نشرت صحيفة “ميديابار” الفرنسية تقريرا، ذكرت فيه أن رؤساء البعثات الدبلوماسية للقدس ورام الله، التابعين للاتحاد الأوروبي، نشروا مؤخرا تقريرهم السري رقم 12، الذي تحصلت ميديابار على نسخة منه. وقد جاء في هذا التقرير أن الدبلوماسيين الأوروبيين قدموا لائحة اتهام موثقة؛ احتجاجا على السياسة الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن تقرير الدبلوماسيين الأوروبيين أكد نقطتين هامتين. تتمثل النقطة الأولى في استماتة الأوروبيين في الحفاظ على موقفهم الرافض للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي دعا إليه دونالد ترامب. أما النقطة الثانية، فتعكس معارضة المشروع الإسرائيلي الذي يهدف إلى ضم جزء من الضفة الغربية لإتمام مشروع “القدس الكبيرة”.
وذكرت الصحيفة أن الدبلوماسيين استهلوا تقريرهم الذي اكتمل سنة 2017 بالكلمات التالية: “تحظى مدينة القدس ببعد رمزي كبير لدى الإسرائيليين والفلسطينيين وغيرهم. كما أن مستقبل المدينة يعد في قلب محادثات السلام في الشرق الأوسط. وطالما أنه لم يتم بعد حل هذه القضية، فمن المستحيل أن نأمل في تحقيق سلام دائم مبني على حل الدولتين”.
وأشارت الصحيفة إلى أن البعثة الدبلوماسية الأوروبية وجهت في تقريرها رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي بشأن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل. وجددوا فيها رفضهم لهذا القرار، الذي “قوبل برفض دولي بالإجماع من خلال مختلف القرارات التي أعرب عنها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، خاصة القرار رقم 478”.
وأفادت الصحيفة بأن التقرير الأوروبي وردت فيه رسالة موجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي نوه فيها الدبلوماسيون بأن “العديد من مشاريع القوانين، التي في حالة تبنيها من قبل الكنيست ستتسبب في إحداث عدة تغييرات جديدة على وضعية وحدود مدينة القدس من طرف واحد، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي”. ومن وراء هذه الكلمات، أرادت البعثة الأوروبية الإفصاح عن معارضتها للمشروع الذي يرنو إلى تحقيقه نتنياهو وناخبوه فيما يتعلق بمشروع “القدس الكبيرة”.
وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة للدبلوماسيين الأوروبيين، فإن كلا من قرار اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ومشروع القدس الكبيرة الذي يطمح نتنياهو إلى تفعيله، يعد من بين المعرقلات التي تشكل صعوبة في الوصول إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأعرب الدبلوماسيون عن ذلك في تقريرهم، الذي ذكروا فيه أنه “إذا تم تنفيذ مشروع نتنياهو، فإن ذلك سيغير حدود بلدية القدس، ما من شأنه أن يتسبب في تخفيض عدد الفلسطينيين في القدس، البالغ عددهم تقريبا 120 ألف نسمة، فضلا عن إضافة قرابة 140 ألف مستوطن إسرائيلي، وإدماجهم ضمن سكان المدينة”.
ونوهت الصحيفة بأن البعثة الدبلوماسية الأوروبية ذكرت في تقريرها أن تشييد ثلاثة آلاف مسكن جديد في القدس الشرقية، وهو قرار اتخذ سنة 2017، “سيزيد من تقسيم فلسطين، وسيساهم في عزل القدس الشرقية عن الضفة الغربية”.
وأضافت الصحيفة أن تقرير الدبلوماسيين كشف عن نية تأسيس “القدس الكبيرة”، الذي يتطلب أيضا ضم عدة مستوطنات على أطراف المدينة؛ بهدف تشكيل “كتلة”. وأكد الدبلوماسيون أنه، خلال الثلاثي الأول من سنة 2017، تم الإعلان عن تشييد 1300 مسكن جديد في كل من مستوطنة جفعات زئيف، ومعاليه أدوميم، وبيتار عيليت، ونوكديم.
كما ورد في التقرير أنه على امتداد سنة 2017، وافقت الحكومة الإسرائيلية على تركيز مشاريع في المستوطنات التي ذكرناها آنفا، بالإضافة إلى مستوطنة كل من ألون شفوت، وأفرات، وإلعازار المكونة لكتلة “جوش عتصيون” الاستيطانية. وحسب الدبلوماسيين الأوروبيين، فإن “كل هذه المستوطنات تندرج ضمن 19 مستوطنة، التي من المقرر أن تتحول إلى بلديات ملحقة بمدينة القدس، بموجب قانون “القدس الكبيرة”.
ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسيين أن إسرائيل، على امتداد السنوات العشر الأخيرة، هدمت قرابة 900 بناء تابع لفلسطينيين قاطنين في القدس الشرقية. وخلال سنة 2016 فقط، تم تدمير 190 مبنى، ما تسبب في نزوح 114 شخصا. وأفادت البعثة الأوروبية بأن 22 ألف منزل فلسطيني مهددة اليوم بالهدم بقرار إداري.
وقالت الصحيفة إن البعثة الأوروبية أشارت في تقريرها إلى أنه “خلال سنة 2017، لاحظنا زيادة كبيرة في الكم والحجم في أعداد اليهود المتدينين، الذين اقتحموا باحات الحرم القدسي الشريف تحت حماية أفراد الشرطة الإسرائيلية”.
كما كشف الدبلوماسيون الأوربيون أنه “خلال الفترة الممتدة بين أيلول/ سبتمبر 2016 وأيلول/ سبتمبر 2017، أدى قرابة 22 ألف يهودي قومي متدين زيارة إلى الحرم القدسي الشريف (جبل المعبد بالنسبة لليهود). وقد ارتفع نسق هذه الزيارات بنسبة 60 بالمئة، وهو رقم قياسي تاريخي”.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن الدبلوماسيين الأوروبيين تعمدوا في تقريرهم ذكر اجتماع مجلس الوزراء الخاص الذي نظمه رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال شهر أيار/ مايو في أنفاق الحائط الغربي (حائط المبكى)؛ من أجل الاحتفال بالذكرى الخمسين لضم القدس الشرقية.
عربي 21