يدفع الوزير الإسرائيلي لشؤون القدس، زئيف إلكين، بخطة تقضي بفصل أحياء في القدس المحتلة الواقعة وراء جدار الفصل العنصري عن القدس الغربية. وحسبما كشفت صحيفة “هآرتس” اليوم، الأحد، فإن هذه الأحياء كلها هي أحياء فلسطينية يسكنها فلسطينيون بمكانة “مقيمون”، وتقضي الخطة بفصل هذه الأحياء عن منطقة نفوذ بلدية القدس وإقامة سلطة محلية، أي بلدية، واحدة أو أكثر لإدارتها.
وتنفيذ هذه الخطة، الذي بالإمكان دفعه خلال بضعة شهور، مشروط بمصادقة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، واستكمال تعديلات قانونية تمت المصادقة عليها في الكنيست بالقراءة الأولى في تموز/يوليو الماضي. ويقدر إلكين أن هذه الخطوة لم تواجه معارضة ملموسة من جانب أحزاب الائتلاف أو المعارضة الصهيونية.
والبلدات التي تقضي الخطة بفصلها عن منطقة نفوذ بلدية الاحتلال في القدس هي مخيم شعفاط والبلدات المحاذية له في شمال شرق القدس المحتلة، وبلدة كفر عقب وقرية الولجة في جنوب القدس وجزء من بلدة السواحرة.
وأضافت الصحيفة أن لا أحد يعرف عدد السكان في هذه المناطق، التي أهملتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشكل إجرامي، لكن التقدير تشير إلى أن عدد السكان فيها يتراوح ما بين 100 – 150 ألفا، ويحمل ما بين ثلث ونصف هؤلاء السكان الفلسطينيين بطاقة الهوية الزرقاء، التي منحها الاحتلال ولا تعني المواطنة وإنما الإقامة فقط. ويصرح إلكين أن الهدف من هذه الخطوة هو “التوازن الديمغرافي” بين اليهود والعرب، بحيث تكون الأغلبية الكبرى من سكان القدس، الغربية والمحتلة، من اليهود.
ويعتبر إلكين أنه سيكون من السهل على أحزاب الائتلاف والمعارضة الصهيونية “هضم” هذه الخطة. وأضاف أن “أي أحد، من اليمين واليسار، بإمكانه أن يرى وجود حسنات في هذه الخطة، ومخاطر من الجهة الأخرى. وهذا صحيح في حال أنه إذا أراد أحد تسليم هذه المنطقة (إلى الفلسطينيين)، فإن الأمر سيكون أسهل من حيث التنفيذ”.
يشار إلى أنه منذ بناء جدار الفصل العنصري في القدس المحتلة، جرى عزل هذه المناطق الفلسطينية، باستثناء الولجة، عن منطقة نفوذ بلدية القدس، ولكنها بقيت معزولة عن مناطق السلطة الفلسطينية أيضا، وتحولت إلى مناطق مستباحة لا تحصل على خدمات أية جهة وتسود فيها حالة فوضى.
واعترف إلكين بأن “الوضع في هذه الأحياء لا يمكن أن يكون أسوأ. والوضع الحالي فشل بالمطلق. وكان خطأ تمرير الجدار بمساره الحالي. ويوجد الآن منطقتين بلديتين، القدس والأحياء (الفلسطينية المعزولة)، والربط بينهما ضعيف للغاية. وفي المستوى العملي، لا يمكن للجيش الإسرائيلي أن يعمل هناك، والشرطة تدخل فقط من أجل تنفيذ عمليات، والمنطقة تحولت تدريجيا إلى منطقة مستباحة”.
وبحسب إلكين، فإن “عدد كهذا من المباني المرتفعة وبهذا الاكتظاظ ليس موجودا في تل أبيب أيضا. والعواقب التخطيطية خطيرة. وهناك خطر الانهيار في حال حدوث هزة أرضية. وبلدية القدس غير قادرة على تزويد أية خدمات هناك. ومنح أي خدمة تحول إلى حدث خطير. ونبحث عن حلول في الفترة الأخيرة، ولكن حتى عندما نتوصل إلى حلول فإنها خاصة. وليست جزءا من الجهاز. هذا تحد هائل، أمنيا وتنفيذيا”.
لكن الصحيفة لفتت إلى أن ما يقلق إلكين، اليميني المتطرف، هو بالأساس التزايد السكاني السريع في هذه المناطق الفلسطينية وتأثيره على التوازن السكاني في القدس كلها. ويدعي إلكين إن أسعار السكن الرخيصة نسبيا في هذه المناطق وقربها من القدس جعلتها منطقة جذب للفلسطينيين من الضفة الغربية أيضا، وبينهم مواطنون عرب من إسرائيل، ما يعني أن أولادهم هم مواطنون أيضا.
وقال إلكين إنه “توجد هنا تبعات دراماتيكية من ناحية الأغلبية اليهودية وأيضا من حيث أنه لا يمكنك أن تحسن مستوى الحياة هناك، وتوقعاتنا تشير إلى أن هذا سيستمر بالازدياد”.
ووفقا للصحيفة، فإن خطة إلكين هذه لم تتبلور بالكامل حتى الآن، إذ لم يتقرر بعد ما إذا ستخضع هذه المناطق الفلسطينية لمنطقة نفوذ سلطة محلية واحدة، رغم عدم التواصل الجغرافي فيما بينها، أو لسلطتين محليتين. كذلك فإنه لا يوجد اتفاق بين السكان الفلسطينيين على المشاركة في انتخابات لإقامة سلطة محلية جديدة. وفي المرحلة الأولى سيكون فيها مجلسا محليا معينا من قبل وزير الداخلية لدولة الاحتلال الإسرائيلية.