في مسافر يطا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية رحلة حياة من نوع آخر تجسدها حكاية صمود فلسطيني منقطع النظير في خرب تكاد تكون شبيهة بمساكن الإنسان الأول.
في أم الخير وسوسيا والتواني والتبان والحلاوة والفخيت ومنيزل والزويدين والفقير.
تلك الخرب والتجمعات النائية في الجنوب الفلسطيني قصة صراع نحو البقاء لا تنهي .. فالحياة في تلك المناطق مجبولة بالعرق والدم والجوع والفقر والتحدي مع الاحتلال الغاشم، الذي يعمل على اقتلاع الإنسان من جذوره من أرضه التي أحبها ولا يزال يضحي من أجلها.
حكاية صمود
عندما تنتهي بك الطريق الترابية بين الشعاب والأودية والجبال تطل عليك “أم الخير” فترى هياكل لبيوت من اللبن، وبركسات من المعدن تثبتها حجارة من حولها خوفا من انجرافات سيول الماء لها.
وتدب الحياة في كهوفها حيث يعيش الإنسان والبهائم والطيور وتلد النساء داخلها، وفي زوايا الكهف أكوام من الحطب والبرسيم الجاف وشعلة من نار عليها صاج معدني، هو فرن إنتاج الخبز الرقيق (الشراك) المغمس بالدم .. تلكم هي حكاية أناس من لحم ودم وأعصاب، ومشاعر يتحدون صلف الاحتلال الصهيوني الذي دمر المنازل وجرف المزارع وقتل الأطفال وحرق المواشي وسمم البهائم، وكأن العالم أصم لا يسمع ما يجري في مسافر يطا!!.
حكاية الصمود تلك خلفت أمراضا مزمنة لاحتلال ومستوطنين عجزوا بكل ما يملكون من قوة عن اقتلاع الإنسان الفلسطيني في أم الخير وغيرها والذي تعامل مع أرضه على أنها موطنه ورزقه، يسقيها بعرقه ودمه، ويحرص في النهاية أن تكون مدفنا له.