علقت صحف عربية على تطورات الأزمة السورية بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أن مطلب انسحاب الرئيس بشار الأسد لم يعد أولوية، وتواردت أنباء عن اتخاذ السعودية والإمارات المنحى نفسه.
تحت عنوان “سوريا.. نهاية اللعبة”، قال نور الدين بالطيب في صحيفة “الشروق” التونسية إن هذه القرارات التي تزامنت مع إعلان تركيا وقف الدعم المالي لمؤسسات المعارضة السورية “تدعم ضمنيا النظام السوري ضد ما يعرف بالمعارضة المسلٌحة المدعومة من رعاة الديمقراطية من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والدول الخليجية”.
ويضيف الكاتب أن “النٌظام السوري وحلفاؤه النظامان الإيراني والروسي قد انتصروا على المؤامرة التي استهدفت الشعب السوري منذ سبع سنوات والتي سقط بسببها آلاف الشهداء والضحايا تحت شعار (الربيع العربي) الذي تبين أنٌه ليس أكثر من وهم تمٌ ترويجه لتدمير الشعوب العربية وتخريب منجزات الدولة الوطنية”.
في السياق ذاته، يقول مكرم محمد أحمد في “الأهرام” المصرية “إذا كان الغرب قد اصطلح على ضرورة إنجاز التسوية السلمية للأزمة السورية لمنع المهاجرين السوريين من مغادرة أراضيهم والهجرة القسرية إلى أوروبا، كما اصطلح الروس والأمريكيون رغم خلافاتهم المتزايدة على ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة السورية، يصبح من المهم والضروري أن تتوحد مواقف العرب الآن على المساعدة على إنهاء عذابات الشعب السوري، والمساعدة على عودة الاستقرار إلى سوريا بصرف النظر عن مواقف بعض العرب من نظام حكم بشار الأسد”.
“المحرقة” بدأت
من جهته، يرى موسى برهومة في “الحياة” اللندنية أن الأزمة السورية قد بدأت.
ويقول الكاتب “لا يظننّ أحد أنّ المحرقة السورية انتهت. لقد بدأت الآن مع توارد الأنباء عن بقاء مجرم الحرب بشار الأسد في الحكم، ‘لحين انقضاء المرحلة الانتقالية’ كما تقول التحليلات، وهذه المرحلة قد تطول”.
ويضيف أن “المأساة تشير إلى هزيمة ساحقة للعقل والأخلاق والمنطق والوجدان، وسقوط مدوّ للتآخي الإنساني، والتعاطف الأممي الذي يقبل أن يواصل المجرم والسفاح عمله حتى انتهاء ولايته الدستورية”.
ثم يتساءل عن “البديل”، فيقول إن هذا لابد أن يُطرح أولاً على المعارضة السورية “التي خذلت شعبها، وارتضت الارتهان لإرادة الدول والمنظمات، وأمزجة التوازنات التي فرّخت معارضات لا برامج حقيقية لديها، فتاهت البوصلة، وصار الطريق إلى دمشق يمر عبر بوابات العواصم والتحالفات والأجندات الدولية التي حوّلت الدم السوري إلى سلعة في بورصة الدم والهمجية والاستقرار المزعوم”.
وتعليقاً على استقالة المسؤولة الأممية المكلفة بالتحقيق في جرائم الحرب في سوريا، كارلا بونتي، قال عبد الرحمن الراشد في “الشرق الأوسط” اللندنية “بخروجها لن يتبقى في اللجنة الخماسية سوى عضوين، حيث ذهب كل في طريقه، وتركت أبشع حرب في التاريخ المعاصر بلا حسيب أو رقيب”.
ويضيف “الذين يتحدثون اليوم بثقة وسرور عن حل سياسي، ونهاية للحرب السورية، ودفن الماضي؛ واهمون إن كانوا فعلاً يصدقون أن ملايين من السوريين يستطيعون العودة إلى منازلهم وينسون، وكأن جرائم السنوات الست الماضية، ونصف المليون قتيل، مجرد مسلسل تلفزيوني يمكنهم أن يناموا بعده”.
“طرف نزيه”
من ناحية أخرى، يرى أحمد أبو دوح في صحيفة “الأهرام” المصرية أن القاهرة أصبحت “طرفاً نزيهاً” في الأزمة السورية بسبب “عدم تلوث يدها… بدماء أي من جانبي الصراع”، وأن هذا يمكنها من لعب دور سياسي في حل الأزمة.
يقول الكاتب “الفرق بين مصر وباقي الدول العربية المؤثرة في الأزمة السورية منذ بدايتها هي أنها تحظى بشرعية أفقية أوسع كثيراً من باقي هذه الدول التي التهمتها نيران الصراع. هذا يعني أن بعض فصائل المعارضة وعدداً كبيراً من المسؤولين في النظام، وكتلة لا بأس بها من الشعب السوري قد تقبل بوجود مصري، ولا تقبل بدول عربية صارت في عيون كل هذه الأطراف أوراقاً محروقة”.
ويضيف “ليس مطلوباً من مصر سوى استغلال هذه النافذة التي فتحت لها بذكاء… على المسؤولين المصريين وضع قدم وتثبيتها أولاً دون استعجال، ثم التحرك بهدوء وببطء شديدين نحو تحقيق مصالحهم – أيا كانت هذه المصالح – دون الاصطدام بأحد”.