تواصل طواقم تابعة لمؤسسات الاحتلال، في مقدمتها بلدية القدس، حفرياتها التهويدية بمقبرة اليوسفية الملاصقة بسور القدس التاريخي من جهة باب الأسباط، ولم تعد الطريق الأقرب التي تصل بابي الساهرة والأسباط (من أبواب القدس القديمة) متاحة أمام المواطنين، بسبب استمرار إغلاقها منذ نحو 10 شهور.
وكانت بلدية الاحتلال في القدس وضعت لافتة كبيرة في المنطقة تشرح فيها أن الطريق مغلقة بذريعة أعمال الصيانة والحفريات، في الوقت الذي يؤكد فيه أبناء المدينة المقدسة أن الهدف الحقيقي هو انشاء حديقة تلمودية ملاصقة بسور القدس التاريخي مشابهة لما جرى حول السور التاريخي في أوقات سابقة، وبهدف طمس هوية المدينة.
وتمتد أملاك المقبرة اليوسفية الإسلامية التاريخية على مساحة 14 دونما، من منطقة برج اللقلق شمالا حتى باب الأسباط جنوبا.
ولفت مقدسيون الى أن بلدية القدس العبرية نفذت حفريات عميقة وصلت إلى مداميك أثرية قريبة من عتبة باب الأسباط، بالإضافة إلى بركة رومانية ظلت تستعمل حتى العهد الأردني. كما هدمت جرافات الاحتلال سور المقبرة اليوسفية الملاصق لباب الأسباط، كما أزالت درجها الأثري.
من جهته، قال مدير مركز المخطوطات في المسجد الأقصى، رضوان عمرو، في تصريح صحفي، ان أعمال الحفر لمقبرة اليوسفية تأتي تنفيذا لمجموعة مخططات “إسرائيلية” متداخلة، خُطط لها منذ فترة طويلة وتندرج ضمنها مشاريع ثانوية أخرى.
وأضاف أن من أبرز هذه المخططات مشروع 2020 الذي يستهدف ما يطلق عليه الاحتلال تسمية منطقة الحوض المقدس (كيلومتر واحد حول سور القدس) إلى جانب مخطط “زاموش” الذي يطال السور الشرقي للقدس والمسجد الأقصى، ويهدف بالأساس إلى وقف تمدد مقبرتي باب الرحمة واليوسفية ووقف الدفن فيهما لاستعمال أراضيهما في المشاريع التهويدية.
وأضاف عمرو أن أكثر المخططات خطورة هو “كيدم يورشاليم” الذي يتضمن قطارا هوائيا يبدأ بجبل المشارف شرقا حتى جبل الزيتون وزاوية المصلى المرواني بالمسجد الأقصى مرورا بالجنوب، ويستمر حتى جبل صهيون ومقبرة مأمن الله التاريخية غربا.
وتعد المقبرة اليوسفية من أهم المقابر الإسلامية في القدس إلى جانب مقبرتي باب الرحمة ومأمن الله اللتين واجهتا -وما زالتا تواجهان- العديد من الانتهاكات وجرف القبور ومصادرة أراضيهما ومنع الدفن فيهما.
وحسب موقع “الجزيرة نت” لم تسلم مقبرة اليوسفية من هذه الانتهاكات أيضا، حيث منع الاحتلال عام 2014 الدفن في جزئها الشمالي وإزالة عشرين قبرا تعود إلى جنود أردنيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول، وهي امتداد للمقبرة اليوسفية بمساحة أربعة دونمات على ما تعرف بأرض المظفر، كما باتت المقبرة اليوم مكتظة بعد منع الدفن في شمالها وحصرها في السور والشارع العام في شرقها وجنوبها، أما قسمها الغربي الملاصق للسور فيتعرض اليوم للمصادرة والجرف بدءا من منطقة “سوق الجمعة/الحلال” التي يستعملها الاحتلال مكبا للنفايات حتى باب الأسباط.
من جانبه، فنّد رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية بالقدس مصطفى أبو زهرة مزاعم بلدية الاحتلال بأن الحفريات القائمة في المقبرة اليوسفية تطويرية بحتة، وقال ان ما يسمى بالتطوير يجري في أراضٍ إسلامية وقفية مما يشكل اعتداء صارخا عليها، خصوصا أن لجنة المقابر الإسلامية طالبت سابقا بترميم طريق المقبرة، لكن الاحتلال رفض ذلك.
وأضاف أبو زهرة أن الخطر يتمثل في بناء مدرج تهويدي للسياحة في منطقة سوق الجمعة، الأمر الذي يمكن أن ينفذ في ظل التدخل الضعيف للأوقاف الإسلامية مالكة المقبرة والأرض.