نشرت صحيفة “ذي إندبندنت” مقالا للكاتب روبرت فيسك تناول فيه النشاط الاستيطاني للاحتلال الإسرائيلي، والذي لم يتوقف في يوم من الأيام، واصفا إياه بانه أداة عقاب وتسلية بيد حكومة الاحتلال. فهي تارة تعلن عن الاف الوحدات الاستيطانية كعقاب للفلسطينيين على قرار الأمم المتحدة بمنح فلسطين صفة مراقب غير عضو في الامم المتحدة، في العام 2012. فيماي يلي ترجمة المقالة:
حدث ذلك في ذات الأسبوع الذي توفي فيه أوري أفنيري، “المعارض للاستيطان”، في تل أبيب، حيث أعلنت حكومة الاحتلال عن مشروع استيطاني ضخم في الضفة الغربية المحتلة. ويشمل المخطط الذي تم الاعلان عنه، بناء ألف وحدة استيطانية جديدة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، على الاراضي التي تتم سرقتها من الفلسطينيين، وهذه هي الكلمة الدقيقة (أي السرقة) التي يجب أن نستخدمها لوصف مثل هذه الأعمال. ويوجد في الضفة الغربية والقدس (140) مستوطنة، مبنية على أراض تابعة لشعب آخر (أي الشعب الفلسطيني)، ويعيش فيها (600) ألف مستوطن اسرائيلي.
ينظر المجتمع الدولي الى اعمال الاستيطان وكأنها أصبحت أعمال عادية وطبيعية، رغم ان الاحتلال الاسرائيلي هو آخر استعمار في العالم. ويضيف فيسك، “لقد ضجرنا من ذكر الأرقام، ومن الاستجابة الباهتة للمؤسسة الدولية امام ما يجري من عمليات بناء ضخمة على الأرض الفلسطينية. فقد أصبح انتشار سقوف القرميد الحمراء عبر قمم التلال في الضفة الغربية أمرا عاديا، وانتشرت أحواض السباحة والملاعب، والطرق الذكية، ومحلات السوبرماركت والبساتين، على تلك الاراضي، مما يشير الى انها مستوطنات اسرائيلية تأكل التلال والجبال الفلسطينية، وكلها محاطة بأسوار من الأسلاك الشائكة”.
والآن، مع الاعلان الاستيطاني الجديد، فقد اعتدنا كصحافيين على هذا الامر، وأصبح الأمر روتينا متعبا، وأصبح كل خبر صحفي حول الاستيطانية بمثابة شهادة تسجيل لسرقة أرض فلسطينية جديدة، ويجد صاحب الارض نفسه وحيدا في مواجهة واسعة لحل مشكلته، دون اي مساعدة.
لم يتمكن النشطاء في مجال حقوق الإنسان من اعاقة استشراء الاستيطان على الارض الفلسطينية. فقد ارتفع عدد المستوطنين اليهود على الأرض الفلسطينية، وبشكل غير قانوني بموجب القانون الدولي، من (80) ألف وقت اتفاق أوسلو في العام 1993، إلى (150) ألفا في غضون (7) سنوات فقط. وكل واحد من هؤلاء المستوطنين الجدد، البالغ عددهم (70) ألفا كان يتخذ “خطوات أحادية الجانب”، كما يشاء على طريقته الخاصة، رغم علمه انه يخرق اتفاقيات أوسلو بمجرد الدوس على ارض فلسطينية، او يعبر عتبة منزل او ساحة فلسطينية.
وتنص المادة (49) من اتفاقيات جنيف، لعام 1949، الصادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر على: “لا يجوز للسلطة القائمة بالاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءً من السكان الاصليين للأرض التي تحتلها”. ورغم ان مجلس الأمن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومحكمة العدل الدولية، وافقت جميعها على نص المادة (49)، وتطبيقها على الأراضي الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، الا ان هذا ألم يلاقي اية استجابة.
كان التوسع في المستعمرات الاسرائيلية في الضفة الغربية يُعلن على أنه مجرد عودة إلى أرض إسرائيل التوراتية. غير ان ذلك مناف للحقيقة، حيث انه عقاب واضح للفلسطينيين، وما يشبه اداة للتسلية بيد حكومة الاحتلال. ففي العام 2012، أعلن الاحتلال عن بناء (3) الاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، رداً على قرار الأمم المتحدة بمنح فلسطين صفة مراقب غير عضو في الامم المتحدة. وخلال هذا الاسبوع، قال أفيغدور ليبرمان، وزير جيش الاحتلال، أنه سيقوم ببناء (400) وحدة استيطانية جديدة، والسبب هو الردً على مقتل إسرائيلي على يد شاب فلسطيني في مستوطنة “آدم” بالضفة الغربية.
ويتساءك فيسك، “الا يؤكد ذلك ان الحكومة الاسرائيلية تتسلى بالفلسطينيين، وبحياتهم، وبأرضهم”؟
ترجمة: ناصر العيسة، عن: “ذي إندبندنت”