جيفارا سمارة
في خطوة هي أبعد من مجرد قرار اداري بسلخ 4 قرى من غرب محافظة رام الله والحاقها بـ”ضواحي” القدس المحتلة، وأخرى هي أكثر من مجرد بناء مستوطنة (عميحاي) الأولى منذ 25 عاماً في الضفة الغربية، يرى خبراء ومختصون في الشأن الاستيطاني، أن القرارين يصبان في مسار تقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة الى ثلاث (شمال، ووسط، وجنوب).
وفي فسيفساء الاستيطان الهادف لضم الضفة وتقطيع اوصال الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، الى 4 اقاليم (قطاع غزة، جنوب الضفة، وسط الضفة، شمال الضفة)، يشكل قرار ضم 4 قرى غرب مدينة رام الله هي: بيت سيرا، وبيت لقيا، وخربثا المصباح، والطيرة، لضواحي القدس قطعة أخرى في رسم حزام استيطاني يفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها، كما هو الحال مع مستوطنة “عيمحاي” التي بدء العمل بها لتعزيز الشريط الاستيطاني الفاصل لشمال الضفة عن وسطها.
وفي سبيل تعزيز الشريطين الاستيطانيين والوصول الى مليون مستوطن في الضفة الغربية المحتلة، تأتي الخطة الاستيطانية الجديدة، من شأنها أن تنهب مساحات واسعة من الضفة الغربية، لإسكان 340 ألف مستوطن من خلال بناء 67 ألف وحدة استيطانية جديدة، الخطة التي أعدّت من قبل مجلس مستوطنات الضفة بالتعاون مع وزير الاسكان يؤاف غالنت.
مشهد تهويدي تأكد في خطاب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي قال فيه، امس الثلاثاء،: إن “الضفة جزء من إسرائيل وان حل الدولتين لشعبين طريقه مسدود”، أقوال جاءت خلال كلمة مسجلة لنتنياهو بثت خلال بحث أعضاء حزب “الاتحاد القومي الإسرائيلي” المتطرف، خطة لتهجير الفلسطينيين من داخل وخارج الخط الأخضر مقابل تعويضات مالية، بحسب ما جاء على موقع صحيفة (هآرتس) العبرية.
يضاف اليه عودة الخطط الصهيونية بقوة الى الحديث عن “الحكم الذاتي” للفلسطينيين، وهو ما تجسد في مشروع الليكودي المتطرف يواف كيش، الذي نادى بالحاق فلسطيني عام 48 والمقدسيين وسكان الضفة الغربية الى مرجعية الحكم العسكري، بحيث يصبح الفلسطيني باستثناء قطاع غزة المعزول، مجرد مقيم في دولة يهودية على كامل فلسطين التاريخية.
شريط فصل:
ويقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف: ما جرى من قرار ضم القرى الأربع هو الملاصقة للخط الأخضر، وهو اشبه بوضع اللمسات الأخيرة على شريط استيطاني بعرض 40 كم يمتد من بيت سيرا غربا الملاصقة للخط الاخضر، مرورا بمستوطنات القدس، وتجمع غوش عتصيون الاستيطاني وحتى مستوطنة “فيرد يريحو” باتجاه البحر الميت، وبذلك يتحقق فصل جنوب الضفة (الخليل وبيت لحم والقدس) عن وسطها (رام الله والبيرة وبعض قرى وبلدات محافظة القدس).
ويضيف: وهذا يتطابق ايضا مع مخطط 20/30 ومخطط 20/40 ومخطط (الجُدُر) الذي يقضي بإقامة جدران داخل “الكانتون” الجنوبي في القرى والبلدات في محافظة القدس المحتلة لعزل واخراج 180 الف مقدسي يقطنون شعفاط، وكفر عقب…الخ، وضم 180 ألف مستوطن من المستوطنات التي تحيط بالقدس المحتلة “معالي ادوميم” و…الخ، لتغيير التركيبة السكانية بالقدس.
ويتابع عساف: إن الحزام الاستيطاني الذي يعزل شمال الضفة عن وسطها؛ ظهرت ملامحه ببدء بناء مستوطنة “عميحاي” إلى جانب تجمع مستوطنات (شيلو، عيلي..) ويمتد ليرتبط شرقا بمستوطنات الأغوار الشمالية، وليرتبط كرأس مثلث غربا عند حاجز زعترة جنوبي نابلس مع مستوطنة “ارائيل” الملاصقة لكفر قاسم عن الخط الأخضر.
اسرائيل الغت “الخط الأخضر” وضمت الضفة:
ويقول رئيس قسم الجغرافيا في جامعة بيرزيت د.عبد الله عبد الله، “حقيقة الوضع هو ان مخطط جهنمي خطير، وضم فعلي للضفة دون الاعلان عن ذلك بشكل قانوني رسمي، وقضاء على حل الدولتين، فالقدس الكبرى التي ترتبط بمستوطنات الأغوار وبمنطقة البحر الميت قد اكملت تمزيق جنوب الضفة عن وسطها وبضم القرى الأربع غرب رام الله اليها، ليصبح هذ الشريط الاستيطاني متصلا بمستوطنة “موديعين” على الخط الاخضر، اضافة الى ضم مستوطنات تحيط ببلدة نعلين “كريات سيفر” و”حشمونئيم”، امتدادا حتى “تل ابيب” والساحل.
ويضيف عبد الله “في الجهة المقابلة ايضا فان مستوطنات الأغوار الشمالية سترتبط مع تجمع مستوطنات “عميحاي” و”شيلو” و”عيلي” في منطقة شمال رام الله وشرق سلفيت وجنوب نابلس، التي اقيمت مستوطنة “عميحاي” لإتمام هذا الشريط الاستيطاني وصولا الى مستوطنة “ارائيل” الملاصقة لكفر قاسم عند الخط الاخضر”.
ترسيم حدود ورسالة سياسية:
بدوره، يقول خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي، إن قرار ضم القرى الأربع الى القدس هو رسالة سياسية خطيرة من الاحتلال الاسرائيلي مفادها “اننا من يحكم ويقرر كأدارة مدنية”، اما على الأرض فهذا يعني ان شارع 443 الممتد من تل ابيب-القدس هو منطقة يحرم دخول الفلسطينيين عليها، وذلك الغاء لقرارات العليا الاسرائيلية بفتح هذا الشارع لمواطني غرب رام الله خاصة بيت سيرا لاستخدام الشارع.
ويضيف التفكجي، هذا ايضا يعني ترسيما للحدود بضم المنطقة الواقعة جنوب شارع 443، وشق سكك حديدية في كامل منطقة اللطرون، وفرض حماية كاملة لشارع 443 الذي يشق الضفة الغربية.
ومع تضاعف الاستيطان الى ما يصل 600% منذ 1993، تشير ارقام اسرائيلية الى التسارع الاستيطان اخذ بالتغول اكثر فاكثر، اذ يشير مركز الإحصاء الإسرائيلي الى أن الاستيطان في الضفة الغربية ارتفع 40% خلال العام 2016 مقارنة مع العام 2015، فيما ارتفع حجم الاستيطان ارتفاعا حاداً بنسبة 85% مقارنة بجميع الوحدات الاستيطانية المصادق عليها خلال عام 2016، بحسب ما قاله أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات.
ويشير مركز الحوراني للدراسات ايضا، ال أن ارتفاعا حادا طرأ على مصادرة الأراضي، بلغ (127%) مقارنة مع العام الماضي، وتركزت المشاريع الاستيطانية الجديدة في مدينة القدس بنسبة 70% من عدد الوحدات الجديدة، بهدف تغيير طابعها الاسلامي المسيحي العربي وتهويدها، عدا عن سياسات هدم المنازل والممتلكات التي وصلت في الفترة ما بين 1988 و2014 أكثر من 14 ألف أمر هدم، فيما يشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ‘أوتشا’ بمدينة القدس المحتلة، الى ان الاحتلال هدم في العام 2015 ما مجموعه 417 مبنى، لتزداد هذه النسبة بحسب رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف الى نحو 400% في عام 2016.
ويتوزع قرابة 650 الف مستوطن في الضفة الغربية المحتلة على 174 مستعمرة، و107 بؤرة استيطانية، الى جانب اقامة 93 موقعا عسكريا، و21 موقع خدماتي، و25 منطقة صناعية على اراضي محتلة في الضفة الغربية التي يقطعها جدار ضم وتوسع يبلغ طوله المقترح 715 كم وبعرض 22 كم.