اعتدى جنود الاحتلال الإسرائيلي، أمس، على ناشط حقوقي وعدد من المتضامنين الأجانب، وطاردوا رعاة المواشي في خلة حمد بالأغوار الشمالية برفقة مجموعة من المستوطنين ممن أقاموا في العام 2016 المستوطنون بؤرة استيطانية جديدة تتمدد على حساب أراضي المواطنين.
ووصف خبير الاستيطان والانتهاكات في الأغوار، عارف دراغمة، أمس، بأنه يوم صعب على رعاة المواشي والمتضامنين ممن كانوا هدفا للاعتداء والاحتجاز من قبل جنود الاحتلال بتحريض من المستوطنين.
وقال دراغمة، إن جنود الاحتلال ساندوا المستوطنين في ملاحقة وطرد رعاة المواشي من الفلسطينيين وأجبروهم على مغادرة المراعي التي اعتادوا التواجد فيها لسنوات طويلة، قبل أن يبدأ المستوطنون في امتهان رعي المواشي.
وأضاف، إن الجنود طردوا رعاة المواشي الفلسطينيين من تلك المنطقة بذريعة أنها مصنفة منطقة إطلاق النار، في وقت سمحوا فيه للمستوطنين بالتواجد هناك ورعي المواشي التي أحضروها إلى البؤرة الاستيطانية المقامة على أراضي خلة حمد.
وتابعت: “تواجدت في ساعات الصباح الباكر في تلك المنطقة بعد تلقي شكاوى من رعاة المواشي حول تعرضهم للمضايقات من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال، وكان برفقتي متضامنين اثنين من مؤسسة تعايش، حيث احتجزنا الجنود لمده تجاوزت أربع ساعات في ظل ظروف قاسية، وصادر الجنود السيارة الخاصة بالمتضامنين”.
وأضاف: “بعد احتجازنا معا في خلة حمد أصيب المتضامن جاي هرشفلد من مؤسسة تعايش بأزمة صدرية وتسارع في دقات القلب، فأحضر له جيش الاحتلال أطباء عسكريين ومدنيين إسرائيليين، إلا أنه رفض تلقي العلاج على أيديهم، وقال إنني لن أتلقى العلاج على يد مجندة أو ممرض يدعم الاحتلال، وأرغب بتلقي العلاج على يد طبيب فلسطيني في عين البيضاء، ولن أتعالج إلا على يد طبيب فلسطيني”.
وأردف دراغمة: “بعد إطلاق سراحنا أخذت هرشفلد إلى عيادة عين البيضاء حيث أبلى الأطباء بلاء حسنا وتعاملوا معه بإنسانية عالية، وقدموا له العلاج اللازم”.
ورأى، أن هناك مسؤولية إنسانية ملقاة على عاتق المؤسسات الإنسانية والمانحة تحتم عليها الوقوف إلى جانب مربي المواشي في الحمة وخلة حمد ومكحول وتوفير اللازم لهم، وتقديم الأعلاف والمياه والخدمات البيطرية اللازمة في ظل استمرار ملاحقتهم من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين يوميا ومنعهم من الرعي وحرمانهم من العيش بأمان، مؤكدا، أن الوضع الإنساني للعائلات هناك صعب وخطير والسكان بحاجه إلى تحرك فوري.
وبحسب مركز “بتسيلم”، فإن المستوطنين في خلة حمد يبذلون جهودا كبيرة لمنع وصول الرعاة الفلسطينيين إلى أراضيهم، ولأجل ذلك يخرج أولئك على شكل دوريات ترهيب وهم يعتلون الخيول والتراكتورات الصغيرة مسلحين بالعصيّ والبنادق ليطردوا رعاة الأغنام الفلسطينيين، مشيرا، إلى أنه وثق مستوطنين يندفعون مقتحمين قطعان الأغنام لأجل تشتيتها ويدهسون المواشي ويرشقونها بالحجارة ويعتدون جسديا على الرعاة أنفسهم أو يهددوهم.
وأشار المركز، إلى أنه حين ينجح المستوطنون في إبعاد الرعاة الفلسطينيين عن المراعي الفلسطينية يأخذون في جلب قطعان الأغنام والأبقار خاصتهم لترعى هناك، وبذلك يستغلون المراعي لاحتياجاتهم هم ويمسون بقدرة القطعان الفلسطينية على الرعي.
ولفت، إلى أن هذا العُنف بات روتينا يوميّا يسود حياة رعاة المواشي الفلسطينيين ممن تقدموا بشكاوى لدى الجيش والشرطة الإسرائيلية حول تعرضهم لاعتداءات، إلا أن جهاز تطبيق القانون الإسرائيلي يواصل باستمرار الامتناع عن اتخاذ أية إجراءات ضد المستوطنين ممن يمارسون اعتداءاتهم بوجود الجنود.
وجاء في بيان لمركز بتسيلم: “إن إقامة البؤر الاستيطانية والعنف الذي يمارسه المستوطنون ضد السكان الفلسطينيين كلاهما يجري برعاية الدولة ولا يأتي من فراغ، وهذه البؤر جزء لا يتجزأ من سياسة تتبعها إسرائيل في الأغوار منذ العام 1967 مستخدمة العديد من الوسائل الرسمية وغير الرسمية بهدف تقليص الوجود الفلسطيني في الأغوار وتعميق السيطرة الإسرائيلية على المنطقة، وبذلك تمنع الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة الأغوار وشمال البحر الميت وتستغل هذه المساحة لاحتياجاتها هي، وتمنعهم من المكوث في تلك الأراضي والبناء فيها ورعي أغنامهم وفلاحة أراضيهم الزراعية”.
وبين، أن إسرائيل تستند في ممارساتها هذه إلى ذرائع قانونية مختلفة، حيث أعلنت منذ العام 1967 بعد أشهر قليلة من بدء الاحتلال جميع الأراضي التي كانت مسجلة أراضي دولة في العهد الأردني وتشكل ما نسبته 53% من مجمل مساحة منطقة الأغوار وشمال البحر الميت كمساحات مغلقة، فيما أعلن الجيش في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات 7ر45% من أراضي الغور كمناطق إطلاق نار، ومنع الفلسطينيين من دخولها أو المكوث فيها، بينما أعلنت إسرائيل نحو 20% من أراضي الغور كمحميات طبيعية و”حدائق وطنية وخصصت أراض أخرى للمستوطنات التي أقيمت في الأغوار بعد الاحتلال بوقت قصير