يرفض قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة التابع لوزارة القضاء الإسرائيلية (“ماحاش”) التحقيق في جريمة تثبيت قتل الشاب الفلسطيني باسل سدر من الخليل، في 14 تشرين الأول/أكتوبر العام 2015، في القدس المحتلة. وكشف تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” اليوم، الأحد، عن تفاصيل إفادات ثلاثة من أفراد حرس الحدود، الذين أطلقوا النار على سدر بعد إصابته ومن مسافة قصيرة، ما أدى إلى استشهاده، بادعاء محاولته تنفيذ عملية طعن.
وقالت الصحيفة إنه بعد وقت قصير من جريمة أفراد حرس الحدود، أجرت الشرطة الإسرائيلية فحصا، تبين منه أنها تحدثت مع ثلاثة من أفراد حرس الحدود، من السرية 101، والذين أطلقوا النار على سدر.
وافاد أحدهم بأنه أطلق النار على سدر من مسافة سبعة أمتار، بعد أن سقوطه على الأرض. وقال عنصر حرس الحدود الثاني إنه أطلق رصاصة أخرى بزعم أن سدر حرّك رأسه. واعترف الثالث قائلا: “نفذنا تثبيت قتل بالمخرب”.
ورغم اعتراف عنصر حرس الحدود الثالث ومقاطع أخرى من إفادات عنصري حرس الحدود الآخرين، التي وصفوا فيها كيف استمروا بإطلاق النار على سدر بعد إصابته، إلا أن “ماحاش” رفض مرتين إجراء تحقيق في الجريمة، وزعموا أنه لم تنشأ شبهة بأن إطلاق النار على سدر “تجاوز المعقول”، بادعاء أن أفراد حرس الحدود الثلاثة “شعروا بوجود خطر على حياتهم وحياة المحيطين بهم” من سدر المطروح أرضا بعد إصابته بنيرانهم.
ورفضت النيابة العامة الإسرائيلية استئنافا على قرار بعدم التحقيق في إصابة مواطن مر في المكان أثناء الجريمة، قدمته منظمة “ييش دين” الحقوقية ولم تتطرق إلى إطلاق النار على سدر بهدف تثبيت القتل.
وبحسب إفادة قائد قوة حرس الحدود التي تواجدت في منطقة باب العمود في البلدة القديمة، فإن أحد أفراد
حرس الحدود شاهد سدر ينظر إلى القوة من مسافة 45 مترا، وطالبه بالاقتراب، وعندما اقترب، صرخ عنصر حرس الحدود: “مخرب”، بادعاء أنه شاهد سكينا بيده، ثم أطلق عليه رصاصة إسفنج. وأضاف قائد القوة إن سدر بدأ يحرب من المكان باتجاه باب العمود، “ومشطنا سلاحنا وبدأنا بإطلاق النار نحوه”.
وأضاف قائد القوة أن سدر اعتبر خطيرا في هذه المرحلة وأنه خلال هربه باتجاه البلدة القديمة كان بإمكانه طعن أفراد حرس حدود آخرين المنتشرين في هذه المنطقة، ولذلك قرر إطلاق رصاص حي عليه. وتابع “كنا نراه بأعيننا طوال الوقت وصرخت نحوه بالعبرية أن يتوقف، ولم يتوقف، وأطلقت رصاصة واحدة نحوه. وسقط على الأرض في الساحة مقابل الباب. ووقفت على مسافة سبعة أمتار منه”.
وبعد أن كان سدر مطروحا على الأرض جريحا، أحاط به ستة أفراد حرس الحدود من جهة، ومجموعة أخرى من حرس الحدود من الجهة الأخرى. ورغم ذلك قرر قائد القوة وأفراد قوته مواصلة إطلاق النار، بادعاء أنه “كان لا يزال يتحرك والسكين بيده. أطلقت رصاصة أخرى باتجاه رأسه، من أجل تحييد الخطر، وهذا هو. وباستثنائي، أعرف أن الشرطيان (من حرس الحدود) أ. وت. نفذوا إطلاق نار وكانا شاهدان على ما يجري”، وأن سدر “لم يكن قد تمكن من محاولة طعن أحد”.
وقال عنصر حرس حدود آخر إنه بعد أن سمع زميله يعلن عن سدر أنه “مخرب”، أطلق النار هو أيضا عليه، “أطلقت رصاصتين باتجاه القسم العلوي من جسده”، وسقط أرضا.
وشهد ثالث من أفراد حرس الحدود أنه أطلق النار هو وافراد آخرين على سدر. وقال إنه “اقتربت من المشتبه، ولاحظت أنه لا يزال يرفع رأسه، وعندها أطلقت عليه رصاصة أو اثنتين من أجل تحييد نهائيا”. وتبين أن افراد حرس الحدود أطلقوا 27 رصاصة على سدر، رغم أنه لم يُصب أحد بأذى، وكان جريحا بعد الرصاصة الأولى.
وكان نائب النائب العام في حينه، يهودا شيفر، قد عاين ملف التحقيق في هذه الجريمة، وقرر إنه إغلاق الملف “مبرر”. وكتب شيفر في قراره أن “إطلاق افراد الشرطة (حرس الحدود) النار على المخرب، من أجل تحييد الخطر الماثل منه، كان مبررا. وللأسف فإنه من الجائز أن إحدى الرصاصات أصابت بالخطأ كف قدم المستشأنف الذي مر في خط النار. ولا يوجد في الملف قاعدة أدلة بأن إطلاق النار من جانب أفراد الشرطة على المخرب كان مهملا، وبالتأكيد لا يوجد أي مؤشر على ادعاء المستأنف بأن النار أطلقت نحوه عن قصد”.
وقال باسم سدر، والد الشهيد باسل، إنه يشعر بـ”العجز” حيال قرار عدم التحقيق في جريمة قتل ابنه. واضاف أنه “لا يمكننا فعل الكثير، وحتى اليوم نحن ملاحقون كعائلة، وبين حين وآخر يأتون ويجرون تفتيشا في البيت في الخليل. وأنا وأفراد عائلتي ممنوعون من السفر”.