محمد بلاص:
لا تبيت الحاجة “أم هاني” ليلة واحدة في مسكنها البدائي الذي أقامته في الجزء العلوي من خلة حمد في الأغوار الشمالية، دون أن تشعر أنها بمأمن على نفسها وحتى دجاجاتها من اعتداءات المستوطنين الذين يواصلون للعام الثالث على التوالي تمركزهم وتمددهم في البؤرة الاستيطانية التي أنشأوها على بعد عشرات الأمتار من مساكن العائلات البدوية في ذلك التجمع الغوري الصغير.
ووفقا لمراقبين، فإن المستوطنين ممن معظمهم في سن الشباب، ينتشرون بالعشرات في عدة مواقع، يغلقون مساحات واسعة من الأراضي، ويصلون بقطعان مواشيهم وكلابهم مشارف قرى بردلة وجباريس والفارسية، ويجسدون على أرض الواقع مخططا يهدف إلى ربط عدة مستوطنات متلاصقة ومتقاربة من أجل ضمها كمستوطنة كبرى تغلق شمال الأغوار أمام الفلسطينيين وتقضي على آمالهم في العيش بأمان فوق أراضيهم.
وقال الخبير في شؤون الاستيطان والانتهاكات الإسرائيلية في الأغوار، عارف دراغمة، إن المستوطنين يواصلون للعام الثالث على التوالي، التمركز في بؤرة استيطانية تسيطر على الآلاف من الدونمات الزراعية، وينفذون اعتداءات يوميا بحق الرعاة .
“لقد بلغت الوقاحة بالمستوطنين لمحاولة تقسيم المراعي بينهم وبين أصحاب الأراضي والمالكين الشرعيين”..قال دراغمة الذي أضاف لـ”الأيام”: “سمعنا هنا وهناك صيحات منددة بوجود المستوطنين واستيلائهم على أراضي السكان، ولكن لم نر ولم نسمع حتى الآن أن هناك ملفا لقضية رفعت قانونيا تطالب بطرد المستوطنين وإعادة الأراضي المسلوبة إلى أصحابها، وشاهدنا آلاف الصور المنددة والمستنكرة دون وجود حراك قانوني من أي طرف، وهو أمر استغله المستوطنون”.
وأصبح وجود الفلسطينيين في خلة حمد، وفقا لما أكده دراغمة، في مهب الرياح، في ظل وجود خطر حقيقي على حياتهم وممتلكاتهم.
وتابع: “نحن دققنا جرس الخطر مرارا وتكرارا، وما زال الموضوع يراوح مكانه، حتى إن الحاجة أم هاني والتي تعيش في الجزء العلوي من خلة حمد باتت لا تأمن على دجاجاتها، حيث لا يبعد مسكنها عن الخيمة الحجرية التي أقامها المستوطن، سوى 100 متر أو أقل من ذلك”.
ولم يعد كل هذا الضجيج والفبركات الإعلامية، يعني بالنسبة لأبو رسمي وجيرانه هناك، شيئا مهما، حيث جال وصال في الخلة آلاف المتضامنين دون أن يحركوا ساكنا، بل زادت معاناة عائلته، وأصبح الخطر أشد بسبب التهديدات المتواصلة التي يتلقونها من المستوطنين المدعومين من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح والكلاب المفترسة.
ورأى دراغمة، أن هناك ضرورة ملحة تحتم التوجه إلى المنظمات الدولية بما فيها المحاكم الدولية ورفع شكاوى ضد تلك البؤر دوليا من أجل وقفها وإعادة الأراضي لأصحابها.
وقال: “الأغوار تهود بصمت والمستوطنون باتوا يحتلون أكثر من نصف أراضي الأغوار وخاصة الشمالية منها”.
وأقام المستوطنون، تلك البؤرة الاستيطانية على أراضي خلة حمد، تحت حماية قوات الاحتلال التي أقدمت في وقت سابق على هدم مساكن الفلسطينيين في المنطقة المجاورة، وذلك بالرغم من إعلان إسرائيل أن هذه البؤرة “غير قانونية”.
وبحسب مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، معتز بشارات، فإن 30مستوطنا نصبوا الخيام في البؤرة الاستيطانية تلك، وأغلقوا الطريق المؤدية إلى خربة “الحمة” و”خلة حمد” المجاورتين، بالحجارة والإطارات ما أدى لعدم تمكن الفلسطينيين من الدخول والخروج إلى الخربة.
وقال بشارات، إنه بالرغم من اعتبار مؤسسات دولية وإنسانية استمرار الاحتلال باستهداف العائلات الفلسطينية في منطقة الأغوار سواء بالهدم أو الإخلاء، بذريعة التدريبات العسكرية، أمرا مخالفا للقانون، ويأتي في إطار استهداف المنطقة والضغط على سكانها لإخلائها باعتبارها منطقة حيوية وإستراتيجية على المستوى الزراعي والعسكري، إلا أن تلك المؤسسات تقف صامتة ومتفرجة أمام تصاعد عدوان الاحتلال والمستوطنين على أصحاب المنطقة الشرعيين ممن يتجرعون الويل والألم في كل يوم ولحظة، دون مغيث.
وأقيمت تلك البؤرة الاستيطانية، على قطعة ارض ذات ملكية فلسطينية خاصة، بالقرب من بؤرة استيطانية غير قانونية يطلق عليها اسم “جفعات ساليت” والتي بنيت في العام 2001، وتم توسيع أعمال البناء فيها لتطال التل المجاور، حيث أقدم المستوطنون على تمديد خط مياه إلى التل، وأقاموا حظائر للأغنام، وذلك على الرغم من وجود قرار قضائي يمنعهم من ذلك
عن الايام الفلسطينية