بقلم : تيسير خالد
سلوك المشرعين في الكونغرس الأميركي في الموقف من الشعب الفلسطيني وحقوقه ، بما في ذلك الانسانية سلوك هجين . فهؤلاء يغضون النظر بشكل دائم عن جرائم الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني . ويعكس سلوكهم تدهورا أخلاقيا ونقصا شديدا في المناعة الانسانية في كل ما يتصل بحقوق الفلسطينيين وفي الأساس حقهم في الحياة وفي الحماية من انتهاكات جيش الاحتلال وعمليات الاعدام الميداني ، التي يمارسها على الطرق والحواجز العسكرية في طول الضفة الغربية ، بما فيها القدس الشرقية المحتلة .
فقد صادقت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي نهاية الاسبوع الماضي على قانون لوقف المساعدات السنوية التي تقدمها الادارة الاميركية إلى السلطة الفلسطينية والتي تبلغ 300 مليون دولار ، إلا إذا أوقفت السلطة صرف ما وصفتها اللجنة بأنها مبالغ مالية تكافئ الجرائم العنيفة وتتوقف كذلك عن توفير الدعم والرعاية لأسر ضحايا الاحتلال والإرهاب الاسرائيلي من شهداء وجرحى وأسرى الشعب الفلسطيني .
ورغم القناعة بضعف جدوى مخاطبة أعضاء الكونغرس الجمهوريين منهم والديمقراطيين ، خاصة في ظل الادارة الاميركية الجديدة ، وضعف جدوى تذكيرهم بمسؤولياتهم نحو ضحايا ارهاب الدولة المنظم ، الذي تمارسه دولة اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ، فلا بأس من عرض عدد من الحقائق ، التي تظهر مدى التدهور الاخلاقي ومدى النقص الحاد في المناعة الانسانية لدى هؤلاء الأعضاء أو لدى اغلييتهم الواسعة . فقد بلغت حصيلة انتهاكات وجرائم قوات الاحتلال على امتداد شهر تموز الماضي حدودا يجب أن تبعث على القلق لدى البرلمانات المتحضرة وأنصار حقوق الانسان . فقد سقط على امتداد الشهر الماضي أكثر من عشرين شهيداً فلسطينيا برصاص جيش الاحتلال من بينهم خمسة أطفال ، ليرتفع بذلك عدد الشهداء منذ مطلع العام الحالي إلى 65 شهيداً من بينهم 15 طفلا بينما أصيب بجراح أكثر من 1400 مواطنا فلسطينيا من بينهم عدد كبير من الأطفال ، حيث كانت أغلب الاصابات في مدينة القدس إثر الاحتجاجات الشعبية السلمية تماما ضد إجراءات الاحتلال في المسجد الاقصى .
ليس هذا فحسب ، إذ لا ضير من لفت انتباه الكونغرس الأميركي الى السياسة العنصرية التي تسير عليها سلطات الاحتلال ، التي تتوسع في العطاءات الاستيطانية بآلاف الوحدات السكنية للمستوطنين المستعمرين اليهود وتتوسع في الوقت نفسه بعمليات هدم منازل ومنشآت المواطنين الفلسطينيين ، حيث هدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال تموز الماضي 35 بيتاً ومنشأة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية المحتلة بينها اكثر من 20 بيتاً منها 3 بيوت أجبرت سلطات الاحتلال أصحابها على هدمها بأيديهم ، اختصارا لنفقات الهدم الباهظة على أيدي قوات الاحتلال.
انتهاكات حقوق الانسان لا تقف عند حدود أعمال القتل على أيدي جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين ومنظمات الارهاب اليهودي ، التي تتخذ من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية ملاذا آمنا في ظل حماية قوات الاحتلال ، أو عمليات هدم بيوت المواطنين الفلسطينيين بحجة البناء دون ترخيص أو البناء في المناطق الفلسطينية المصنفة بمناطق ( ج ) بل تتجاوز ذلك الى عمليات الاعتقال وزج الفلسطينيين في معسكرات اعتقال جماعية لا نظير لها في جميع دول العالم المتحضرة منها وغير المتحضرة . فقد قامت سلطات الاحتلال على امتداد الشهر الماضي وحده باعتقال نحو 650 مواطنا في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية بينهم عدد غير قليل من الاطفال دون سن 18 عاما ، الذين تفرض عليهم الغرامات في معسكر الاعتقال ( عوفر ) وحده خلال شهر تموز المنصرم بأكثر من 87 ألف شيقل في سرقة واضحة منظمة لأموال المواطنين أهالي هؤلاء المعتقلين.
من الصعب على هذه الرسالة السياسية بأبعادها الانسانية وبمعطياتها وحقائقها أن تصل الى هدفها ، بعد أن أوصد المشرعون في الكونغرس الأبواب في وجه الشعب الفلسطيني وحقه في العدالة ، ولكن حتى لو وصلت ، فإنها لن تجد آذانا صاغية لدى مشرعين يمارسون مع الشعب الفلسطيني ومع السلطة الفلسطينية سياسة ابتزاز فظ تنسجم تماما مع النقص الحاد في المناعة الانسانية لهؤلاء في كل ما يتصل بمعاناة الشعب الفلسطيني . الإدارة الامريكية ومعها الكونغرس تمارس سياسة الابتزازهذه ، في كل ما يتعلق برعاية منظمة التحرير الفلسطينية للأسرى والشهداء والجرحى وعائلاتهم ، وهي هنا لا تبقي أمام الجانب الفلسطيني غير خيار رفض هذا الابتزاز ورفض استخدام المساعدات لانتزاع التنازلات السياسية ومواصلة التأكيد بأنه سوف يواصل مسؤوليتة الوطنية والأخلاقية والإنسانية ، نحو ضحايا الاحتلال وضحايا ارهاب الدولة المنظم وضحايا قطعان المستوطنين ومنظماتهم الارهابية ، التي تتولى حكومة اسرائيل دعمهم وتوفر لهم الحماية والرعاية بمباركة من المشرعين في الكونغرس الأميركي .
*** عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
*** عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين