واصلت الصحف البريطانية الصادرة صباح الثلاثاء اهتمامها بأزمة الليرة التركية، وركز عدد منها في مقالات افتتاحية وتقارير إخبارية على مخاوف امتداد هذه الأزمة المالية عالميا.
ووضعت صحيفة الغارديان في صدر صفحتها الأولى تقريرا لمحررها الاقتصادي لاري اليوت تحت عنوان “مخاوف من أزمة عالمية بينما تكافح تركيا لكبح انحدار عملتها”.
ويقول التقرير إن تدهورا جديدا في الليرة التركية أرسل هزات ارتدادية إلى الأسواق المالية العالمية يوم أمس وسط مخاوف من أن يتسبب فشل حكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في التعامل مع أزمتها المالية المطردة في تأثير يشبه “مبدأ الدومينو” على اقتصادات أخرى عرضة للخطر.
ويوضح التقرير أن عملة البيزو الارجنتينية والراند الجنوب أفريقية كانتا من أكثر المتضررتين في يوم من التعاملات النقدية المضطربة شهد انخفاضا جديدا لليرة بنسبة 8 في المئة مقابل الدولار، في وقت هاجم فيه أردوغان من سماهم “الإرهابيين الاقتصاديين في وسائل التواصل الاجتماعي”، كما اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطعن تركيا في الظهر.
ويضيف أن تأكيد الرئيس التركي على أن بلاده ستخرج من هذا “الحصار الاقتصادي” فشل في تطمين الأسواق المالية القلقة من انهيار محتمل في اقتصاد ناهض وحيوي استراتيجيا.
ويقول كاتب التقرير إن المخاوف من انخفاض بنسبة 45 في المئة من قيمة الليرة التركية هذا العام سيكون له تأثير مدمر على الشركات التي استدانت بغزارة بعملات أجنبية، الأمر الذي سيعزز الانحدار المطرد في قيمة الليرة وسيرفع العجز في الميزانية التركية.
العدوى التركية
وفي السياق نفسه وضعت الفايننشال تايمز تقريرا في صدر صفحتها الأولى عن عدوى أزمة الليرة على الاقتصادات الناهضة أو الصاعدة.
وتقول الصحيفة في تقريرها إن الاضطراب التركي امتد إلى أسواق اقتصادات ناهضة يوم أمس ضاربا أسواق الأسهم والسندات والعملات، في وقت حذر محللون من أن اشتداد الأزمة بدأ في نشر العدوى إلى دول إخرى.
ويشير التقرير إلى أن البنك المركزي الأرجنتيني رفع بشكل غير متوقع معدل الفائدة بنسبة 5 في المئة، بعد انخفاض العملة الأرجنتينية (البيزو) لليوم السادس أمام الدولار.
وتنقل الصحيفة عن كاتي نيكسون، رئيسة قطاع الاستثمار في إدارة شركة ” نورذن تراست” للخدمات المالية، قولها إن “الخشية من أن ما حدث في تركيا لن يبقى محصورا فيها”.
هل تتجه تركيا نحو أزمة اقتصادية؟
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من الدعوات الملحة لأنقرة لاتخاذ فعل قوي يوقف تدهور الليرة إلا أن البنك المركزي التركي لم يتخذ سوى خطوات محدودة لدعم السيولة المصرفية، مع إصرار الرئيس أردوغان على استمرار موقفه المتحدي.
وتخصص الصحيفة ذاتها عددا من التحليلات ومقالات الرأي فيها لهذا الشأن فضلا عن مقالها الافتتاحي الذي جاء تحت عنوان “الأزمة التركية وخطر تحول استثماري”.
وترى الافتتاحية أن الطريق المرجح أن تنتقل عبره الأزمة التركية يتمثل في التحول في موقف المستثمرين نحو الأسواق الأخرى المعرضة للخطر.
فهي ترى أن الاقتصادات الناهضة وبعض الدول النامية قد تأثر بالأزمة، لكنه تأثر محدود، إذ لا تحتل صلاتها التجارية مع تركيا إلا نسبة صغيرة من إجمالي ناتجها القومي.
كما أن البنك المركزي الأوروبي يراقب عن كثب موقف المقرضين الأوروبيين لتركيا، وترى أن أي تأثير في هذا المجال يُمكن احتواؤه.
لذا يبقى المسار الرئيسي الممكن لانتقال الأزمة هو المناخ الاستثماري، الذي ترى الصحيفة أن خلفية ذلك ترجع إلى عقد من السياسة المالية والنقدية الرخوة والفضفاضة منذ الأزمة المالية العالمية، التي قادت إلى تصاعد مديونية الدول ذات الاقتصادات الناهضة.
وتنقل عن المعهد المالي الدولي قوله إن “المديونية المشتركة لثلاثين من الأسواق الناهضة ارتفعت من 163 في المئة من إجمالي ناتجها القومي في عام 2011 إلى 211 في المئة في الربع الأول من هذا العام.
موقف روسيا وإيران
وتخصص الغارديان افتتاحيتها أيضا للأزمة المالية التركية، وتخاطب في عنوانها الرئيس التركي قائلة “عندما تكون في حفرة فمن الأفضل التوقف عن الحفر، يا سيد أردوغان”.
تقول الغارديان إنه ليس من المرجح أن يلجأ أردوغان إلى طلب قرض من صندوق النقد الدولي
وتقول الصحيفة إنه من المرجح أن لا تكون إجراءات الطوارئ التي اتخذها أردوغان كافية، فهو بنظرها لا يستطيع فعل شيء سوى البحث عن المشاكل مع الدائنين على وجه الخصوص، وليس من المرجح أن يلجأ إلى طلب قرض من صندوق النقد الدولي.
وتضيف أنه من المحتمل أن يرفع البنك المركزي التركي معدل الفائدة بشكل حاد، وهذا سيقود إلى اضطراب اقتصادي وبطالة واسعة النطاق.
وتتهم الافتتاحية أردوغان بأنه صرف سنوات طويلة مقدما الاهتمام بتعزيز شعبيته على حساب الاستقرار الاقتصادي، وأن عليه الآن أن يقر بالاضطراب الذي كان هو وراء خلقه، بحسب تعبير الصحيفة.
وبدورها تكرس صحيفة التايمز للأزمة التركية مقالا افتتاحيا فيها فضلا عن تقرير موسع ومقالات رأي وتحليلات في صفحاتها الداخلية.
تركيا والولايات المتحدة: تحالف مستقر أم خلاف متصاعد؟
وتركز الصحيفة في تغطيتها على أثر الإجراءات الأمريكية على اقتصادات روسيا وتركيا وإيران.
وتقول الصحيفة إن روسيا التي تخشى من خطر عقوبات جديدة، أعلنت أنها تسعى إلى إلغاء اعتماد الدولار كمؤشر أساسي في التعاملات التجارية الدولية.
وتضيف أن روسيا دعمت أردوغان في دعوته الدول الأخرى لإجراء معاملاتها التجارية بعملاتها الوطنية بدلا من الدولار، كما توجه وزير خارجيتها سيرغي لافروف لإجراء محادثات في أنقرة على مدى يومين.
وتشير إلى أنه في إيران، أمر المرشد الأعلى بحملة دهم في القطاع المالي اعتقل فيها 67 مسؤولا بتهمة “التخريب الاقتصادي”، يقال إنهم من التكنوقراط المتحالفين مع حكومة الرئيس حسن روحاني الإصلاحية.
وتخلص الصحيفة إلى أن البلدان الثلاثة زادت من تقاربها في محاولة لمساعدة بعضها البعض لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الأمريكية، وخلافاتها معها في قضايا متعددة تتراوح من سوريا إلى حقوق الإنسان والتجارة.
ترامب وكبح طموحات الصين العسكرية
وتنشر صحيفة التايمز تقريرا من مراسليها في واشنطن تحت عنوان “ترامب يوقع مرسوم ميزانية دفاع بقيمة 717 مليار دولار لكبح الطموحات العسكرية الصينية”.
ماتيس (يسارا) التقى الرئيس شي جينبينغ خلال زيارة للصين مؤخرا
ويقول التقرير إن الولايات المتحدة قد ألغت مناوراتها العسكرية المشتركة مع الصين في ضوء مرسوم السياسة الدفاعية الذي وقعة ترامب أمس، ويعطي ميزانية قياسية للبنتاغون.
“إطلاق أول رصاصة” في الحرب التجارية بين أمريكا والصين
أربعة أسباب جعلت ترامب يتمسك بالتعريفات على التجارة
ويرى التقرير أن المرسوم الدفاعي الجديد يعكس تصميم واشنطن على مقاومة نشاطات التوسع العسكري الصيني في الفضاء الإلكتروني (السايبري) وكذلك بشأن الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، حيث يعتقد أن الصين نشرت صواريخ كروز فيها.
ويوضح التقرير أن الميزانية الدفاعية الأكبر منذ عام ميزانية عام 2010 (221 مليار دولار) حضت على مبيعات أسلحة أكبر لتايوان وإجراء مناورات عسكرية مشتركة معها.
حرب كلامية بين نتنياهو وكوربن
وتناول أكثر من صحيفة “الحرب الكلامية” بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم المعارضة في بريطانيا جيرمي كوربن.
جيرمي كوربن زعيم حزب العمال المعارض في بريطانيا
وخصصت صحيفة ديلي تلغراف معظم صفحتها الأولى لتقرير في هذا الشأن، فضلا عن عدد من مقالات الرأي ورسما كاريكاتيرا ومقالها الافتتاحي الذي هاجم الزعيم البريطاني المعارض وحمل عنوان “صلات كوربن مقلقة”.
وتقول الصحيفة إن كوربن دخل في حرب كلامية غير مسبوقة مع نتنياهو الليلة الماضية بشأن ما تصفها بأنها “زيارة إلى قبور إرهابيي دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ”.
وتوضح الصحيفة إن نتنياهو قال إن كوربن يحتاج إلى “إدانة لا لبس فيها من الجميع”، في أول تدخل له في الجدل الدائر بشأن الاتهامات بانتشار نزعة عداء السامية في أوساط حزب العمال البريطاني، مشددا على ضرورة إدانة كوربن “من اليسار واليمين وكل ما بينهما”.
وتضيف أن كوربن رد بشن هجوم شديد اللهجة على نتنياهو متهما إياه بإطلاق “مزاعم كاذبة بحقه”، ومشددا على القول إن “ما يستحق إدانة لا لبس فيها هو قتل أكثر من 160 متظاهرا فلسطينيا في غزة على أيدي القوات الإسرائيلية منذ مارس/آذار، بينهم العشرات من الأطفال”.
وتهاجم افتتاحية الصحيفة الزعيم العمالي متهمة إياه بإقامة صلات مع قادة الشين فين في وقت كان الجيش الجمهوري الإيرلندي السري يفجر قنابله في بريطانيا في الثمانينيات، وتقارن ذلك بصلات كوربن بـ “القضية الفلسطينية وبمنظمات مثل حماس”.
وتتساءل: “أنه شيء مثير للاستغراب أن ترى شخصا ما يمكن أن يصبح رئيس وزراء قد سعى لقضية مشتركة مع أولئك الذين يستهدفون تدمير قلب الدولة الديمقراطية التي يسعى لحكمها؟!”.
وتقول الغارديان في تغطيتها لهذا الموضوع إن كوربن قال إنه كان حاضرا في حفل تأبيني في مقبرة في تونس دفن فيها ضحايا ضربة جوية إسرائيلية قتلوا عام 1985 ( في مقر منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط بتونس).
وتضيف أن الزعيم العمالي عندما سُئل هل أن وضع اكليل الزهور الذي كان حاضرا فيه شمل قياديين فلسطينيين كانوا على صلة بجماعة أيلول الأسود التي قتلت عددا من رياضيي البعثة الإسرائيلية في دورة الألعاب ا|لأولمبية في ميونيخ عام 1972، ورد كوربن “لقد وُضع أكليل زهور فعلا على بعض من قتلوا في باريس عام 1992” ثم أضاف “كنت حاضرا عند وضع الأكليل لكنني لم أكن مشاركا فعليا به”.
وأضاف “كنت هناك لأنني أريد أن أرى استذكارا مناسبا لكل شخص قتل في أي حادث إرهابي وفي كل مكان. لأن علينا إنهاء ذلك. لا يمكنك السعي للسلام بدورة من العنف، فالسبيل الوحيد لمتابعة السلام عبر دورة من الحوار”.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم حزب العمال قوله إن كوربن “لم يضع أكليلا على أي من قبور أولئك الضالعين في منظمة أيلول الأسود والهجوم في ميونيخ عام 1972، وهو ، بالطبع، يدين هذا الهجوم الفظيع، كما يدين القصف الجوي في عام 1985”.