عيد ياسين/وفا
يوما بعد يوم، تزداد معاناة مزارعي وسكان بلدة جيوس شمال شرق قلقيلية، بسبب ممارسات الاحتلال اليومية بحقهم، بعد أن جثمت على أراضيها وأراضي القرى المجاورة ثلاث مستوطنات، وجدار الضم العنصري ليلتف على خاصرتها، وينهش ما تبقى لها من أراض زراعية، عدا عن الاقتحامات، والاعتقالات اليومية.
وتتعرض البلدة ومنذ ما يزيد عن شهرين لحملة مداهمات ليلية، وعربدات من جنود الاحتلال، الذين ينكلون بالمواطنين، وكل من تواجد في الشارع، تصاحبها اقتحامات للبيوت، ما يبث حالة من الرعب، والخوف، لدى المواطنين، خصوصا الأطفال منهم والنساء.
وقال رئيس بلدية جيوس غسان خريشة لمراسلنا: إن موقع البلدة الحدودي وحجم المقاومة الشعبية السلمية فيها جعلها تذوق الأمرين على يد المحتل الغاشم، الذي يصب جام غضبه بشكل يومي على ساكنيها ومزارعيها، لتهجيرهم عنها، وبالتالي السيطرة عليها، وتسمين الاستيطان، خصوصا مستوطنة “تسوفيم” الجاثمة على أراضي البلدة الجنوبية عنوة منذ عام 1967، وهي آخذة بالتوسع على حساب الأراضي التي عزلها جدار الفصل العنصري خلفه.
وأضاف ان الجدار أشبه بنكبة عام 1948 عندما استفاق المواطنون في شهر تشرين الأول عام 2002، على صوت الجرافات، وآليات الاحتلال، وماتورات القص التي دمر فيها المحتل آلاف الأشجار المثمرة من أجل إقامة الجدار الذي جثم على 600 دونم بشكل متعرج ومتلوٍ، ليعزل خلفه 9000 دونم من أصل 12500 دونم، وهي مساحة أراضي جيوس الإجمالية، مشيرا إلى أنه لم يبقَ لمزارعي جيوس سوى ثلث أراضيها المروية والمزروعة بالزيتون، واللوزيات، والحمضيات، والمراعي، ما حرم المزارعين منها، لافتا إلى أن الاحتلال اشترط على أصحابها الحصول على تصاريح من “الادارة المدنية” الإسرائيلية، التي أخضعتها لمزاجية جنود الاحتلال الحاقدين.
وأضاف خريشة انه نتيجة هذه الإجراءات أصبحت أراضي جيوس محاصرة من جهاتها الأربع، وهي المنطقة الشرقية، والغربية، والجنوبية، والشمالية، ومحاطة بثلاث مستوطنات (كوخاف يائير)، (سور ايجال )، و(تسوفيم).
وأوضح أن مواطني جيوس، والتجمعات المجاورة، ومؤسساتها الرسمية، والشعبية، خصوصا البلدية، اتجهوا إلى المقاومة الشعبية السلمية، والمتمثلة في الاعتصامات، والتجمهرات، والاحتجاجات، كذلك تنظيم زيارات لممثلي القنصليات، والسفارات إلى المنطقة، لفضح ممارسات الاحتلال، واطلاعهم عن كثب على جرائم المحتل.
وأشار خريشة إلى أنه بتصميم أهالي القرية على هدم الجدار، استطاعوا الحصول على تعديل له عام (2008) في المنطقة الجنوبية لصالح أراضي عزون، والنبي الياس، وجيوس، وتم اعادة (1050) دونما، كذلك على تعديل آخر عام (2014) مرة أخرى في المنطقة الغربية، وتم اعادة (2400) دونم أخرى، وتحرير بئرين ارتوازيتين من أصل سبع آبار معزولة.
وأوضح أنه تبقى لجيوس داخل الجدار (5500) دونم، وهي من أخصب الأراضي الزراعية في الوطن، والتي أطلق عليها الاقتصاديون “سلة غذاء فلسطين”، حيث يزرع فيها مختلف أنواع الخضراوات، والفواكه، والحمضيات.
وقال خرشة “إن النضال السلمي مستمر، وستنظم الفعاليات السلمية بجميع أشكالها حتى يستجيب الاحتلال إلى مطالب البلدة الشرعية وازالة الجدار بشكل كامل، وتعويض أصحاب الأرض الشرعيين عن خسائرهم طوال هذه الفترة، ووقف الإجراءات التعسفية بحق أهالي القرية، والمتمثلة: بالمداهمات الليلية للبلدة، والتنكيل بمواطنيها، والاعتقالات التي طالت الأطفال، وطلبة المدارس، التي ازدادت حدتها خلال الفترة الأخيرة، وطالت 25 طالبا، لا تتجاوز أعمارهم 17 عاما.
وتابع، “قمنا بدورنا كبلدية بكتابة رسائل، وطالبنا مكاتب التنسيق الفلسطيني العسكري والمدني، بالتدخل للإفراج عنهم، وعن باقي معتقلي جيوس”.
وقال خريشة، “إن من بين القضايا التي أثرناها في لقاءاتنا مع الاحتلال مسألة البوابات الزراعية، والبالغ عددها ثلاث بوابات، يصل من خلالها المزارعون إلى أراضيهم، والتي تفتح ثلاث مرات لمدة قصيرة، لا تصل إلى ربع ساعة في كل مرة، وطالبنا بفتح بوابة واحدة طوال الوقت، كذلك السماح لمن هم فوق عمر 50 عاما، الوصول إلى أرضيهم عبر البوابات دون تصريح، وهي السن القانونية المسموح لها بالدخول الى داخل أراضي عام 1948 دون تصاريح.
وتابع، “الحصول على تصاريح زراعية أمر معقد، ويخضع لمزاجية الجندي المحتل، فبعد تجهيز معاملة أو عدة معاملات يفاجأ المزارع برفضه، دون ايضاح الأسباب”.
وطالب خريشة بضرورة دعم المناطق المتضررة من الجدار العنصري، وخصوصا جيوس، الأكثر تضررا، وإيلائها اهتماما أكبر في تقديم الدعم، والمساعدة، والمشاريع، لدعم وتثبيت المزارع فوق أرضه، وفي وطنه.