للمرة الثالثة منذ بداية العام الجاري 2019 يحاول أعضاء مقربون من إسرائيل واللوبي الإسرائيلي “إيباك” في مجلس الشيوخ الأميركي الدفع بتشريع يُجرم مقاطعة إسرائيل، ويدعو في بند خاص لمعاقبة من يدعو لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، المعروفة بحركة BDS.
ونجح هؤلاء مساء امس الاثنين 28 كانون الثاني 2019 في جلب هذه المسألة للتصويت، حيث صوت المجلس لصالح مشروع القانون الذي من شأنه إلغاء حرية التعبير باسم دعم إسرائيل.
ولا يزال أمام هذا المشروع عدة خطوات كي يصبح قانونا، وقد لا يصل أبدا إلى هذه المرحلة. وحتى إذا أقره مجلس الشيوخ فيجب أن يوافق عليه أيضا مجلس النواب الذي يسيطر الديمقراطيون على غالبية مقاعده.
وقالت لارا فريدمان، رئيسة “مؤسسة السلام في الشرق الأوسط ” ان الديمقراطيين سيجدون أنفسهم في ورطة “حيث ان أولئك الذين يدعمون مشروع القانون سيخونون بدعمهم هذا حقوق حرية التعبير للمواطنين الأميركيين، وليس هذا فقط بل سوف يخونون عناصر تقدمية حقا في حزبهم، مما سيغضب الجزء المتنامي من الجناح التقدمي الذي لم يعد راغبا في التسامح مع النفاق السياسي والتنافر المعرفي لأولئك الذين يتقدمون في كل القضايا باستثناء إسرائيل”.
وتضيف فريدمان “إن الديمقراطيين يقعون بين المطرقة والسندان، ولكن التقدميين في الحزب الديمقراطي يستطيعون أن يكسروا هذه الثنائية الزائفة (القائلة إما مع إسرائيل أو ضدها)، ولكن فقط من خلال العمل بشجاعة وإدانة هذه الإجراءات غير الدستورية ، والعودة لتصدر الموقع الأخلاقي من خلال التأكيد على دعم القيم الليبرالية، وحماية حرية التعبير والدفاع عن شرعية الاختلافات في الرأي بين التقدميين عندما يتعلق الأمر إسرائيل فلسطين”.
ومشروع قانون “1 – S. 1” المعروف بقانون “تعزيز أمن أمريكا في الشرق الأوسط لعام 2019” الذي صاغه اللوبي الإسرائيلي إيباك ، كان قد فشل في محاولاته السابقة لكن السناتور الجمهوري ماركو روبيو، من ولاية فلوريدا ومعه السناتور جيمس ريش ، الجمهوري من ولاية أيداهو، أعادا امس الاثنين تقديم التشريع الذي كان فشل في تمريره في الكونغرس السابق (115)، آملا في تمريره في الكونغرس الحالي (116).
وقال روبيو المقرب من اللوبي الإسرائيلي “إيباك” على حسابه على شبكة تويتر عندئذ إن “البند الأول الذي سيتناوله مجلس الشيوخ في الكونغرس الجديد سيكون مشروع قانون للتعامل مع الأزمة في سوريا ودعم حلفائنا في الشرق الأوسط” بما في ذلك ما يدعى بقانون النائبة السابقة من ولاية فلوريدا “إيلينا روز ليهتينن”- التي عرفت طيلة سنواتها الطويلة في الكونغرس الأميركي بدعمها للاحتلال الإسرائيلي وسياسة الاستيطان – للتصديق على المساعدات الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل ، والذي تم تسميته باسمها ويحمل عنوان “مكافحة حركة BDS على مستوى الولاية .
وبحسب تفسير المشرعين فان “مشروع القانون سيقوم بتدوين اتفاق عام 2016 بين إدارة (الرئيس السابق باراك) أوباما وحكومة نتنياهو لتقديم مساعدات أمنية بقيمة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات لاسرائيل، ما سيحمي المساعدات من نزوات أي رئيس حالي أو مستقبلي” وهو القانون الذي حصل على دعم كبير من الحزبين، وتم تمريره من خلال مجلس النواب. وحصل النواب الذين يؤيدون المشروع بقيادة روبيو على أغلبية في مجلس الشيوخ ، ولكن السناتور راند بول، الجمهوري من ولاية كنتاكي الذي يعارض المساعدات الخارجية ، استخدم صلاحيات مجلس الشيوخ لمنعه.
ويقول مشروع القانون، انه يعيد تأكيد الدعم لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ويتضمن فرض عقوبات جديدة على سوريا إلى جانب محاربة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها.
كما يتضمن مشروع القانون بنودا لفرض عقوبات جديدة على سوريا وضمان المساعدات الأمنية لإسرائيل والأردن.
ويرى معارضو مشروع القانون أن البند الخاص بمعاقبة من يدعو لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها، ينتهك حرية التعبير، حيث قال السيناتور بيرني ساندرز، وهو عضو مستقل يشارك في اجتماعات الديمقراطيين، وكان من بين الأصوات المعارضة لمشروع هذا القانون في التصويت (الذي جرى الاثنين 28/1/19) “رغم أني لا أؤيد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS، فإنه يتعين علينا الدفاع عن الحق الدستوري الذي يكفل لكل أمريكي المشاركة في العمل السياسي. ومن الواضح بالنسبة لي أن هذا القانون سينتهك هذه الحقوق”.
واتهم بعض الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس، الديمقراطيين بتأييد حركة مقاطعة إسرائيل، التي يعتبرونها “معادية للسامية” فيما اتهم الديمقراطيون من جانبهم الجمهوريين بمحاولة استغلال الإجراء الخاص بحركة المقاطعة في بث الانقسام بين الديمقراطيين المعتدلين والليبراليين.
وكان الديمقراطيون قد عرقلوا التشريع في المجلس أثناء الإغلاق الجزئي للحكومة، الذي استمر 35 يوما قائلين، إنه يتعين على مجلس الشيوخ أن ينظر أولا في تشريع لإعادة تشغيل الإدارات الحكومية، لكن وبعد الاتفاق يوم الجمعة الماضي على إنهاء الإغلاق حتى 15 شباط على الأقل، انضم معظم الديمقراطيين إلى الجمهوريين في تأييد بدء النظر في مشروع القانون هذا.