تحت عنوان من “الاحتلال إلى الأبرتهايد” استعرضت حركة “سلام الآن” الإسرائيلية، في تقرير أصدرته، مؤخرًا، أبرز التحولات التي طرأت على الوضعية القانونية للأراضي الفلسطينية المحتلة (الضفة الغربية) والمستوطنات الكائنة فيها، خلال السنوات العشرة الأخيرة، التي كان خلالها بنيامين نتنياهو رئيسًا للحكومة الإسرائيلية.
وأشار التقرير إلى أنّ نقطة البداية تمثلت في التغيير الذي حصل في موقف الحكومة الإسرائيليّة من البؤر الاستيطانية غير القانونية، الذي عبّرت عنه في جوابها للمحكمة العليا في آذار/مارس 2011، بإعلانها عن نيتها شرعنة البؤر الاستيطانية المقامة في أي مكان يمكنها ذلك من الضفة الغربية، وهو توجه لاقى ترجمته على الأرض في شرعنة أكثر من 35 بؤرة استيطانية حتى اليوم.
في موازاة ذلك، أقامت الحكومة “لجنة إدموند”، بهدف تشكيل قوّة موازنة لتقرير”طاليا ساسون”، حول البؤر الاستيطانية غير القانونية، وإيجاد وسائل قانونية تساهم في تطوير المستوطنات والبؤر الاستيطانية، والتي، بالرغم من عدم مصادقة الحكومة الإسرائيليّة رسميًا على توصياتها، إلّا أنّ جزءًا من هذه التوصيات والتوجه العام الذي حملته بدا يتغلغل إلى التفسيرات القضائية، التي عرضتها الدولة في المحاكم وفي الإجراءات الميدانية، فبعد أن كانت تلك التفسيرات تتعامل في الماضي مع الأرض الواقعة خارج نطاق التسوية كأرض فلسطينية خاصة، بات تسمّيها اليوم “أرضًا خارج الإعلان” عن أراضي الدولة أو أرضًا يمكنها أن تكون أرضًا خاصة وهكذا.
ويشير التقرير إلى أنّ أدلّة هذا التغيير المقلق تصاعدت في ظل حكومة نتنياهو الحالية، وتعيين آييلت شاكيد وزيرةً للقضاء، وأفيحاي مندلبليت مستشارا قضائيا، حيث شمل الاتفاق الائتلافي إقامة طاقم لشرعنة البؤر الاستيطانية في تموز/يوليو 2015.
كذلك، قامت آييلت شاكيد، فور تسلّمها مهام منصب وزيرة القضاء، بتعيين المحامي عمير فيشر، وهو ممثل جمعية استيطانية مختصة بتطبيق قوانين التنظيم والبناء ضد الفلسطينيين، مستشارًا خاصًا وظيفته مراجعة ردود الدولة الخاصة بالمستوطنات.
وتوج هذا التوجه بقيام الكنيست بتشريع قانون المصادرة المسمى بـ”قانون التسوية” المخصص لشرعنة عمليات نهب أرض الفلسطينيين، التي قامت بها المستوطنات والبؤر الاستيطانية. إضافة إلى كل ذلك، حصلَ، ومنذ تعيين مندلبليت مستشارا قضائيا، تحوّل في مواقف الجهاز القضائي وتطبيق القانون.
ويعتبر التقرير تلك المواقف لبنةً إضافية في الضم الفعلي للأراضي المحتلة للسيادة الإسرائيلية وتطبيع المستوطنات وتحويلها عمليا إلى جزء من إسرائيل دون الإعلان عن ذلك، وهو يتوقف عند العديد من الأمثلة العملية لتطبيق هذه السياسة ومنها مواقف للنيابة العامة والمستشار القضائي.
يخلص التقرير إلى نتيجة مفادها بأن هذه السياسة هي نتاج عقد من حكومات اليمين برئاسة نتنياهو، خلقت خلالها أجواءً لممارسة ضغوطٍ على الجهات القضائية للاستجابة لمطالب توسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي وتقليص الوجود الفلسطيني في مناطق “ج”.
كما يحذر التقرير من عواقب هذه السياسة، التي من شأنها أن تورط إسرائيل والعاملين باسمها في المناطق المحتلة، بمخالفات للقانون الدولي، ويرى فيها استمرارًا لعملية متواصلة تهدف إلى ضم الأراضي المحتلة وخلق واقع دولة واحدة ثنائية القومية، يعيش فيها الفلسطينيون بدون حقوق، واقع يبعد احتمالات السلام وحل الدولتين وتنشط في إطاره عوامل فعلية لنظام أبرتهايد في الضفة الغربية.