تتسارع الأحداث في دول الخليج العربي منذ أشهر بعد إعلان السعوديّة والإمارات والبحرين عن حصارهم لدولة قطر وتفكك مجلس التعاون الخليجي، ومن أبرز ما بات يطفو على السطح في هذه الأزمة هو خيار دول الحصار الذهاب بالتطبيع الرسمي والعلني مع دولة إسرائيل على المستويى العسكري والسياسي والاقتصادي وحتى الثقافي، بعد أن كان يمارس خفية في السابق، بسبب رفض الشعوب العربيّة في دول الخليج لهذا التطبيع.
وتُشير الأحداث التي حصلت مؤخرًا، بشكل واضح، إلى وجهة هذه الدول للتطبيع، كان آخرها مقابلة رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ، غادي أيزنكوت، مع صحيفة “إيلاف” السعوديّة، واستقبال وفود صهيونيّة في البحرين، ورسائل السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبي، المسرّبة، حول التنسيق الاقتصادي والعسكري بين الإمارات وإسرائيل.
وفي ظل ذلك وغيرها من الأحداث التي يرصدها الناشطون الخليجيون المناهضون للتطبيع، انعقد أمس، الجمعة، في دولة الكويت، مؤتمرًا جمع العديد من الحركات الشعبيّة والناشطين المناهضين للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تحت رعاية مجلس الأمّة الكويتي، الذي يرأسه مرزوق الغانم، الذي عُرف بشكل واسع بعد تصديه لوفد البرلمان الإسرائيلي في مؤتمر لاتحاد البرلمان الدولي في روسيا.
المؤتمر الذي حمل عنوان “مقاومة التطبيع في الخليج العربي” والذي يُعتبر الأول خليجيًا، استمر على مدار يوم كامل بحضور العشرات من الناشطين الخليجيين، حيث قدّم كل من: الدكتورة دانا الكرد، وغادة عبدالرحمن، وهديل كمال الدين، والدكتور طلال الرشود، ومريم الهاجري، وهاني الخراز، وأحمد عبد الأمير، ومشاري الإبراهيم، وإسراء المفتاح، وعبدالله العودة، وخليل بو هزاع، أوراقًا أعدّت خصيصًا للمؤتمر.
في الجلسة الأولى للمؤتمر، قُدّمت أوراق عمل تتناول أشكال التطبيع ومعايير مناهضته ومخاطره، حيث تطرقت ثلاث أوراق عمل إلى مخاطر التطبيع مع إسرائيل، والتطبيع الثقافي، ورصد تطورات الحراك والخطاب التطبيعي في المنطقة، والجوانب القانونية للتطبيع ومقاومته.
أما في الجلسة الثانية، عُرضت مجموعة من أوراق العمل التي تستعرض تجارب المقاطعة الشعبيّة في الخليج، تاريخيًا وحديثًا. في حين كانت الجلسة الثالثة والأخيرة حول إستراتيجيات المقاطعة، المفهوم والتأثير، وقدم فيها ثلاث أوراق عمل حول إستراتيجية المقاطعة في جنوب أفريقيا، والحراك الطلابي في أميركا وقضية فلسطين، والانتهاكات الصهيونية لحقوق العمال الفلسطينيين.
وفي هذا السياق، قال عضو في اللجنة المنظّمة للمؤتمر، الناشط مراد الحايكي قال “يأتي تنظيم هذا المؤتمر ردًا على التوجهات التطبيعيّة مع العدو الصهيوني التي تشهدها المنطقة مما يدعو لضرورة
ابراز الصوت الشعبي في الخليج الرافض للتطبيع، والتصدي لمحاولات التطبيع بكافة أشكاله المباشرة وغير المباشرة. تقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة تجاه حماية دولنا من خطر المشروع الصهيوني وكذلك إزاء شعب فلسطين وقضيته العادلة، وأهمها توعية الأجيال القادمة بهذه القضية الإنسانية والانخراط في سبل المقاومة المتاحة أمامنا”.
واعتبر الحايكي أنه في الآونة الأخيرة تتسارع الأحداث بشكل غير مسبوق بين أنظمة المنطقة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، مؤكدًا أن هذه الهرولة المخزية من الأنظمة، بحسب تعبيره، لا تعكس بتاتًا وجهة النظر الشعبيّة الرافضة لكافة أنواع التطبيع والمساندة للشعب الفلسطيني في قضيته العادلة.
واعتبر الحايكي أن مخطار التطبيع في الخليج سيكون لها انعكاسات على أمن واستقرار المنطقة بأكملها لذلك يستوجب التحذير منه، مشيرًا إلى أن الشعوب تثبت مرة أخرى بأنها أكثر وعيًا وحرصًا على أمن المنطقة، فعلى المستوى الرسمي رأى الحايكي أنه يكاد يختفي أي توجه مناهض للكيان الصهيوني والعكس لدى الشعوب، معتبرًا هذا المؤتمر الدليل الواضح على استمرارية الحراك الشعبي المناهض للتطبيع رغم كل الضغوط والتحديات.
وخلص الحايكي إلى القول: “نحن مؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية، ومؤمنون أيضا بأننا جزء من هذا الصراع، لذا يتوجب علينا أن نقف ضد المخطط الصهيوني بكل ما نملكه من وسائل مشروعة، وفي مقدمتها المقاطعة والرفض التام للتطبيع. لذلك يسعى المؤتمر إلى وضع إطار لعمل موحد مشترك بين حركات مقاومة التطبيع في المنطقة وربطها بحركات التطبيع في العالم العربي وبقية أنحاء العالم. سنقوم بكل تأكيد بعمل المزيد من النشاطات المناهضة للتطبيع، وسنستمر بإعلاء الصوت الشعبي الرافض لما تقوم به الأنظمة”.يُشار إلى أنه في السنوات الماضية، شهدت العديد من الدول الخليجيّة نشاطات مناهضة للتطبيع مع إسرائيل، ونُظّمت حملات إعلاميّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لرصد وفضح الممارسات التطبيعيّة المختلفة.