يمرّر المزارع الفلسطيني محمود أبو شنار نظره على صفين من أشجار الزيتون قطعها ليلاً مجهولون لم يرهم، لكنه يؤكد دون أدنى شك أنهم قدموا من المستوطنة الإسرائيلية المجاورة.
وقال أبو شنار، الذي يعمل في الأرض: “عندما أتينا، الأحد الماضي، صدمنا عندما رأينا أنه تم قطع كل هذه الأشجار”.
وأضاف: “اتصلت بمالك الأرض. جاء وكذلك قدم عناصر الأمن والجيش الإسرائيلي، لكن من دون جدوى بالتأكيد”.
والزيتون هو المنتج الفلسطيني الأوفر وتملأ أشجاره الوديان وسفوح التلال في أنحاء الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ أكثر من خمسين عاماً.
وتشكل الأمطار الأولى بعد أشهر الصيف الحارة مؤشراً للمزارعين لبدء حصاد محاصيلهم.
لكن ذلك لا يأتي دون مخاطر. ففي مناطق كثيرة، يقول المزارعون: إنهم يتعرضون للترهيب والعنف من قبل المستوطنين في المناطق القريبة، ويطلبون الحماية من أنصارهم في الخارج، ومن الجانب الإسرائيلي ومن حاخامات يهود.
وتقول الأمم المتحدة: إنه تم تخريب أكثر من سبعة آلاف شجرة يملكها فلسطينيون هذا العام حتى الآن. وبلغ العدد أقل من ستة آلاف العام الماضي بأكمله، مقابل 1600 شجرة دمرت في 2016.
وذكر أبو شنار أنه تم تدمير نحو مئتي شجرة في الحقول التي يعمل بها قرب رام الله وسط الضفة الغربية خلال الأسابيع الأخيرة، ما سبب خسائر بآلاف الدولارات.
وأضاف: “إنهم يريدون الأرض. من غيرهم سيأتي ويرتكب جريمة كهذه؟”.
من جهتها، أشارت الهيئة التي تمثل مستوطنات الضفة الغربية إلى تزايد الهجمات على المزارع التي يملكها إسرائيليون، في ما وصفته بـ”الإرهاب الزراعي”.
وأفادت الشرطة الإسرائيلية أنها تجري “تحقيقاً في عدد من الحوادث التي تضررت فيها أشجار زيتون”.
وقالت: إن “هناك عدداً من الشكاوى التي تقدم بها ملّاك حقول يهود بشأن ضرر لحق بأشجار الزيتون”.
وأكد الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية مايك روزنفيلد أنه تم تكثيف الدوريات.
لكن المجموعات الحقوقية تشير إلى أن المحاصيل الفلسطينية تتعرض باستمرار للتخريب من قبل مستوطنين وسط غياب أي جهود جدية من السلطات لوقف ذلك.
وعلى بعد عشرات الكيلومترات عن المنطقة التي تضم أشجار أبو شنار قرب مدينة نابلس، تقطف مجموعة من الأشخاص الزيتون.
وعلى بعد عشرة أمتار فقط، بيت مهجور خطت على جدرانه كتابات بالعبرية، بينما تطل مستوطنة “هار براخا” من فوق تلة.
وتسيّر القوات الإسرائيلية دوريات في المنطقة، بينما يؤكد أحد الجنود للفلسطينيين أن هدفها “المساعدة”.
لكن المزارعين الفلسطينيين قالوا: إن المستوطنين دمروا أشجاراً في المكان قبل يومين فقط، متهمين الجيش بالتباطؤ في الرد والوقوف في صف المستوطنين.
وهم يدعون العالم وإسرائيل إلى حضور موسم القطاف لحمايتهم.
وقالت البريطانية المتقاعدة كارولين: إنها تأتي كل عام منذ عقد للعمل مع السكان الفلسطينيين الذين يعيشون بالقرب من “مستوطنات تتسم بصعوبة خاصة”.
وأفادت بأنها ذهبت هذه السنة مع مزارعة إلى أرضها الواقعة بالقرب من إحدى المستوطنات، إلا أن الجيش اعترض طريقهما.
وأضافت: “عندما وصلت أخيراً إلى البساتين، اكتشفت أن المستوطنين قطعوا مئة من أشجارها. لم يكن هناك أي زيتون لنقطفه”.
ويتأكد الحاخام جيل ناتيف من ارتدائه القلنسوة اليهودية عندما يتوجه لقطف الزيتون؛ ليظهر للفلسطينيين أن توسيع المستوطنات الإسرائيلية أمر لا يؤيده جميع اليهود.
وقال ناتيف المتطوع في منظمة “حاخامات من أجل حقوق الإنسان”: إن “بعض (الإسرائيليين) يعتبروننا خونة”.
وأضاف: “بالنسبة إلي، يقوم المبدأ الرئيس للعقيدة اليهودية على أن الجميع خلقوا كما صورهم الله وجميع البشر هم أحفاد آدم وحواء”.
وقال رئيس مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية (يشع) يغال دلموني لوكالة فرانس برس: إن المجلس “يشجب جميع أعمال التخريب والتدمير المتعمد للممتلكات”.
وأشار إلى سلسلة هجمات نفذها فلسطينيون على مستوطنات إسرائيلية.