بين تقرير أن الاحتلال الإسرائيلي يفاقم التصحر والجفاف، من خلال مواصلة سياسات الاستيطان، ونهب الموارد الطبيعية، والسيطرة عل المصادر المائية، ما يستدعي تدخلا دوليًا لوقفه.
جاء ذلك في تقرير أصدره مركز التعليم البيئي التابع للكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسةالجمعة، لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الذي يوافق السابع عشر من حزيران/يونيو.
وقال البيان إن المساحة الإجمالية للأراضي في الضفة الغربية وغزة قبل النكسة كانت حوالي 6 ملايين دونم، ومنذ عام 1967 بدأت الزراعة بالتراجع بفعل الاحتلال، إذ كانت مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي قبل النكسة عالية جدا، واعتبرت العمود الفقري للاقتصاد.
وكان 75% من القوى العاملة يشتغلون بالزراعة والقطاعات المكملة لها. بينما تساهم في فلسطين بـ 12% من التشغيل، و6,3 % من الناتج المحلي الإجمالي.
فيما كانت المناطق الزراعية في قطاع غزة عام 1999 تشكل 258.33كم2، وفي عام 2011 بلغت نحو 228 كم2، أما في عام 2016 فأصبحت 173 كم مربع.
وتابع أن أكثر من ثلثي الغابات التي كانت تكسو معظم الأرض الفلسطينية أي ما نسبته 70.7%، تضررت بفعل الإجراءات الإسرائيلية، إذ تراجعت من 301 كم2 عام 1967 إلى 88,2 كم2 عام 2006.
وأوضح البيان أن الاحتلال ينهب بشكل مباشر 85% من مصادر المياه الفلسطينية، ويستولي سنويًا على 741 مليون متراً مكعباً من مياه الضفة وغزة.
وبحسب التقرير فإن الفلسطينيون لا يحصلون سوى على 15% من نسبة المياه المتجددة، والبالغة 2600 مليون متر مكعب. ويسيطر الاحتلال على 350 بئراً ارتوازياً، وتمنع الاستفادة من مياه البحر الميت، ونهر الأردن، والحوضين الغربي والشمالي الشرقي.
يفاقم التصحر
فيما اقتلع بين عامي 2000 و2007 نحو مليون ونصف المليون شجرة. وساهم الاستيطان بأكثر من 144 مستعمرة، والعديد من البؤرة الاستيطانية، وسياسة مصادرة الأراضي، وإقامة المعسكرات والطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري بطول 786 كيلومتراً (منها 467 قائمة)، في تدهور الأرض الفلسطينية وتشويهها، وقلع أشجارها وتدمير تنوعها الحيوي، وإحداث خلل في بنيتها، وتوزيع المواطنين الطبيعي فوقها.
وأظهرت البيانات الرسمية لجهاز الإحصاء والأرصاد الجوية الفلسطينية، خلال العام 2016 أن كميات المطر تراوحت ما بين 681 ملم في محطة نابلس، 107 ملم في محطة أريحا، في حين أن المعدل السنوي لسقوط الأمطار في محطة نابلس يبلغ 660 ملم وفي أريحا 166 ملم. أما على مستوى كميات الإمطار فقد تركزت في معظم المحافظات في كانون أول وكانون الثاني.
وكشفت بيانات الأرصاد الجوية للعام 2016 أن درجات الحرارة العظمى مالت إلى الارتفاع عن المعدل العام في معظم المحطات. وبلغ أعلى ارتفاع عن المعدل العام في محطة طولكرم بواقع 3.5 درجة، فيما بلغ أقل فرق في محطة جنين بانخفاض بواقع 0.1 درجة.
أما بالنسبة لمعدل عدد ساعات سطوع الإشعاع الشمسي خلال 2016 فقد تراوحت ما بين 8.8 ساعة/ يوم في محطة أريحا و8.3 ساعة/ يوم في محطة الخليل، مقارنة مع 2015 فقد تراوحت ما بين 8.6 ساعة/ يوم في محطة رام الله و8.4 ساعة/ يوم في محطتي الخليل وجنين.
عالمياً، قال التقرير إن معدلات درجات الحرارة في المنطقة ارتفعت بمعدل 1- 1.2 درجة مئوية في بداية القرن العشرين، ما أدى إلى تخفيض معدلات الأمطار بنسبة 10%.
وأطلق التقرير نداءً للمؤسسات الوطنية المختصة من أجل توظيف انضمام فلسطين إلى المعاهدات الدولية، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ نهاية العام 2015، وتوقيعها في نيسان 2016 على اتفاقية باريس للتغير المناخي في سبيل محاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتواصلة بحق البيئة، وتفعيل فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن جدار الفصل العنصري.
وقال إن مكافحة التصحر تتطلب خطوات عاجلة، في مقدمتها تنفيذ قانوني البيئة والزراعة، واعتماد إجراءات عاجلة حفاظاً على الأراضي الزراعية والتربة ومنع الرعي والقطع الجائر للأشجار، وتجريم تجريف الأراضي الزراعية، وتلويثها بمخلفات مقالع الحجارة والمياه العادمة. كما إن ربط البيئة ببرامج التنمية وخططها وسياساتها مسألة مهمة للبدء بمكافحة التصحر وفق رؤية شاملة.
ودعا وزارة الزراعة واتحادات المزارعين والأطر العاملة في حماية الأرض إلى تشجيع انتقاء أصناف مناسبة من المحاصيل والنباتات والأشجار، تتوافق حاجتها من الماء مع واقعنا الصعب، ودعم وتنفيذ بنود الاستراتيجية الوطنية، وبرنامج العمل الوطني واستراتيجية التمويل المتكاملة لمكافحة التصحر. في وقت يتطلب الجفاف انتهاج الإدارة السلمية لمصادر المياه هذا الصيف، وبخاصة في ظل الشح الخطير في المياه بسبب نهب الاحتلال لها، ونظرًا لظروف الجفاف والارتفاع الحاد في درجات الحرارة.
وقال المركز إن تصويب ممارساتنا الزراعية أمر ممكن، من خلال تأسيس بنك للمحافظة على البذور البلدية، وتبني الزراعات العضوية، وتقليل استخدام الأسمدة والمبيدات الكيماوية والبذور المعدلة وراثيًا، وانتقاء نباتات أصلية والكف عن زراعة أشجار دخيلة، لتداعياتها على الأرض والبيئة، وحثت الشعب الفلسطيني على العودة للاعتناء بالأرض وزراعتها، واعتماد الكمبوست (السماد الطبيعي) لحل مشكلة تراجع وضع التربة، ووضع حد لمشكلة النفايات الصلبة.
واستنادًا إلى المركز، فإن حدوث التصحر يعود إلى نوبات جفاف يتراوح استمرارها بين 5 و7 سنوات، إضافة إلى اختلال التوازن البيئي في المناطق التي أصابها التصحر جراء أنشطة الإنسان، كالرعي الجائر، وسوء إدارة الأرض واستخدامها.
فيما يؤثر تغيّر المناخ على تزايد ظاهرة التصحّر وتبقى الأنشطة البشرية السبب الرئيس في تدهور الأراضي كالإفراط في استغلال الأرض الذي ينهك التربة ويستنفذها، والرعي الجائر الذي يزيل الغطاء النباتي ما يُعرض التربة إلى التعرية والانجراف وبالتالي الفقدان، والقطع الجائر للأشجار وإزالة الغابات، وسوء إدارة الموارد المائية والتوسع العمراني، والفقر وتزايد الهجرة والنزوح السكاني الهائل.