ناقشت صحف عربية مستقبل السعودية في ضوء السياسات التي تتبعها الرياض في الآونة الأخيرة، خاصة بعد إعلان حملة للقضاء على الفساد، شهدت احتجاز العشرات من الأمراء والمسؤولين الحاليين والسابقين.
وأشاد بعض الكتاب في هذا الإطار بسياسات المسؤولين السعوديين، خاصة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مبشرين بمستقبل المملكة.
لكن آخرين حذروا من تبعات هذه السياسات، لاسيما العسكرية منها، معربين عن التشاؤم من المستقبل.
“قمة التحدي”
في صحيفة “الرياض” السعودية، أشار شاهر النهاري إلى أنه “وبعد الحملة الشجاعة بالقبض على متهمي الفساد والتحقيق معهم رغم علو مناصبهم ومقاماتهم، عمت الفرحة في قلوب البياض الأعظم، وعلى الجانب الآخر كثر الجدل والاتهامات في القلوب السوداء بعدم منطقية ما يحدث ووجود مؤامرة، وتأكيدات بأن الفساد سيحارب ظاهرياً لفترة، مع الإبقاء على المحسوبين دون أن يطالهم أي مساءلة أو عقاب”.
وأضاف النهاري “لجنة مكافحة الفساد المشكلة برئاسة سمو ولي العهد تشعر بقمة التحدي، وهي تدرك كيف يفكر الجميع، ولا بد أنها قد حددت قانونية ما تفعله، وشموليته واستمراريته”.
وكتب محمد عيسى الكويتي في “أخبار الخليج” البحرينية “الحرب على الفساد في الشقيقة المملكة العربية السعودية التي بدأت بإيقاف ما يقارب مائتي شخص من مختلف المستويات الاجتماعية وكبار المسؤولين ومختلف الأنشطة الاقتصادية ستكون لها تداعيات إيجابية قد تؤثر على مستقبل المنطقة إذا ما استمرت واتخذت التدابير لجعلها حربا شاملة على جميع أنواع الفساد وليست محدودة بظروف معينة”.
بالمثل، رأى أمير طاهري في صحيفة “العرب اليوم” اللندنية أنه “نظراً لأن السبل القديمة في إدارة شؤون المملكة لم تثمر النتائج المرجوة والاستقرار، الذي شكل عنصراً محورياً بالنسبة للمملكة على امتداد عقود، انزلقت البلاد إلى حالة من الجمود”.
واستطرد بالقول “وعليه، تسعى الاستراتيجية الجديدة لإنهاء حالة الجمود وتمهيد الطريق أمام نمط جديد من الاستقرار قادر على أن يعكس المستجدات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل السعودية…وتأتي حملة الاعتقالات ضد ‘المشتبه بهم المعتادون’ لتكشف أن القيادة الجديدة في الرياض على استعداد لمواجهة مشكلاتها بقوة وحسم”.
وفي جريدة “الشروق” المصرية، يقول إكرام لمعي “ماذا حدث اليوم حتى أن كل القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني في السعودية، تتحدث عن أمير شاب يدعى محمد بن سلمان يتحدث عن المستقبل، وإذ بمعظم السعوديين يتحدثون كثيراً هذه الأيام عن المستقبل وهذا مؤشر رائع لشعب وقيادة أدمنت الحديث عن الماضي”.
“الدولة الرابعة”
لم يبد أسعد أبو خليل في “الأخبار” اللبنانية تفاؤلاً حيال الفترة القادمة في تاريخ المملكة.
وكتب يقول “نحن أمام عهد جديد من التاريخ السعودي. لم تدخل السعوديّة بعد في مرحلة ‘الدولة السعوديّة الرابعة’ التي يُروّج لها جهاز الدعاية الرسمي… قد يكون محمد بن سلمان يُحضِّر لتدشين المرحلة الرابعة من الدولة، لكن لم تكتمل الصورة بعد. إن تقييم محمد بن سلمان هو تقييم لإعلانات وممارسات. لكن نظام محمد بن سلمان الفتيْ يتراوح بين الإعلانات والنيّات وبين المغامرات العسكريّة”.
وحذر أبو خليل من أن “مرحلة التحضير للسلطة تنبئ بمستقبل دموي وغير مستقر”، وتساءل “إذا كان الطريق إلى العرش محفوفاً بهذا الكم من التهوّر والنزق والقمع فما بالك بطريقه في السلطة؟”.
في سياق مشابه، كتب بيار عقيقي في صحيفة “العربي الجديد” اللندنية “بات بن سلمان أمام المنعطف الأخير قبل انطلاق قطار ‘الدولة السعودية الرابعة’، التي أرسى أسسها، خصوصاً في الأسبوعين الأخيرين… وفي غياب التحوّلات الجذرية إقليمياً، وتوّرط بلاده في سلسلة مستنقعات، فإن بن سلمان الطامح إلى أداء دور اقتصادي تنموي اجتماعي… بات في سباقٍ حقيقي، بين الإسراع في إنهاء ملفاته الداخلية والخارجية وبدء ترتيب الوضع الاقتصادي وفقاً لأولوياته التي على أساسها سيصعد إلى السلطة قريباً”.
وحذر عقيقي من أن “المرحلة المقبلة لبن سلمان، وفق ما هو حاصل، لن تدفع باتجاه وضع مداميك ‘مستقبل مشرق’، بل سيغرق الرجل في وحول المنطقة، بما قد يؤدي إلى تأخير تطبيق رؤيته لبلاده… وعلى الرغم من كل ‘النيات الحسنة’ لبن سلمان، إلا أن الغد سيكون أكثر ضراوةً بالنسبة له، وأكثر حدّة بالنسبة للسعودية”.