ب. ميخائيل
في لحظة سعادة فعلت شركة «اير.بي.ان.بي» ما كان يجب أن تفعله منذ زمن: أزالت من مواقعها الشقق التي عرضت للتأجير في مناطق الضفة الغربية المحتلة.
على الفور ثار احتجاج كبير. هدد الوزير لفين بالضرائب، وصرخ المستوطنون؛ لأن مصدر رزقهم تضرر، واستدعت وزيرة القضاء المستشار القانوني، وطلبت مستوطِنة تقديم دعوى قضائية جماعية. بعد قليل بالتأكيد سيطلب تفعيل قانون محاكمة النازيين ومساعديهم ضد شركة «اير.بي.ان.بي».
يجب على هذه الشركة أن لا تخشى. فهي فعلت الامر الصحيح، الذي هو شيء قانوني. كل الغاضبين والمهددين على أنواعهم تجاهلوا (وهذا أمر معتاد) عدداً من الحقائق القانونية. لذلك، من الجدير العودة والتذكير بها. حسب القانون الدولي الضفة الغربية هي مناطق محتلة حسب كل المقاييس.
حتى أنه لا يوجد خلاف على ذلك. فهذا ما قررته محكمتان دوليتان، وهذا ما قاله الصليب الاحمر (المسؤول عن القانون الانساني الدولي)، وهذا ما قررته جميع دول العالم تقريبا، باستثناء اسرائيل بالطبع.
ولكن المناورات القانونية في الجو التي تقوم بها من اجل التهرب من اعتبارها دولة محتلة، تستقبل برفض مستخف. وبكون المناطق محتلة فهي تسري عليها بالطبع كل بنود ميثاق جنيف، التي حتى اسرائيل أعلنت أنها تعتبر نفسها خاضعة له.
حسب المادة 49 في الميثاق، كل المستوطنات جريمة حرب، ببساطة. وكل مستوطن (باستثناء الاطفال الذين تم سبيهم بأيدي آبائهم) يعتبر مجرم حرب. وحسب «ميثاق روما»، الذي هو دستور محكمة الجنايات الدولية المسؤولة عن محاكمة مجرمي الحرب (الافراد وليس الدول)، فان كل من يساعد على تنفيذ جرائم حرب يتحمل مسؤولية جنائية. «مساعدة»، يوضح الدستور، هي اغراء، استشارة، تشجيع على تنفيذ جريمة أو مساعدة بأي وسيلة كانت على تنفيذها. باختصار، كل المستوطنين ومساعديهم.
وإليكم أيضا إحدى الحقائق المنسية جدا: في 2 كانون الثاني 2015 انضمت دولة فلسطين (ذي ستيت أوف بالستاين) الى ميثاق روما. وفي 1 نيسان 2015 دخل انضمامها حيز التنفيذ. وبذلك، رغم أنف إسرائيل، تم ضم كل «المناطق» المحتلة (بما فيها شرقي القدس) الى حدود ولاية محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. أي أن كل من يقوم باستئجار شقة للاستجمام لدى مستوطن في الضفة ويساعده بذلك ماليا، من شأنه أن يجد نفسه متهما بالمشاركة في جريمة حرب. وفي الحقيقة، هكذا أيضا كل من يشتري منتجات المستوطنات، أو يشرب فنجان قهوة في مقهى استيطاني، أو يغري أو يقدم استشارة أو يوصي الآخرين بالقيام بذلك. كل واحد من هؤلاء يمكن أن يجد في صندوق البريد ذات صباح استدعاء لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وهذا أمر غير لطيف، لا سيما للسياح الذين وقعت دولهم ايضا على ميثاق روما ويخضع مواطنوها لقوانينه.
على خلفية ذلك فان شركة «اير.بي.ان.بي» ليس فقط لم تقاطع، بل على العكس: لقد فعلت واجبها القانوني. ايضا توقفت عن أن تعرض على زبائنها المشاركة في جرائم حرب. وكذلك حمت نفسها من اتهام كهذا. لم يكن هناك تمييز في ذلك، بل فقط حفاظ على القانون الدولي.
ايضا منظمة «كرم نبوت» التي يمكن ايضا أن تقدم ضدها دعاوى قضائية، فعلت شيئا أصيلا: ابلاغ الجمهور، وبالاساس السياح، عن الشقق التي استئجارها يمكن أن يورطها مع القانون. لقد رفعت عائقا من امام العميان. لذلك نحن نباركها. يا ليت لو تقدم دعوى ضد شركة «اير بي.ان. بي»، ويا ليت المحاكمة تجري في لاهاي أو أي مكان آخر في العالم، ولكن ليس في اسرائيل. ويا ليتنا نحظى أخيرا برؤية قضاة يناقشون بشكل جدي مسألة جرائم الحرب المستمرة لمشروع الاستيطان والعاملين فيه وادارته.
عن «هآرتس»