجيل الجديد”
وفي عددها الصادر في أيلول 2015، كشف كرزم من خلال مجلة “آفاق” عن قيام شركة “غْرِين نِت” الإسرائيلية، في حزيران من العام ذاته، بإنشاء منشأة لمعالجة النفايات في المنطقة الصناعية “عطاروت”.
وزعمت الشركة الإسرائيلية في حينه بأن المنشأة عبارة عن “الجيل الجديد” لأجهزة الفصل والتدوير، وهي ستعالج نحو نصف نفايات القدس المحتلة.
وتعمل شركة “غْرِين نِت” على فصل النفايات وفرزها لأنواعها المختلفة ومن ثم يتم تحويلها إلى مواقع التدوير.
واللافت أن الشركة أقامت مشروعا إسرائيليا قرب قرية العوجا في الأغوار المحتلة لمعالجة النفايات العضوية الإسرائيلية من المستعمرات في الضفة وإسرائيل ذاتها، وذلك بالتعاون مع بعض الفلسطينيين!.
كما كشف كرزم في حينه، فإن المنشأة الإسرائيلية – الفلسطينية المشتركة (التطبيعية) قرب قرية العوجا، يفترض أن تستوعب بشكل أساسي الحمأة السامة الناتجة عن محطات التنقية الإسرائيلية، بالإضافة لبعض الحمأة الفلسطينية؛ علما أن كمية الحمأة الفلسطينية ضئيلة أصلا لعدم وجود محطات تنقية فلسطينية فعّالة.