قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن 6500 أسير يقبعون في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، وفقا لتقرير شامل في الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني، المعتمد وطنيا وعربيا وعالميا، لمناصرة ومساندة الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والذي يُصادف السابع عشر من نيسان/ابريل من كل عام.
ويوم الأسير، يوم أقره المجلس الوطني الفلسطيني، عام 1974، خلال دورته العادية، واعتبره يوماً وطنياً للوفاء لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة وتضحياتهم، وللأسرى القابعين في سجون الاحتلال ونضالاتهم، ويوما لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم المشروع بالحرية، ويوماً لتكريمهم وانصافهم والوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم والعمل من أجل توفير مستوى لائق من الحياة الكريمة لهم ولأطفالهم وأسرهم.
إن اختيار المجلس الوطني الفلسطيني تاريخ 17/4 يوما للأسير الفلسطيني يرتبط حسب السياق التاريخي الوطني باليوم الذي انطلقت فيه ثورة 1936 واعلان الاضراب العام الذي استمر 6 شهور احتجاجا على ممارسات الانتداب البريطاني للسماح بالهجرة اليهودية الى فلسطين ومصادرة الاراضي الفلسطينية والقيام بتسليح العصابات الصهيونية.
“حجازي” أول أسير و”البرناوي” الأسيرة الأولى
نال الأسير الفلسطيني “محمود بكر حجازي” شرف القيد الأول، في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، إذ اعتُقل في الثامن عشر من كانون الثاني/يناير عام 1965، وبذا فهو يُعتبر الأسير الأول منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي أطلقت شرارتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” في الأول من كانون ثاني/يناير عام 1965م.
وحكم عليه آنذاك بالإعدام ولكن الحكم لم ينفذ، وبتاريخ 28 كانون الثاني1971 جرت عملية تبادل (أسير مقابل أسير) ما بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة فتح، أطلق بموجبها سراح الأسير حجازي، مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي “شموئيل فايز”، الذي سبق أن أسرته حركة فتح في أواخر العام 1969م.
فيما تعتبر المناضلة “فاطمة برناوي” أول اسيرة فلسطينية في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة، حيث تم اعتقالها في 14تشرين الأول/أكتوبر عام 1967، بعد انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفقاً لما هو مسجل في سجلات الحركة النسوية الأسيرة، وذلك على إثر اتهامها بوضع قنبلة في سينما صهيون في مدينة القدس، حيث حُكم عليها آنذاك بالسجن المؤبد “مدى الحياة”.
ولم تقض برناوي سوى عشر سنوات، حيث أطلق سراحها في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1977، ولكنها أبعدت إلى خارج الوطن، وعادت الى غزة بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994.
مليون فلسطيني مرّوا بتجربة الاعتقال
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها، إن تاريخ الحركة الأسيرة الفلسطينية بدأ مع بدايات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1948، وإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتهجت الاعتقالات كسياسة ومنهج وأداة للقمع والسيطرة على الشعب الفلسطيني وبث الرعب والخوف لدى كل الفلسطينيين، وأصبحت الاعتقالات جزءا أساسيا وثابتا من سياستها في تعاملها مع الفلسطينيين وغدت ظاهرة يومية مقلقة، ووسيلة للعقاب الجماعي، حيث لا يمر يوم إلا ويُسجل فيها حالات اعتقال، ويُقدر عدد حالات الاعتقال على مدار سنين الاحتلال بنحو مليون حالة اعتقال، وأن تلك الاعتقالات لم تقتصر على نشطاء المقاومة فحسب، وقيادات الفصائل الفلسطينية المقاومة فقط، وانما امتدت وشملت الكل الفلسطيني، وطالت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني من جميع المستويات والطبقات والفئات، ذكوراً وإناثاً، أطفالاً ورجالاً، صغاراً وشيوخاً.
وتابعت الهيئة أن عمليات الاعتقال اليومية التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، تشكل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. حيث إن سلطات الاحتلال لم تلتزم بالضمانات الخاصة بحماية السكان المدنيين، وبالقواعد الناظمة لحقوق المحتجزين وأوضاعهم.
تلك الضمانات والقواعد التي تناولها القانون الدولي وأكد عليها وألزم دولة الاحتلال بالإيفاء بالتزاماتها في تعاملها مع الأسرى والمعتقلين المحتجزين لديها بما يُلزم احتجازهم داخل المناطق المحتلة ويحفظ حقوقهم وكرامتهم الإنسانية في تلقي الرعاية الصحية اللازمة والمأكل المناسب، وتمكين عوائلهم من زيارتهم والتواصل الإنساني الدائم معهم، ومنع التعذيب وسوء المعاملة وعدم تعريضهم للاعتقال التعسفي، وكذلك حظر الاستخدام المطلق لأوامر الاعتقال الإداري وفقا للمادة (78) من اتفاقية جنيف الرابعة.
(215) شهيداً ارتقوا داخل السجون ومئات آخرون بعد خروجهم منها
وحسب ما هو موثق لدى هيئة شؤون الأسرى فإن (215) أسيراً استشهدوا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال منذ العام 1967، كان آخرهم الأسير “ياسين السراديح” (33عاما) من أريحا، والذي استشهد نتيجة الضرب والتعذيب أثناء اعتقاله واطلاق رصاصة بشكل مباشر ومن نقطة الصفر حسب التقرير الطبي وذلك بتاريخ 22شباط/فبراير2018.
وأوضحت الهيئة أن بين الشهداء الأسرى (72) شهيدا ارتقوا بسبب التعذيب على يد المحققين في أقبية التحقيق، و(61) شهيداً ارتقوا بسبب الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج اللازم لهم، وخاصة بعد اعتقالهم وهم جرحى مصابين إصابات بالغة مما فاقم الأمراض والمضاعفات الصحية في أجسامهم وأدى إلى استشهادهم، وأن (7) أسرى استشهدوا بسبب القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون، وأن (77) أسيرا استشهدوا نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة والإعدام الميداني بعد الاعتقال مباشرة.
وأوضحت أن هذا يأتي بالإضافة إلى مئات الأسرى المحررين اللذين سقطوا شهداء بعد خروجهم من السجن بفترات وجيزة بسبب أمراض ورثوها عن السجون، أمثال هايل أبو زيد، وسيطان الولي، ومراد أبو ساكوت، وزكريا عيسى، وأشرف أبو ذريع، وجعفر عوض، ونعيم الشوامرة، وجعفر عوض، ومحمود سلمان، وغسان الريماوي، ونعيم وحسن الشوامرة، وغيرهم. فيما تصاعدت عمليات الإعدام لعشرات الجرحى والمصابين منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر 2015، وغدا الإعدام سياسة بدلا من الاعتقال لعشرات الجرحى والمصابين والمواطنين الأبرياء والعزل.
وخلال الفترة الممتدة من (17/4/2017- 1/4/2018)، استشهدت فتاة وخمسة من الأسرى بعد اعتقالهم، وهم (أمل طقاطقة، رائد الصالحي، حسين عطا الله، ياسين السراديح، محمد مرشود ومحمد عنبر) وعدد آخر من المحررين آخرهم كان حسن شوامرة.
الأسرى القدامى
من بين الأسرى (48) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل، وهؤلاء يُطلق عليهم “عمداء الأسرى”، وأن(29) أسيراً منهم معتقلين منذ ما قبل عام 1993، وهؤلاء ممن كان يفترض إطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة في آذار/مارس عام 2014، إلا أن دولة الاحتلال تنصلت من الاتفاقيات وأبقتهم رهائن في سجونها. وها هي السنوات والعقود تمضي من أعمارهم وأن (25) أسيرا منهم مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، وهؤلاء يُطلق عليهم الفلسطينيون مصطلح “جنرالات الصبر” و(12) أسيرا هم “أيقونات الأسرى” وهم من مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاما بشكل متواصل، وأقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ ما يزيد عن (35) عاما.
وهناك (56) ممن تحرروا في صفقة تبادل الأسرى عام 2011 والتي تُعرف بـ”صفقة شاليط”، وأعيد اعتقالهم وفرضت عليهم سلطات الاحتلال الإسرائيلي إكمال سنوات السجن التي سبقت تحررهم، بذريعة خرقهم لبنود الصفقة، وهؤلاء أمضوا على فترتين أو أكثر عشرين عاما وما يزيد، وأبرزهم الأسير “نائل البرغوثي” الذي أمضى ما مجموعه (37) عاما في سجون الاحتلال.
اختطاف القائد مروان البرغوثي وإضراب الحرية والكرامة
ويصادف يوم الأسير الذكرى 16 لاختطاف القائد مروان البرغوثي عام 2002، والذي قاد معركة الحرية والكرامة مع 1500 أسير فلسطيني يوم 17 نيسان 2017، في سبيل تحسين شروط الحياة الإنسانية والمعيشية في السجون، حيث استمر الإضراب 41 يوما تعرض فيه الأسرى لكل أشكال القمع والترهيب والتحريض الرسمي الإسرائيلي.
الأسرى والمعتقلون … أرقام واحصائيات
بلغ عدد الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي مع أواخر آذار 2018
(6500) أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي
(350) طفال
(62) أسيرة بينهن (21) أم، و(8) قاصرات
(6) نواب
(500) معتقل إداري
(1800) مريض بينهم (700) بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل
عمداء الأسرى: (48) أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل.
جنرالات الصبر: (25) أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن.
أيقونات الأسرى: (12) أسيرا من أولئك مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاما وأقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ (35) عاما.
الأسرى القدامى: (29) أسيرا هم قدامى الأسرى و معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، وهؤلاء ممن كان يفترض اطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة في آذار/مارس عام 2014، إلا أن الحكومة الإسرائيلية تنصلت من الاتفاقيات وأبقتهم رهائن في سجونها.
حقوق مصادرة وانتهاكات كثيرة وجرائم متعددة
وأكدت الهيئة في تقريرها أن سلطات الاحتلال صادرت من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين كافة حقوقهم الإنسانية التي كفلتها لهم كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وفـرضت عليهم داخل السجن حياةً لا تطاق في تحدي صارخ للقانون الدولي وأمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، فأمعنت في اجراءاتها القمعية وخطواتها التعسفية وقوانينها المجحفة، فمن التنكيل والضرب والتعذيب والعزل الانفرادي، إلى فرض التفتيش العاري ومنع زيارات الأهل، والحرمان من العلاج والإهمال الطبي، والتعليم وليس انتهاءً بالاقتحامات والمداهمات واستخدام القوة المفرطة وفرض الغرامات المالية.
وقال الهيئة إن دولة الاحتلال جعلت من السجن مكاناً للقمع وساحة للتعذيب وزرع الأمراض وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي المتعمد بهم، وأداة للقتل المعنوي والتصفية الجسدية التدريجية والبطيئة.
100% ممن اعتقلوا تعرضوا للتعذيب
وأشارت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها إلى أن كافة المعطيات تؤكد بأن تلازما خطيرا ما بين الاعتقال والتعذيب، حيث إن كل من مرّ بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال وبنسبة (100%) كان قد تعرض لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.
ووفقا لمتابعة الهيئة وتوثيق الشهادات فان زيادة لافتة قد طرأت على حجم واشكال التعذيب المستخدمة بحق الأسرى والمعتقلين من مختلف الفئات العمرية منذ اندلاع انتفاضة القدس في تشرين أول/أكتوبر2015، من حيث قسوة التعذيب وبشاعة أساليب المُعذبِين، وتنوع أساليب التعذيب “النفسية والجسدية”، وتعدد الأشكال المتبعة وكثرتها مع الشخص الواحد،. فضلا عن إطالة فترة التعذيب والعزل الانفرادي والضغط النفسي. وذلك تحت ذريعة الحصول على معلومات أو اعترافات أو أن الأسير المذكور يشكل “قنبلة موقوتة”، مما جعل من السجن الإسرائيلي نموذجا تتجلى فيه الحالة الأسوأ في الاحتلال، على مدار التاريخ؛ لأن أهدافه وآثاره لا حدود مكتوبة لها، فهي تطول الجسد والروح، كما تطول الفرد والجماعة، وتعيق من تطور الإنسان والمجتمع.
وقالت الهيئة: ان التعذيب لا يقتصر على فترة التحقيق فحسب لغرض انتزاع المعلومات، وإنما يبدأ منذ لحظة الاعتقال ويستمر طوال فترة الاعتقال وتبقى آثاره وتبعاته تلازم الأسير إلى ما بعد خروجه من السجن، وحيث كان التعذيب سببا في استشهاد (72) أسيرا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال منذ العام 1967، وفي أحيان كثيرة كان التعذيب سببا في التسبب بإعاقات مستديمة للعديد من الأسرى. فيما العشرات من الأسرى المحررين استشهدوا بعد خروجهم من السجن أو أصيبوا بإعاقات مستديمة جراء ما تعرضوا له من تعذيب جسدي ونفسي خلال فترات اعتقالهم.
وذكرت هيئة الأسرى أن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والنظام الداخلي للمحكمة الجنائية الدولية تنص على تجريم التعذيب، وتلزم الدول الأطراف في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان باتخاذ التدابير التشريعية والقضائية للحماية من التعذيب ومعاقبة مقترفيه. ولكن للأسف فان دولة الاحتلال تشكل حالة فريدة وشاذة في ممارسة التعذيب، حيث تعتبر هي الوحيدة في العالم التي شرعّت التعذيب قانونا وتمنح مقترفيه الحماية القانونية والحصانة القضائية الداخلية مما أدى الى تصاعد جرائم التعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي بشكل لافت في السنوات الأخيرة.
ويحظى المحققون الاسرائيليون بحصانه في ممارسة التعذيب تحت غطاء قانون (اعفاء المخابرات من توثيق التعذيب بالصوت والصورة)، ولم يقدم اي محقق للمحاكمة حول جرائم تعذيب مما شجع على استمراره بحق المعتقلين الفلسطينيين.
ويعتبر التعذيب جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفق القوانين الدولية والإنسانية، وخاصة وفق ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة، بينما يخلو قانون العقوبات الاسرائيلي من المحاسبة على جرائم الحرب ومنها التعذيب.
الاعتقالات الإدارية ومقاطعة محاكم الاحتلال
الاعتقال الإداري هو اعتقال بدون تهمه أو محاكمة، ويعتمد على ما يُعرف بـ “الملف السري”، وهناك من الفلسطينيين من جدد لهم الاعتقال الإداري لأكثر من مرة وأمضوا سنوات طويلة رهن “الاعتقال الإداري”، دون معرفتهم أو اطلاعهم على سبب اعتقالهم.
ويعتبر الاعتقال الإداري تدبيرا شديد القسوة، والوسيلة الأكثر تطرفاً، واجراء شاذا واستثنائيا، ومع ذلك جعلت سلطات الاحتلال من “الاعتقال الإداري” سياسة ثابتة في تعاملها مع الفلسطينيين منذ العام 1967، ولجأت إليه كخيار سهل، وتوسعت في استخدامه بشكل كبير وجعلت منه عقاباً جماعيا بحق عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين مما يخالف قواعد القانون الدولي.
وأصدرت سلطات الاحتلال منذ الأول من أكتوبر 2015إلى الأول من ابريل 2018، قرابة (3600) قرار بالاعتقال الإداري، ما بين قرار جديد وتجديد، منها (41%) قرارات جديدة، وشملت تلك القرارات الذكور والإناث، الصغار والكبار، ومنها (1119) قرارا صدر خلال العام 2017، فيما صدر منذ مطلع العام الجاري 2018 قرابة (250) قرارا بالاعتقال الإداري.
وهذا التوسع في استخدام الاعتقال الإداري دفع بالمعتقلين الإداريين إلى مقاطعة المحاكم العسكرية منذ الخامس عشر من شباط/فبراير الماضي، كخطوة نضالية للاحتجاج على استمرار هذا النوع من الاعتقال التعسفي ورفضا للمحاكم الصورية والإجراءات الشكلية التي يقوم بها القضاء الإسرائيلي.
اعتقال (340) فلسطيني بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي
واصلت سلطات الاحتلال ملاحقتها للفلسطينيين بسبب آرائهم ونشاطهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا “الفيسبوك”، واعتقلت في هذا السياق قرابة (340) فلسطيني منذ أكتوبر 2015، بتهمة التحريض على شبكات التواصل الاجتماعي ونشر صور شهداء أو أسرى أو تسجيل الإعجاب لمنشورات الآخرين.
وبينت أن غالبية أولئك المعتقلين كانوا من القدس المحتلة، وأن لوائح اتهام وجهت لبعضهم وصدر بحقهم أحكام مختلفة مقرونة بغرامات مالية، بتهمة التحريض، وأن آخرين تم تحويلهم الى “الاعتقال الإداري” لبضعة شهور دون محاكمة. وفي مرات أخرى اشترطت على بعض المعتقلين وقبل اطلاق سراحهم الامتناع عن استخدام (الفيسبوك) لفترات هي تحددها.
يذكر ان حكومة الاحتلال الإسرائيلي شكّلت وحدة خاصة في هيئة اركان الجيش الاسرائيلي تُسمى (وحدة سايبر العربية) لرصد ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي وما ينشر عليها.
(300) قرار بالحبس المنزلي وإبعاد عشرات المقدسيين عن مكان سكناهم
أصدرت المحاكم الإسرائيلية منذ تشرين اول 2015، نحو (300) قرار بـ “الحبس المنزلي”، غالبيتها العظمى كانت بحق المقدسيين، ذكورا واناثا، وأن هذه القرارات تعتبر بديلا عن السجن وتهدف الى الاقامة المنزلية وتقييد حرية الأشخاص خاصة الأطفال.
ويعني “الحبس المنزلي” مكوث الطفل فترات محددة داخل البيت وبتعهد أحد أفراد الأسرة، مما يحوّل البيوت إلى سجون، ويجعل من الآباء والأمهات سجانين ومراقبين على أبنائهم، ويدفعهم لمنعهم من الخروج من البيت حتى للعلاج أو الدراسة تنفيذا والتزاما بما أقرته المحكمة الإسرائيلية. هذا بالإضافة الى فرض غرامات مالية باهظة!
ويُعتبر “الحبس المنزلي” إجراءً تعسفياً ولا أخلاقياً ومخالفةً لقواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما ويشكل عقوبة جماعية للأسرة بمجموع أفرادها التي تضطر لأن تَبقى في حالة استنفار دائم، حريصة على حماية ابنهم من خطر تبعات تجاوزه للشروط المفروضة.
(27.7%) من الأسرى مرضى بينهم عشرات ممن يعانون من إعاقات مختلفة
مع نهاية شهر آذار/مارس 2018 كان عدد الأسرى المرضى قد وصل إلى (1800) اسير، ويشكلون ما نسبته (27.7%) من مجموع الأسرى، وأن من بين الأسرى المرضى قرابة (700) أسير بحاجة الى تدخل علاجي عاجل، بينهم مصابون بالسرطان وعشرات الأسرى الذين يعانون من إعاقات مختلفة (جسدية ونفسية وذهنية وحسية)، وهؤلاء يعيشون ظروفاً مأساوية نتيجة شروط الاحتجاز الصعبة والإهمال الطبي المتعمد وعدم توفير الأدوات المساعدة للمعاقين، والاستهتار الإسرائيلي المتواصل بآلامهم وأوجاعهم، وعدم الاكتراث بمعاناتهم واحتياجاتهم. حيث تسعى إدارة السجون الإسرائيلية إلى إلحاق الأذى بصحة وحياة الأسرى والمعتقلين بشكل متعمد وفي إطار سياسة ممنهجة.
الطفولة الفلسطينية في دائرة الاستهداف الإسرائيلي المتصاعد
ورصدت هيئة شؤون الأسرى تصاعدا خطيرا في استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك في إطار سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف الطفولة الفلسطينية، من حيث تضاعف أرقام الاعتقالات من جهة، وتزايد حجم الانتهاكات والجرائم المقترفة بحقهم والأحكام الجائرة الصادرة بحقهم والغرامات المالية المفروضة عليهم من جهة ثانية، حيث كان معدل الاعتقالات السنوية في صفوف الأطفال خلال العقد الماضي (2000-2010) نحو (700) حالة سنويا، فيما ارتفع منذ العام 2011-2017 ليصل الى قرابة (1250) حالة اعتقال سنويا. وسُجل منذ أكتوبر 2015 وحتى الأول من نيسان 2018) قرابة (4700) حالة اعتقال لأطفال قصّر تتراوح أعمارهم ما بين 11-18 عاما. وخلال العام المنصرم 2017 اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي (1467) طفلا، ذكوراً وإناثاً، ويشكلون ما نسبته (21.8%) من مجموع الاعتقالات خلال العام نفسه. فيما سُجل اعتقال (386) طفلاً منذ مطلع العام الجاري.
اعتقال النساء والفتيات
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقريرها إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تميز يوما فيما بين الفلسطينيين، ذكورا أم إناثا. كما ولم تستثنِ الأمهات والقاصرات من اعتقالاتها، وان الأشكال والأساليب، التي تتبعها عند اعتقال الرجال، لا تختلف في طبيعتها وتوقيتها عند اعتقال المرأة الفلسطينية، والتي غالبا ما تُعتقل من البيت وبعد منتصف الليل، وتتعرض للضرب والإهانة والمعاملة القاسية وهي في طريقها للسجن، ومن ثم تتعرض في مراكز التوقيف والاحتجاز إلى صنوف مختلفة من التعذيب الجسدي و النفسي ،وكثير منهن يتعرضن للعزل الانفرادي، في زنازين انفرادية.
واعتقلت سلطات الاحتلال منذ العام 1967 أكثر من (16) ألف فلسطينية، بينهن (1700) منذ عام 2000، فيما سُجل اعتقال (460) امرأة وفتاة منذ أكتوبر 2015، ومن بينهن (156) اعتقلن خلال العام المنصرم 2017، فيما ما تزال في سجون الاحتلال (62) أسيرة موزعات على سجني هشارون والدامون، بينهن (8) قاصرات تقل أعمارهن عن الـ18 ولعل أبرزهن الطفلة القاصرة عهد التميمي 17 عاما، و(21) أم، هذا بالإضافة إلى وجود (9) اسيرات جريحات وهن: لما البكري، عبلة العدم، شروق دويات، جيهان حشيمة، أمل طقاطقة، مرح باكير، نورهان عواد، اسراء جعابيص، حلوة حمامرة.
وتحتجز الأسيرات في ظروف قاسية ويتعرضن للإهانة والإيذاء المتعمد والإهمال الطبي والمعاملة اللاإنسانية، ولعل الأسيرة اسراء جعابيص خير نموذج لذلك.
التشريعات والقوانين المعادية لحقوق الاسرى والمعتقلين
شهد عام 2017 ومطلع العام 2018 تصعيدا وتغولا في الاستمرار في تشريع القوانين العنصرية والتعسفية والانتقامية من قبل حكومة اسرائيل الداعمة للاحتلال والاستيطان والمعادية لحقوق الاسرى ولمبادئ حقوق الإنسان.
وقد طرحت العديد من القوانين ونوقشت في الأطر السياسية والأمنية والتشريعية واقر بعضها من قبل لجنة التشريع وأقر الكنيست الإسرائيلي بعض تلك المشاريع بالقراءة التمهيدية، ولعل أبرز تلك القوانين، مشروع قانون إعدام الأسرى، ومشروع قانون خصم مخصصات الشهداء والأسرى من مستحقات السلطة الفلسطينية، ومشروع قانون منع زيارات أسرى منظمات فلسطينية تحتجز اسرائيليين، ومشروع قانون يسمح باحتجاز جثامين الشهداء، ومشروع قانون يقضي بحظر الإفراج عن الأسرى، مقابل جثث الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى فصائل المقاومة.
المطالبة بالحماية الدولية
وفي ختام تقريرها وجهت هيئة شؤون الأسرى والمحررين خالص تحياتها الى كافة الأسرى والأسيرات في كافة سجون ومعتقلات الاحتلال، كما ووجهت التحية الى أسرهم وعائلاتهم، والى كافة المخلصين والداعمين للأسرى. وأكدت الهيئة انها ستستمر في توظيف كافة امكانياتها وطاقاتها لخدمة قضيتهم، وستواصل بذل جهودها على كافة الصعد والمستويات، المحلية والاقليمية والدولية، دفاعا عن حقوقهم ودعما لمطالبهم العادلة، واسنادا لخطواتهم المشروعة. كما وستواصل خطواتها وجهودها الحثيثة لتدويل القضية وحشد الرأي العام العربي و الدولي وفضح الاجراءات التعسفية والممارسات الإسرائيلية بحق الأسرى والأسيرات أمام المحافل واللجان والمؤسسات الدولية وعبر وسائل الاعلام والمنابر المختلفة،
ودعت هيئة شؤون الأسرى جماهير شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، بالوقوف بجانب الأسرى والمشاركة الفاعلة في فعاليات احياء يوم الأسير الفلسطيني، كما وتدعو كافة الشقاء العرب والأصدقاء والأحرار في العالم أجمع بالتحرك لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي والوقوف بجانبهم في مواجهة المحتل وممارساته التعسفية، وتوفير الحماية الدولية للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال والزام اسرائيل باحترام قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الانساني بالتعامل مع المعتقلين، والتأكيد على حقوق الأسرى باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية، وأن الأمن والسلام العادل في المنطقة لا يمكن ان يتحقق في ظل استمرار الاعتقالات واحتجاز آلاف الاسرى والاسيرات في السجون الإسرائيلية.
وطالبت المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة إلى ضرورة تفعيل أدوات المسائلة والمحاسبة تجاه مقترفي الانتهاكات، وفاءً لالتزاماته القانونية والأخلاقية تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة.