عميره هاس – هآرتس
اذا اردتم التجول في اللاوعي الاسرائيلي سافروا في شارع 60 حتى مفترق طرق بتين ودير دبوان وبرقة ومن هناك توجهوا يسارا. ألا تعرفون؟ هناك اعطيت اشارة. شركة خطوط اسرائيل تنفذ هناك اعمال تحسين وكذلك وضعت لافتات بالصيغة التالية: بؤرة خطر عالية. سافروا بحذر. هذا سجل داخل دائرة وفيها عقرب يشير الى خط باللون الاحمر، للتدليل. تحت الدائرة كتب “مفترق جفعات اساف”. توسيع المفترق وتنفيذ تحسينات امنية. اعمال صيانة في المفترق الخطير. موعد الانتهاء في كانون الثاني 2019. التوقيع: وزارة المواصلات وخطوط اسرائيل.
في منتصف شهر آذار سألت المتحدثة بلسان خطوط اسرائيل لماذا تم اختيار هذا الاسم؟ “حيث ان الامر يتعلق بموقع استيطاني غير قانوني وغير مرخص، اقيم على اراضي خاصة لسكان قرية بتين الفلسطينية. والاكثر من ذلك السيطرة على الارض تمت بواسطة تزوير وثائق”. الموقع اقيم في 2001 عن طريق استغلال قيود الحركة المشددة التي فرضها في حينه الجيش الاسرائيلي على الفلسطينيين، ومكن عصابات سارقين من السيطرة على مزيد من الاراضي.
لقد اشرت الى أنه قيل لي إن الموقع الاستيطاني لم يعط الشرعية، أي السلطات الاسرائيلية لم تجد ساحر قانوني محتال يبيض التزوير الفظ الذي تضمنه “بيع اراضي” في 2002 و2003 من قبل احد سكان بتين الذي مات في 1995. “هل في اختيار الاسم نوع من التشجيع للزعرنة العقارية؟” سألت واجبت “خطوط اسرائيل هي الشركة الوطنية الاسرائيلية للبنى التحتية للمواصلات ولا تنشغل اطلاقا بالمسائل السياسية بل بالمواضيع الاساسية المسؤولة عنها وهي التخطيط والتنفيذ والصيانة وشبكة الشوارع”.
لا تنشغل بمسائل سياسية؟ ليس هناك ما هو سياسي اكثر من شركة وطنية اسرائيلية، شقت شارع رئيسي على اراضي القرى الفلسطينية بتين وبرقة ودير دبوان، ولكن بدون ان يكون لديهم مخرج مباشر اليه والى المفترق. ليس هناك سياسي اكثر من شركة تشق شوارع خارج حدود الدولة، من اجل تمكين مواطنين يهود – اسرائيليين من مخالفة القانون الدولي، الذي يمنع نقل سكان محتلين الى المناطق المحتلة. ولكن هنا نحن ما زلنا في الحدود المنظورة للوعي الاسرائيلي. اسرائيل لا تخفي أن هذا هو غايتها، السيطرة المطلقة، الرسمية، على نحو 60 في المئة من اراضي الضفة الغربية. واسرائيل لا تخفي موقفها، الذي يقضي بأن كل قطعة ارض يضع عليها يهودي يده هي مكرسة له وهو مكرس لها.
اللاوعي يظهر في باقي الاجابة خطوط اسرائيل: “اسماء المفترقات لا تحدد من قبل الشركة أو أي جسم آخر مخول من الدولة، بل حسب الاسم المعروف لدى الجمهور، على الاغلب اسم البلدة الاقرب أو موقع معين، مثل مفترق برديسيا أو مفترق كيرح المجاور لمصنع لانتاج الجليد اقيم قبل قيام الدولة”. الجمهور؟ في القرى الثلاثة المذكورة اعلاه والقرى القريبة مثل مخماس وعين يبرود ويبرود وسلواد وبالطبع في مدن رام الله والبيرة، الجمهور يعرف المكان كمفترق قرى بتين وبرقة ودير دبوان. علاوة على ذلك الجمهور الفلسطيني الذي يعيش في المنطقة ويسافر في شوارعها اكبر بكثير من الجمهور الذي يسكن في النقاط الاستيطانية والمستوطنات المحيطة.
اللاوعي ليس مجرد يظهر، بل يطفو حقا في اللغة التي كتبت بها اللافتة. اللغة العبرية فقط. سألت قبل اربعة اشهر المتحدثين باسم الشركة لماذا لافتة لم تكتب ايضا بالعربية. الاجابة التي حصلت عليها كانت: “على ضوء توجهك الذي اثار اهتمامنا سنفحص اضافة كتابة بالعربية الى لافتات الارشاد في المناطق التي فيها سكان مختلطون”. اللافتات بقيت على حالها.
في الوعي الاسرائيلي الفلسطينيون هم اشخاص عابرون، ليس لهم حقوق في المكان الذي يعيشون فيه. في اللاوعي الذي يظهر في اللافتة بالعبرية وفي تفسيرها، الفلسطينيون مختفون تماما من هذا المكان. هم غير موجودين.