أعادت وزيرة القضاء الإسرائيلية، آييلت شاكيد، في تصريحات أدلت بها هذا الأسبوع، التأكيد على الخطة السياسية التي يتبناها حزبها (البيت اليهودي)، القاضيّة بضم مناطق “ج”، التي تشكل 60 في المئة من الضفة الغربية إلى إسرائيل وتدمير حل الدولتين.
وقالت شاكيد، في مقابلة أجرتها معها الصحافية الإسرائيلية، يونيت ليفي، لصالح مجلة “أتلانتيك” الأميركيّة، إن إسرائيل قادرة على استيعاب 100 ألف فلسطينيّ، هم سكّان المناطق “ج”، ومنحهم المواطنة الإسرائيليّة.
وتقضي خطة البيت اليهودي بضم 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية، عدا القدس، وهي تضم كل المستوطنات، وفيها عشرات القرى الفلسطينية الصغيرة، ويقل عدد السكان الفلسطينيين فيها حسب تقديرات الاحتلال، عن 100 فلسطيني مقابل نصف مليون مستوطن إسرائيلي، ولا صلاحيات فيها للسلطة الفلسطينية.
بالمقابل، يتم وفقا للخطة، فرض حكم ذاتي بصلاحيات محدودة لإدارة الشؤون اليومية في مناطق “أ”، التي تمتدّ على حوالي 18 في المئة من مساحة الضفة، وفيها كامل الصلاحيات للسلطة الفلسطينية، ومناطق “ب”، التي تمتد على حوالي 22 في المئة من مساحة الضفة، وتدير السلطة فيها الشؤون المدنية.
وقالت شاكيد، خلال دفاعها عن الخطة في المقابلة المذكورة، إن ما يبدو اليوم كأحد برامج الخيال العلمي، وتقصد خيار ضم مناطق “ج”، سينضج غدًا أو في القريب العاجل، لأن الناس سيرون بالتدريج ما يحدث في الشرق الأوسط ويستوعبون أن الخطة قابلة للتطبيق.
وتتميز سياسة حزب “البيت اليهودي”، وهو ممثل تيار الصهيونية الدينية الذي يشكل “القلب النابض” للاستيطان، إلى جانب الثبات على الإستراتيجية بحنكة وتروٍ في التطبيق، وهم يمارسون ما يسمى بسياسة الضم الزّاحف، من خلال تغيير المعطيات الديمغرافية والسياسية على الأرض وخلق حقائق جديدة، وهي سياسة تسير باتجاهين، يتمثل الأول بتكثيف وتدعيم الاستيطان في تلك المناطق، والثاني بممارسة تطهير عرقي ضد السكان الفلسطينيين وذلك على طريق إنضاج الظروف لضم تلك المناطق لإسرائيل، رسميًا.
وانسجامًا مع هذا التوجه، يسعى وزراء البيت اليهودي وخاصة شاكيد، إلى إحداث تغيير في البنى الأساسيّة لمؤسسات الدولة، يشمل أساسًا القضاء والإعلام والأكاديميا وجهاز التعليم، وذلك في إطار ما يعرف بتغيير النخب وإحداث “انقلاب أبيض” وبطيء على ما كان يعرف بالصهيونية العلمانية ذات التوجهات الليبراليّة.
في هذا السياق، تأتي تصريحات سابقة لشاكيد تقول فيها إنّ المحكمة العليا لم تعد فرعًا لحركة “ميرتس” وتصريحاتها في المقابلة ذات العلاقة، التي قالت فيها، إن حكومات اليمين السابقة عليها وعلى زميلها وزير المعارف الإسرائيليّ، نفتالي بينيت، كانت حكومات يمين، ولكنّها كانت تكمل سياسة اليسار، ولم تحاول تغيير طابع أجهزة القضاء والإعلام والأكاديميا، في حين أن هي قامت بذلك، مشيرة إلى أن اليمين الإسرائيلي والصهيونية الدينية والمعسكر المحافظ لا يستطيع بعد اليوم التباكي على أنّه غير ممثل كفاية في الجهاز القضائي.
وفيما تواصل هي زعزعة أركان الجهاز القضائي بإدخال المزيد من القضاة المحسوبين على اليمين الديني الاستيطاني وتشريع قوانين وإجراءات تحد من نفوذ المحكمة العليا، خدمة للمشاريع الاستيطانية وعلى طريق إنضاج ظروف لتنفيذ الضم وترجمة حلم أرض إسرائيل الكاملة، فإن تيّار الصهيونية الدينية الذي تمثله شاكيد بجدارة، رغم كونها علمانية، بات يطغى على طابع الدولة الإسرائيليّة، خاصّة بعد سن قانون القومية، علما بأنها ترى أن كلمتي “يهودية ديمقراطية” كانتا ستسهّلان على الآخرين “ابتلاع القانون”، ليس أكثر.