ساهمت السلطات الإسرائيلية في بناء 14 بؤرة استيطانيةعلى الأقل، دون إعلان رسمي، منذ العام 2011. وتكشف طرق بناء البؤرة الاستيطانية مدى دقة التخطيط والتنفيذ، إذ يتم إقامتها على أرض صادرتها سلطات الاحتلال وليست أرضًا بملكية خاصة، لتسهيل الموافقة عليها وتبييضها وتوسيعها لاحقًا دون مشاكل قضائية.
ومن جملة المساهمات التي تقدمها السلطات الإسرائيلية، نقل عناصر منظمة “شبيبة التلال” الاستيطانية الإرهابية إليها، إذ أشارت صحيفة “هآرتس”، في تقرير نشرته اليوم الإثنين، إنه في شهر أيلول/ سبتمبر، أطلقت السلطات الإسرائيلية سراح أحد أعضاء “شبيبة التلال” من الاعتقال الإداري إلى الاعتقال المنزلي، ولكنها لم ترسله إلى المنزل، بل إلى بؤرة استيطانية في الضفة الغربية تدعى “حفات إيتمار كوهين”.
وهذا مثال واحد على الطريقة التي تبيض فيها إسرائيل البؤر الاستيطانية على أرض الواقع بدل إخلائها، وقالت الصحيفة إنه تبين، بناء على صور الإدارة المدنية وتصريحات مصادر بالمستوطنات وسلطات تطبيق القانون، أنه تم إنشاء 17 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة منذ عام 2011، 14 منهم معروفات للإدارة المدنية.
وكان من المفروض أن لا يتم إنشاء أي بؤرة استيطانية منذ العام 2005، وبطبيعة الحال عدم دعم السلطات والحكومة لهم، بعد التقرير الذي قدم لحكومة أريئيل شارون في ذلك العام، كشف كيف تنفق الدولة ملايين الشواقل بطرق مباشرة وغير مباشرة لإنشاء هذه البؤر الاستيطانية.
ورغم التقرير الذي كان يهدف للحد من هذه الظاهرة، عادت البؤر الاستيطانية للظهور في الأعوام الأخيرة، وإحداها أنشئت قبل عدة شهور فقط. وطريقة إنشائها تظهر كيف تم التخطيط لها عن طريق فحص الصور الجوية واختيار المكان بدقة، وليس عن طريق الصدفة، إذ يتم اختيار ما يسمى “أرض دولة”، ليتم تبييضها لاحقًا، وفي أغلب الأحيان تكون هذه الأراضي مهملة، لكن مساحتها كبيرة.
ثلاثة من البؤر الاستيطانية هي بؤر مأهولة وتشكل أحياء من مستوطنات مثبتة ومبيضة، وأقيمت 11 بؤرة استيطانية على أساس مشاريع وحقول زراعية، تبين فيما بعد أنها تستخدم للسكن الدائم.
تمويل حكومي
مولت الحكومة إقامة بؤر استيطانية بطرق غير مباشرة، مثل بؤرة “التلة 387″، التي أقامتها جمعية “هروعيه هعيفري”، التي تهدف، وفق السجلات الرسمية، إلى تأهيل “شبيبة التلال”،وتحصل الجمعية على تمويل ثابت من وزارة التربية والتعليم بقيمة مئات آلاف الشواقل سنويًا، أي أن الوزارة بشكل أو بآخر مولت إقامة هذه البؤرة الاستيطانية، والتي باتت الجمعية تطالب بتبييضها وشق الشوارع إليها.
واعتبر عضو تنظيم “كيرم نبوت”، درور إتكس، أن من ينشئون هذه البؤر الاستيطانية “يختارون الأماكن التي يمكن بناء بيوت بها علي أراضي الدولة لتمكنوا من الادعاء أنه لا يجب إخلاؤهم، وخلال هذه الفترة يسيطرون على مزيد من الأراضي، ومن ضمنها الأراضي الخاصة للفلسطينيين التي يسلبونها بطرق مختلفة، مثل الزراعة أو منع الوصول إليها”.
وقال إتكس، الذي يملك خرائط الإدارة المدنية، إنه واثق “أن المستوطنين رأو الخرائط أيضًا قبل إقامة البؤر، ففي ‘نحلات يوسف’ سلب المستوون مساحات شاسعة من الأراضي الخاصة بعد أغلقوا طرق الوصول إليهم أو قطعوا الأشجار، وحاليًا يوسعون البؤرة الاستيطانية بشكل كبير”.
ورغم أن هذه البؤر معروفة للإدارة المدنية، وبعضها أصدر بحقه أوامر هدم وإخلاء، إلا أن هذه الأوامر تحظى بتجاهل وتأجيل من قبل السلطات الإسرائيلية، وعلى رأسها الإدارة المدنية نفسها، وفي حال تقرر الهدم، يجب الحصول على موافقة المستوى السياسي، الذي يمتنع في العادة عن الموافقة على الهدم في المستوطنات والبؤر الاستيطانية، خاصة أنه لا يمكن للفلسطينيين تقديم الالتماس للمحكمة العليا لأن اليؤر مقامة على أراضي دولة.
وقال إتكس إنه “لن يتم إخلاء البؤر المقامة على أراضي دولة حتى تلك التي بنيت بدون تصاريح، من الواضح أنه يملكون حصانة لدى سلطات تطبيق القانون، بالإضافة إلى أن البنى التحتية التي تحيط بهذه البؤر، مثل المياه والكهرباء وشق الطرق تدفع من أموال المستوطنين الخاصة”.