Home / ملف الاستيطان والجدار / دراسة: الانسحاب من المنطقة C “خطر وجودي” على إسرائيل

دراسة: الانسحاب من المنطقة C “خطر وجودي” على إسرائيل

ينشغل الإسرائيليون دائما بالمسألة الديمغرافية، ويتناولون حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني من خلال هذه المسألة، ويرسمون حدود دولتهم، أو يرفضون رسمها، من خلال المسألة الديمغرافية. ورغم وجود إجماع حول الاستيطان بين الغالبية العظمى من الإسرائيليين، إلا أن اليمين يسعى ويعمل على تكثيف الاستيطان بهدف فرض واقع يمنع قيام دولة فلسطينية بين النهر والبحر.

وصدرت الأسبوع الماضي دراسة عن “مركز بيغن – سادات” في جامعة بار إيلان، أعدّها الباحث في المركز، غرشون هكوهين، وهو يحمل رتبة لواء في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي. وتظهر هذه الدراسة بشكل واضح النزعة اليمينية لمعدها هكوهين، الذي ينتمي لعائلة مستوطنين وحاخامات في الصهيونية الدينية.

وادعى هكوهين أن سحب قوات الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية، وتحديدا من المنطقة C التي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، “يضع أمام دولة إسرائيل احتمال تهديد وجودي”. واعتبر أن “انعدام وجود عسكري إسرائيل في مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وخاصة في الأغوار، سيسمح بنشوء كيان إرهابي وفق النموذج الغزي ويهدد السهل الساحلي. ومخاطر انسحاب كهذا يزج إسرائيل في حدود لا يمكن الدفاع عنها، وتتزايد (المخاطر) خصوصا على ضوء التغيرات التي طرأت على طبيعة الحرب في العقود الأخيرة، التي جعلت تكرار إنجازات حرب الأيام الستة (حزيران 1967) في هذه المنطقة مستحيلة. وذلك من دون الحديث عن رد فعل دولي شديد لسيطرة على دولة ذات سيادة”.

وأضاف هكوهين أن “نشر قوات دولية في مناطق يهودا والسامرة لا يضمن دولة فلسطينية منزوعة السلاح، كما أنها لن تمنع دخول جيوش معادية إلى أراضيها و/أو استغلالها كقاعدة لشن هجمات إرهابية ضد إسرائيل”.

وبحسب هكوهين فإن الحلول المرحلية إلى حين التوصل إلى اتفاق دائم، ويتم خلالها إخلاء مستوطنين بينما تبقى القوات الإسرائيلية في الضفة، “ستمس بالكتلة الكمية المطلوبة للسيطرة على هذا الحيز، وتزيد من الضائقة بموارد الجيش الإسرائيلي الذي يتعامل مع نقص دائم بحجم قواته النظامية. ومن دون الكتلة السكانية اليهودية في يهودا والسامرة، سيجد الجيش الإسرائيلي نفسه في ضائقة عملانية شديدة تضطره إلى الانسحاب مثلما انسحب في أيار/مايو العام 2000 من جنوب لبنان”.

خريطة تظهر حجم المنطقة C

ورفض هكوهين إخلاء المستوطنات والبؤر الاستيطانية العشوائية الواقع خارج الكتل الاستيطانية، التي يسميها الإسرائيليون بـ”المستوطنات المعزولة”. وتشير المعطيات الإسرائيلية إلى أن عدد المستوطنين فيها إلى حوالي 80 ألفا. وبحسبه، فإن إخلاء “المستوطنات المعزولة” سيضع أمام الجيش الإسرائيلي “مصاعب لا تتعلق فقط بقدرته على العمل في عمق الدولة الفلسطينية، وإنما تضع مصاعب أمام حرية اتخاذ القرار بشن عمليات كهذه”.

وتابع أنه “بغياب انتشار استيطاني مدني، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى تغيير انتشاره في هذه المنطقة. وسيصبح الانتقال من جهوزية عادية إلى جهوزية طوارئ في فترات التصعيد، معقد ويكشف نقاط ضعف حساسة، خاصة في حال الحرب على عدة جبهات إسرائيلية، مثل جبهة غزة، التي ستشكل جزءا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، والجبهة الشمالية وبضمنها التهديد الصاروخي من جانب حزب الله”.

رؤية رابين وبيرس

أشار هكوهين إلى أن ما ذكره أعلاه هو الرؤية التي عبر عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إسحق رابين، الذي وقع على اتفاقية أوسلو، عام 1993، ورفض لاحقا تطبيق هذه الاتفاقية. وقال رابين في خطابه الأخير في الكنيست، قبل اغتياله، إن “حدود دولة إسرائيل لفترة الحل الدائم ستكون وراء الخطوط التي كانت قائمة قبل حرب الأيام الستة. والحدود الآمنة لحماية دولة إسرائيل ستكون في غور الأردن، بالمفهوم الأوسع لهذا المصطلح. والقدس الموحدة، التي ستضم أيضا (مستوطنة) معاليه أدوميم وكذلك (مستوطنة) غفعات زئيف، ستبقى عاصمة إسرائيل وتحت سيادة إسرائيل”.

يشار إلى أن المخططات الاستيطانية ومستقبل الضفة الغربية وضعه حزب العمل، واستمد اليمين الإسرائيلي منه خططه بهذا الخصوص. ولفت هكوهين في هذا السياق إلى أن “رابين استغل التقدم في تطبيق اتفاقيات أوسلو من أجل بذل جهد لإعادة بلورة المنطقة بموجب المصالح الأمنية الإسرائيلية. وفي هذا الإطار، قاد (رابين) مجهودا واسع النطاق لشق شبكة طرق التفافية في المنطقة C، توفر للجيش الإسرائيلي الظروف المطلوبة للتنقل في هذه المنطقة”.

كذلك اقتبس هكوهين من كتاب لرئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، شمعون بيرس، الذي رفض في العامين 1995 – 1996، مواصلة تطبيق اتفاق أوسلو. وبحسب بيرس، فإنه “إذا قامت دولة فلسطينية منفصلة، فإنها ستكون مسلحة من كفة قدمها وحتى رأسها. وستتواجد فيها قواعد لقوات المخربين الأكثر تطرفا، وحتى أنها ستكون مزودة بصواريخ كتف مضادة للطائرات والدبابات، وتشكل خطرا ليس فقط على المارين، وإنما على أية طائرة ومروحية تحلق في سماء إسرائيل، وأية سيارة تتحرق في الشوارع الرئيسية في السهل الساحلي. وثمة شك فيما إذا كان يوجد في حيز إقليمي ردع مطلق، لكن غياب حيز إقليمي بالحد الأدنى يضع الدولة في وضع انعدام ردع مطلق. وهذا الأمر بحد ذاته، ينطوي على طعم لمهاجمة إسرائيل من جميع الاتجاهات. كما أن نزع السلاح في الضفة يبدو كدواء مشكوك فيه، فالمشكلة الرئيسية ليست اتفاق حول نزع السلاح، وإنما وجود اتفاق كهذا. وعدد الاتفاقيات التي خرقها العرب لا يقل عن عدد الاتفاق التي طبقوها”.

“الانفصال عن الفلسطينيين تم في 1996”

يرفض هكوهين حل الدولتين، “هم هناك ونحن هنا”، معتبرا أن خطة الانفصال الأحادية الجانب في قطاع غزة هي “التعبير الأبرز عنها، بحيث أنه توجد حدود عازلة بالكامل بين الكيانين بصورة تستوجب اقتلاع مستوطنات و’تطهير’ الحيز من وجود يهودي. وعمليا فرضت خطة الانفصال قيودا خطيرة على قدرة الشاباك والجيش الإسرائيلي للعمل وراء الحدود من أجل منع تحول القطاع إلى كيان إرهابي”.

في المقابل، دعا هكوهين إلى اتباع خطة في الضفة الغربية “يعيش فيها كيانان إثنيان و/أو قوميان إلى جانب بعضهما ومن خلال تعايش متعدد الأبعاد في جميع منظومات البنية التحتية في المنطقة – مواصلات، ماء، كهرباء، أعمال تجارية، صناعة وما إلى ذلك – والاحتكاك اليومي، ويشمل المستوى الأمني، يمنح تفوق في استخدام القوة بصورة تمكن من منع تفجر أوضاع بين حين وآخر بقوة كبيرة”.

وادعى هكوهين أن بقاء الجيش الإسرائيلي والمستوطنات في المنطقة C هي “الحد الأدنى المطلوب للحفاظ على حيز يمكن الدفاع منه عن دولة إسرائيل”. وأوصى بعدة خطوات “مطلوبة من أجل بلورة هذه المنطقة من أجل وجود مشترك للكيانين”. ويتبين أن هذه خطوات هدامة، ليس لحل الدولتين فقط، وإنما هي مدمرة لنسيج حياة الفلسطينيين:

أولا: “تعزيز القدس كمتروبولين، من خلال تطوير بنية تحتية للمواصلات وبنية تحتية بلدية شاملة من غوش عتصيون (الكتلة الاستيطانية الواقعة جنوب بيت لحم) وحتى ميشور أدوميم، ميخماش، عوفرا وغفعات زئيف” وهي كتلة استيطانية محيطة بمدينة رام الله.

ثانيا: “استنفاذ الممر المفتوح من القدس إلى البحر الميت للاستيطان من خلال بناء مكثف لعشرات آلاف الوحدات السكنية”.

ثالثا: “تطوير واجهة شرقية لدولة إسرائيل من عراد (في النقب) وحتى جبل الجلبوع (غرب بيسان)، من خلال تحويل غور الأردن حتى المنحدرات الشرقية لجبال السامرة (شمال الضفة) إلى حيز استيطاني متواصل”.

رابعا: “تعزيز مستوطنات جنوب جبل الخليل كغلاف شمالي لمتروبولين بئر السبع”.

خامسا: “شق شارع على طول البلاد، مشابه لشارع 6 (“عابر إسرائيل”) من صحراء يهودا (برية الخليل) ويمر عبر ميشور أدوميم ويستمر شمالا حتى بيسان والعفولة”. وأشار إلى أنه توجد خطة لشارع كهذا وهو “شارع رقم 80”.

سادسا: “تطوير القدرة الاستيطانية في شارع 5 من خلال إنشاء تواصل استيطاني من (مستوطنات) إلكناه إلى أريئيل، تبواح، ميغداليم، معاليه إفرايم”.

سابعا: “تعزيز مستوطنات غرب بنيامين (منطقة رام الله) وغرب السامرة لحماية للسهل الساحلي”.

وخلص هكوهين في هذه الدراسة التي نُشرت باسم “مركز بيغن – سادات”، إلى الزعم أن “الانفصال عن الفلسطينيين جرى تنفيذه بالاتجاه الذي قاده رئيس الحكومة، إسحق رابين، وجرى تطبيقه بالكامل في كانون الثاني/يناير العام 1996، وهذا كاف لغرض الحفاظ على الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل وإنهاء السيطرة على شعب آخر”.

عرب 48

About nbprs

Check Also

نتنياهو يخطط لإعادة قضية ضم الضفة إلى جدول أعمال حكومته

جدد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تأكيده ضرورة إعادة قضية ضم الضفة الغربية المحتلة، لجدول …