حذر ناشطون مؤيدون لحقوق الشعب الفلسطيني ولحرية التعبير، ممن يحشدون لمواجهة ما يسمى “قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل” في الكونغرس الأميركي، من صدقية ما تردد مؤخرا في العاصمة الاميركية بشأن تحركات سرية لتمرير مشروع هذا القانون، ( عبر الية ما يسمى بالقوانين التي لا بد من تمويلها قبل نهاية العام الجاري، أي قبل انتهاء الدورة الحالية للكونغرس) رغم أن “اتحاد الحريات المدنية الأميركي –إي.سي.إل.يو (ACLU) ” كان أعلن أن قانونا كهذا يعتبر “غير دستوري حتى في صيغته المعدلة”.
يشار إلى أنه وعلى الرغم من وجود 292 عضوا من مجلس النواب و 58 من مجلس الشيوخ من الذين تبنوا مشروع قانون “مكافحة مقاطعة إسرائيل” ، إلا أن زعماء الحزبين في الكونغرس لم يطرحوا هذا القانون للتصويت في في دورة الكونغرس الحالية التي تنتهي مع نهاية العام، حيث سيبدأ الكونغرس يوم 3 كانون الثاني 2019 دورة جديدة، وذلك بسبب ما يثيره القانون من جدل بشأن مساسه بحرية التعبير التي تعتبر من أهم ركائز الدستور الأميركي.
ويقول فيليب وايس أحد نشطاء حرية التعبير الذين تابعوا هذه القضية منذ بدايتها عبر نشرته “موندووايسو” بأن مؤيدي القانون يحاولون اللجوء إلى خدعة تقنية تقضي بتمرير القانون قبل نهاية الأسبوع الحالي، “الآن، قبل أيام قليلة من تولي الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب، ومع رحيل العديد من الذين رعوا القانون بسبب خسارتهم الانتخابات النصفية الشهر الماضي، يشعرون بنفاد الوقت ويعملون من أجل تمريره عبر أي وسيلة”.
من جهتها كشفت نشرة “الكنيسة التوحيدية من أجل العدالة في الشرق الأوسط” وهي احدى المؤسسات التي قاومت تمرير القانون “إن الفرص المتناقصة لتمرير قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل أمام مجلس النواب، وهي أولوية قديمة لـمنظمة إيباك AIPAC ، تدفع منظمة اللوبي الإسرائيلي الأول لحياكة المكائد السرية لوضع القانون كجزء مرتبط بقضايا أخرى تقضي الحاجة بأن توافق عليه لجنة الاعتماد في الكونغرس قبل نهاية العام”.
وتحذر نشرة الكنيسة التوحيدية من أن “هناك سببا للاعتقاد بأن قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل قد يتم /دفنه ا دمجه/ ضمن مشروع قانون مخصصات هذا الأسبوع، كجزء من جدول أعمال مجلس النواب لهذا الأسبوع تحت بند: النظر في التشريع من أجل تخصيص مزيد من الاعتماد لعام 2019″ وليس تحت رقم القانون نفسه، ما سيجعل تعقب مشروع القانون ومواجهته أمرا صعبا” مستدركة (النشرة) انه “على الرغم من أننا لا نستطيع أن نكون متأكدين، الا ان هناك احتمالا بأن مشروع قانون مكافحة المقاطعة سيتم وضعه ضمن مشروع قانون اعتمادات يجب تمريرها”.
وتضيف النشرة “يجب أن نتصرف بسرعة للتأكد من أن حلفائنا في لجنة المخصصات بمجلس النواب، وان يتم الغاء مشروع هذا القانون قبل أن يصل إلى لجنة قواعد القانون في مجلس النواب، حيث أنه، وبمجرد وصوله إلى هناك، سيكون الوقت قد فات لتغييره، حيث أنه من غير المحتمل أن تكون هناك أي مناقشة في قاعة مجلس النواب لاعتماد القانون، أو سيكون هناك مجرد تصويت بالأيادي دون مناقشة”.
بدورها عبرت لارا فريدمان من “مؤسسة السلام في الشرق الأوسط” عن قلقها بهذا الشأن على موقعها في شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر” محذرة من أن قانون “مكافحة مقاطعة إسرائيل” وقانون إعادة تعريف معنى معاداة السامية (التوعية حول معاداة السامية) على وشك أن يتم دفعهما عبر الكونغرس. وقالت فريدممان “هناك شائعات ذات صدقية تتردد في هذا الكونغرس بشأن تمرير قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل- المصمم لمعاقبة من يحاول التمييز بين إسرائيل والمستوطنات عن طريق قمع حرية التعبير، ومن المرجح أن ينتقل هذا إلى قانون التوعية المعادية للسامية (الذي يعيد تعريف معاداة السامية بما يجرم مقاطعة إسرائيل ويضعها تحت هذا البند) “.
ويرمي قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل (إتش.آر 1697 أمام مجلس النواب وإس 720 ، أمام مجلس الشيوخ) إلى سن تشريع يسدد ضربة لحرية التعبير، ويجريم المقاطعة الطوعية لإسرائيل أو مستوطنات الاحتلال الاسرائيلي و”هدفها الواضح هو محو التمييز بين إسرائيل والمستوطنات”.
وتحاول منظمة “إيباك” وحلفاؤها منذ فترة طويلة جدًا تمرير هذا القانون ولكن عدم دستوريته وجهد النشطاء شكل عقبة كبيرة أمام تمريره حتى اليوم.
ووصفت فريدمان مشروع القانون بأنه يمثل “اضطهادا سياسيا، يستغل المخاوف الحقيقية بشأن ارتفاع معاداة السامية كذريعة لنزع الشرعية عن أي محاولة لانتقاد إسرائيل وسياساتها تجاه الفلسطينيين”.
وكان من المقرر تمرير مشروع قانون الانفاق للحكومة الفدرالية (لعام 2019) من قبل مجلس النواب يوم الجمعة ، 7 كانون الأول ، وإلا فستبدأ عملية إغلاق الحكومة بحسب تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكن وبسبب جنازة الرئيس الأميركي الاسبق جورج بوش (الأب)، فقد أرجئ ذلك بشكل مؤقت لمدة أسبوع واحد، وسيتم تحديد تشريع الإنفاق في الأسبوع المقبل.
يشار إلى أن لجنة صياغة مشروع “مكافحة مقاطعة إسرائيل” الذي عدل العام الماضي استجابة لمخاوف تتعلق في المساس بالتعديل الأول في الدستور الأميركي ، وحذف السجن كعقوبة من يقاطع إسرائيل ، وتحديد أن الخطاب المنتقد لإسرائيل لا يمكن استخدامه كدليل على كسر القانون، إلا أن إتحاد الحقوق المدنية إي.سي.إل.يو ACLU و”مركز الحقوق الدستورية” يقولان بان مشروع القانون “لا يزال غير دستوري”.
وبحسب الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (إي.سي.إل.يو )، فإن “القانون في حال إنفاذه فانه سيفرض عقوبات مالية جنائية على الأميركيين الذين يشاركون في المقاطعة السياسية للشركات التي تقوم بأعمال في إسرائيل ومستوطناتها في فلسطين المحتلة”.