تتقلص المساحات المزروعة بشكل مطرد في قرية (بورين) في نابلس شمال الضفة الغربية بفعل استمرار التمدد الاستيطاني الإسرائيلي على أراضيها.
وتعد أشجار الزيتون أبرز ضحايا هذا الواقع في القرية التي يعيش فيها ما يقرب من 3500 فلسطيني وتبعد أقل من 10 كيلومترات من مدينة نابلس.
ويعد محصول الزيتون مصدراً غذائيا واقتصاديا رئيسا بالنسبة للفلسطينيين ومصدر دخل سنوي للمزارعين.
وقديما، كانت قرية بورين تتميز باعتماد رئيسي على المزروعات، قبل أن يغير التمدد الاستيطاني الإسرائيلي المستمر وما ترتب عليه من مصادرة أكثر من نصف أراضيها واقعها.
وتُقدر مساحة القرية بنحو 32 ألف دونم، لكن لا يسمح لسكانها باستخدام سوى 11 ألفا منها فقط بفعل استيطان وقيود إسرائيل على أراضيها.
وخلال شهر تشرين اول/أكتوبر الجاري، الذي يعد موسم قطف محصول الزيتون، لا يمنح مزارعو قرية بورين الحرية لقطف أشجارهم أو الاهتمام بأراضيهم ومزارعهم.
ويقول مزارعون في القرية إن عملهم مقيد بفعل مصادرة إسرائيل للأراضي واعتداءات المستوطنين اليهود المتزايدة.
ونجا المزارع عبد المهيمن موسى (43 عاماً) من هجوم شنه مستوطنون الأسبوع الماضي على أرضه في ظل تواجد نشطاء دوليين متضامنين لدعمه وأمثاله المزارعين في عمله.
وقال موسى لوكالة أنباء “شينخوا” إن الهجوم على أرضه تم على الرغم من حصوله على تنسيق خاص من الجيش الإسرائيلي لقطف محصول الزيتون من ارضه.
ويوضح أنه كان يتواجد مع أربعة مزارعين آخرين وعدد من المتضامنين الدوليين عندما تعرضوا لهجوم “وحشي” بالحجارة من أكثر من 20 مستوطنا.
ويشير إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي التي كانت على مقربة من أرضه راقبت هجوم المستوطنين، لكنها لم تحرك ساكنا.
وتتطلب عملية قطف ثمار الزيتون من شجرة واحدة في العادة عدة ساعات، وذلك بحسب عدد الأشخاص المشاركين فيها.
ويشكو موسى من تضاعف هجمات المستوطنين عليهم هذا العام، خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر الماضي.
ويقول الرجل بغضب “في كل مرة نذهب فيها إلى مزارعنا لا نعرف ما إذا كنا سنعود إلى منازلنا سالمين أو سنموت لأن الخطر يأتينا من جميع الاتجاهات”.
ويعتمد الكثير من سكان قرية بورين بشكل أساسي على الرعي والزراعة، لكنهم تأثروا من حصار الاستيطان الإسرائيلي لأراضي قريتهم.
إذ اقام الاحتلال مستوطنة “براخا” شمال القرية، وفي الجنوب مستوطنة “يتسهار”، فيما أقيمت بؤرة استيطانية حديثا تُعرف باسم “جفعات رونيم” شرق القرية، ويستكمل حصار القرية غربا بقاعدة عسكرية إسرائيلية.
ويقول رئيس مجلس بورين يحيى قادوس لـ”شينخوا” إن القرية محاطة بالمستوطنين من جميع الجهات، وهو ما يؤثر بالطبع على حياة سكانها اليومية.
ويشير قادوس إلى أن المزارعين لا يستطيعون الوصول إلى مزارعهم بدون تنسيق مسبق مع الجانب الإسرائيلي يحصلون عليه مرتين فقط في العام، الأولى في موسم قطف الزيتون والثانية لحرث المزارع.
وينبه إلى أن ذلك لا يكفي المزارعين لرعاية أشجارهم خلال الوقت الزمني الضيق الذي يسمح به التنسيق، ما يؤثر سلبا على إيراداتهم لأن أشجار الزيتون تتطلب الاهتمام لتحقيق الإنتاجية.
ويضيف أن الجيش الإسرائيلي لم يسمح للمزارعين إلا بيوم واحد من الأسبوع لقطف المحصول، وهو ما يطيل مدة حصاد الزيتون والتي تستغرق في الوضع الطبيعي مدة أسبوعين بشكل متتال.
وعادة ما يتم منح تصاريح العمل للمزارعين في القرية أيام السبت من كل أسبوع، وهو يوم إجازة مقدس لدى اليهود.
لكن قادوس يشتكي من أن مستوطنين يهاجمون المزارعين حتى في أيام التنسيق من دون رادع من الجيش الإسرائيلي “الذي يكتفي فقط بملاحقة الفلسطينيين حال محاولتهم التصدي للهجمات عليهم”.
وسبق أن طالبت السلطة الفلسطينية مرارا الحكومة الإسرائيلية بوضع حد لتصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية.
وارتفع عدد المستوطنين في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 الى نحو نصف مليون مستوطن إسرائيلي يقيمون في 120 مستوطنة إلى جانب 2.7 مليون فلسطيني.
ويبلغ عدد أشجار الزيتون في الأراضي الفلسطينية قرابة 12 مليون شجرة، منها قرابة 9 ملايين شجرة زيتون مثمرة، والباقي غير مثمر، بحسب إحصائيات وزارة الزراعة الفلسطينية.