حذر مهندسون إسرائيليون من عواقب المخطط الاستيطاني الذي تدفعه بلدية الاحتلال في القدس ووزارة المواصلات الإسرائيلية القاضي بإقامة تلفريك في منطقة حائط البراق. وأكد المهندسون على أن هذا المخطط سيلحق أضرارا بمشهد البلدة القديمة وأنه لن يحل أزمة السير في هذه المنطقة.
وتعتزم البلدية والوزارة إيداع المخطط لدى “لجنة البنى التحتية الوطنية” الإسرائيلية للمصادقة النهائية عليه. وتدفع هذه الجهات الإسرائيلية بتشجيع من المستوطنين المخطط منذ عدة سنوات، من خلال ما يسمى “سلطة تطوير القدس” أيضا. وبحسب المخطط فإن هذا التلفريك سينطلق من الحي الألماني ويمر عبر بلدتي أبو طور ومستوطنات في القدس المحتلة، ويصل إلى “مركز الزائرين” الذي أقامته جمعية “إلعاد” الاستيطانية في حي سلوان المحاذي للحرم القدسي، ومن هناك يواصل طريقه إلى محطته الأخيرة في ساحة البراق.
ويصف المبادرون لهذا المخطط أنه “خط مواصلات عامة”، ويدعون أنه سيحل أزمة المواصلات والوصول إلى البلدة القديمة في القدس.
ونقلت صحيفة “هآرتس” اليوم، الأحد، عن المهندس موشيه سفاديا، الذي يعتبر أحد كبار المخططين الإسرائيليين، قوله إن هذا المخطط خاطئ من الناحية التشغيلية وكذلك من حيث تبعاته على منظر البلدة القديمة والحفاظ عليها. وشدد على أنه لا توجد سابقة بإقامة مشروع كهذا في مدينة قديمة مثل القدس وفي قلب منطقتها التاريخية.
وأوضح سفاديا أنه “بعد أن حققت في الموضوع، فإنه لا توجد مدينة تاريخية أخرى في العالم سمحت بإقامة منظومة تلفريك في واجهة حوض منطقة تراثها التاريخي”. وحذر من أن مسار التلفريك سيؤدي إلى “نشوء معارضة دولية” لهذا المخطط.
وأضاف أن “الغالبية العظمى من السياح والحجاج المسيحيين يصلون إلى المنطقة بحافلات لأنهم يأتون بمجموعات، وثمة شك ما إذا كانوا سيتنقلون بتلفريك بدلا من الاستمرار كالسابق إلى غايتهم النهائية عند باب المغاربة (في ساحة البراق)، ولذلك فإن مشكلة توقف الحافلات ستبقى على حالها”.
وأشار سفاديا إلى أنه “من حيث الجوهر، يقترح هذا المشروع نقل مشكلة مواقف المركبات من البلدة القديمة إلى منطقة انطلاق التلفريك. ولم يثبت أنه بالإمكان حل قضية الوصول إلى محطات التلفريك المقترحة”. ولفت إلى أن المخطط “سيحسن بدون شك منشآت جمعية إلعاد، لكن هناك علاقة واهية بينها وبين المشروع الذي يسهم بمشكلة الازدحام والوصول إلى المنطقة، خاصة خلال احتفالات بمشاركة حشود في الحائط المبكى”.
وقال سفاديا إن “مسار التلفريك يمر في عدد من المناطق التاريخية البالغة الحساسية وفي النصف الأخير يحلق بارتفاع منخفض فوق أحياء سكنية، بصورة تُحدث ضجيجا ومسا بالخصوصية”. واتهم المسؤولين عن المخطط أنهم عرضوا تصويرا مضللا وأن قاطراته أصغر مما هي في الواقع.
وانتقد المشروع المهندس غابريئيل كرتيس، الذي احتج على تمرير المخطط في “لجنة البنى التحتية الوطنية” وليس في لجنة التخطيط اللوائية، حيث كان بإمكان المخطط وتفاصيله أن تكون مكشوفا بشكل أكبر أمام الجمهور.
كذلك اعترضت على المخطط منظمة المهندسين “عمق شبيه”، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية. وقالت المنظمة إن “القدس ليست ديزنيلاند وكنوز المنظر والتراث فيها ليس عملة تنتقل بين التجار. التلفريك سيكلف ملايين الشواقل، وسيثقل على المواصلات العامة في المدينة، وسيمس بصورة لا يمكن إصلاحها بالمدينة ومناظرها، وهي مورد نادر نملكه جميعنا”.