تقرير المقاطعة الدوري- المكتب الوطني للدفاع عن الارض
في الوقت الذي تعمل فيه بعض الدول العربية على تطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال الاسرائيلي ويتطوع عدد من الشخصيات السياسية والصحفية والثقافية في هذه الدول لتسويغ ما تقوم به حكوماتهم من وراء ظهر شعوبها ، تنتصب نماذج وفعاليات ومواقف على المستوى الدولي تنتصر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتدعو الى مقاطعة دولة الاحتلال وعزلها باعتبارها دولة احتلال استيطاني ودولة تمييز وفصل عنصري كما هو حال دولة ماليزيا ، التي أكد رئيس وزرائها مهاتير محمد ، رفض بلاده منح رياضيين إسرائيليين تأشيرة لدخول البلاد ، للمشاركة في بطولة دولية للسباحة البارالمبية 2019 في تحد للجنة الأولمبية الدولية ، مفضلا سحب حق الاستضافة من ماليزيا على خطوة تطبيعية من هذا النوع مع اسرائيل ، فيما جدد وزير الشباب والرياضة الماليزي التأكيد على رفض استقبال رياضيين إسرائيليين قائلا “إذا كان استضافة حدث دولي (بطولة السباحة) أهم من الحفاظ على مصالح إخواننا الفلسطينيين فهذا يعني أننا فقدنا ضميرنا الأخلاقي ، الامر الذي ترتب عليه إعلان اللجنة الأولمبية البارالمبية تجريد ماليزيا من استضافة تلك البطولة ،
منظمة العفو الدولية بدورها وغيرها من المنظمات والمؤسسات الدولية بدأت تصعد من نشاطاتها وضغوطها على الشركات العاملة في المستوطنات وتدعو إلى وقف الأنشطة التجارية داخل المستوطنات أو بالتعاون معها، وتدعو الحكومات إلى جعل هذا الموقف إلزامياً من خلال تشريعات، وأن تُصدر قوانين تحظر استيراد منتجات المستوطنات ، فيما تجدر الاشارة في هذا الصدد الى الرسالة المؤسفة التي بعثتها المفوضة السامية الجديدة لحقوق الانسان في الأمم المتحدة ميشيل باشيليه الى سفير السنغال ، الذي يشغل منصب رئيس مجلس حقوق الانسان بالوكالة وأكدت فيها رفضها نشر ” القائمة السوداء ” للشركات الاسرائيلية والاجنبية العاملة في المستوطنات ووبأنها غير ملزمة بنشر القائمة ، الأمر الذي شكل نزولا عند الضغوط التي تمارسها كل من الادارة الاميركية اسرائيل على مجلس حقوق الانسان واستجابة للموقف الاسرائيلي الذي رحب بهذا القرار ودعا الى عدم نشر القائمة ودفن هذه المبادرة تماما وفي أقرب فرصة على حد تعبير مسؤول اسرائيلي كبير .
ورغم ما تواجهه حركة المقاطعة من صعوبات ناتجة عن الحرب المضادة التي تشنها ضدها كل من الادارة الاميركية وحكومة اسرائيل ، إلا أن الحركة ما زالت تحقق نجاحات على المستوى الدولي تسبب ازعاجا لحكومة الاحتلال وللادارة الاميركية كذلك ، حيث أعلنت شركة بناء السكك الحديدية الباسكية (CAF) الشهر الماضي رفضها المشاركة في مناقصة لبناء مقطع للسكة الحديدية في القدس المحتلة ، باعتبار المشروع مخالفً للقانون الدولي فضلا عن أن المشكلة تكمن كذلك في كون المقطع سيمّر من أراضي فلسطينية لخدمة المستوطنات وتوسيع الاستيطان في القدس الشرقية هذا الى جانب طابعه العنصري حيث سيقتصر استخدامه على المستوطنين . وفي هذا السياق ، أعربت النقابة العمالية ELA ذات الأغلبية في إقليم الباسك عن تأييدها لقرار لجنة الشركة بالتراجع عن المشاركة في مناقصة بناء المقطع ، مشيرةً إلى أن عمال الشركة لا يستحقون تحمل مسؤولية المشاركة في عمل مرفوض من قبل الأغلبية العظمى للمجتمع الدولي
وفي اسبانيا كذك لا يأبه أنصار المقاطعة لمخاطر قد تواجههم كتلك التي تواجه مجموعة من النشطاء الاسبان احكاما بالسجن الفعلي تصل مدتها الى اربعة اعوام أو اكثر بسبب مشاركتهم في فعاليات الحملة الدولية لمقاطعة اسرائيل وفرض العقوبات عليها المعروفة باسم (BDS) ، حيث عملوا على رفض استقبال فنانين وكتاب اسرائيليين قادمين من المستوطنات الاسرائيلية بالضفة الغربية من خلال انشطة توعوية، وطالبوا بعدم استقبال فنانين اسرائيليين في مهرجانات اقيمت في العاصمة نهاية شباط الماضي ، مما دفع منظمات يهودية وداعمة لاسرائيل لرفع دعاوي قضائية عليهم واتهامهم بالتحريض على الكراهية واللاسامية وغيرها من الاتهامات التي تتبعها اسرائيل في تخويف كل من يعارضها.
وتتسع حركة المقاطعة في البلدان الاوروبية بما في ذلك المانيا الاتحادية ، رغم حساسية الموقف في هذا البلد بسبب الارث النازي . فقد نظمت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) نهاية الشهر الماضي وقفة احتجاجية في برلين خارج معرض “فروت لوجيستيكا” ضد 3 شركات إسرائيلية مصدرة للمنتجات الزراعية ، وهي شركات: ” مبهادرين “، و”عرافا ” و”هاديكلايم ” لمساهمتها في الاستيطان وسرقة الموارد الفلسطينية ، فيما دعا ناشطون من جمعية ” فلسطين ” السويدية ، منتصف شباط الماضي إلى مقاطعة بضائع إسرائيل ، وتجنب السفر إليها. ووزع أعضاء الجمعية خلال فعالية نظمتها في مركز العاصمة ستوكهولم ، مطبوعات تدعو إلى مقاطعة بضائع إسرائيل وعدم قضاء إجازات فيها وتجري مجموعات سويدية داعمة لفلسطين اجتماعات ولقاءات مكثفة في عدد من المدن والمقاطعات السويدية ، تمهيدا لإطلاق فعاليات مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي وإبراز انتهاكاته بحق الفلسطينيين كما هو الحال في مقاطعة كرنوباري، حيث عقدت مجموعة ناشطة داعمة لفلسطين مؤخرا مؤتمرا ضم ناشطين سويديين من عدة مدن وجرى فيه الاتفاق على خطة هذا العام للفعاليات الداعمة للقضية الفلسطينية ، وتحضيرا لمؤتمر مركزي عام ، سيجري عقده في العاصمة استكهولهم في وقت لاحق من العام الجاري.
وعلى المستوى الثقافي تتسع حركة التي تدعو الى مقاطعة وعزل دولة اسرائيل . ففي العاصمة الدينماركية كوبنهاجن قدمت عضو بلدية العاصمة نينا هيدغر أولسن والمسؤولة عن الشؤون الفنية والبيئة “جائزة الشجاعة ” لناشطي حركة المقاطعة لإسرائيل (BDS). وأعلنت أمام الجمهور في الأمسية التي عقدتها في قاعة بلدية كوبنهاغن الشهر الماضي أن أعضاء الحركة عملوا “بلا كلل من أجل كشف طبيعة النظام العنصري الإسرائيلي الذي يشبه الأبرتهايد، وانتهاكاته الممنهجة للقانون الدولي “. فيما أكدت ندوة ثقافية سياسية في باريس أن أكثرية الشعب الفرنسي تريد محاسبة دولة اسرائيل وفرض عقوبات عليها لجرائمها بحق الشعب الفلسطيني ومن المشاركين في الندوة ، رئيس جمعية التضامن الفرنسية الفلسطينية ، برتراند هيلبورن ، الذي يهدف من جمعيته إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وفكّ الحصار وعمليات الاستيطان في الضفة الغربية وشرقيّ القدس ، حيث قال هيلبورن في الندوة : إن أغلبية الفرنسيين مع إنهاء النزاع في فلسطين المحتلة ومحاسبة إسرائيل مضيفا أن “الشعب الفرنسي يطلب من حكومته فرض عقوبات على إسرائيل ، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية ؛ لأنها موجودة في مستوطنات غير شرعية ،
وفي اليونان كذلك ينشط أكاديميون وباحثون يونانيون ، ويطلقون مبادررات لمقاطعة أكاديميين إسرائيليين ، معربين عن اعتراضهم وتنديدهم بالاعتداءات الإسرائيلية على الحقوق المدنية والسياسية للفلسطينيين ؛ وذلك استجابة لدعوة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (B.D.S) في فلسطين حيث وقع عشرات الأكاديميين والباحثين اليونانيين (61 أكاديميًّا) نهاية الشهر الماضي على مذكرة أكدوا فيها الالتزام بمقاطعة برامج ونشاطات وندوات لها علاقة بمؤسسات أكاديمية ومؤسسات أبحاث إسرائيلية.كما طالبوا إسرائيل أن توقف أعمالها غير الشرعية وغير الإنسانية في قطاع غزة وفي كل الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، وإنهاء سياسات الاستيطان والفصل العنصري ، فيما أعلنت فرقة “تاتس” الموسيقية البريطانية مقاطعة نسخة هذا العام من مسابقة “يوروفيجن” لكونها تعقد بدولة الاحتلال الإسرائيلي ، في مايو/آيار المقبل . وقالت الفرقة عبر صفحتها في “تويتر”: “دعينا للمشاركة في يوروفيجن لهذا العام ، لكنه سيقام في إسرائيل ، وجوابنا هو لا”. كما حاز فيلم إسباني وثائقي يرصد انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر، على جائزة “غويا” المُعتبرة في إسبانيا، وطالب مخرج فيلم “غزة”، خوليو بيريز ديل كامبو، بعد فوز فيلمه بالجائزة، بنقل مهرجان الأغنية الأوروبية “يوروفيجن” من إسرائيل، انطلاقا من الحاجة إلى عدم منح “الشرعية لدول تنتهك الحقوق الإنسان بشكل ممنهج”.وطالب المخرج الإسباني خوليو بيريث ديل المثقفين الإسبان بمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، جاء ذلك أثناء التكريم الخاص بالفيلم الوثائقي القصير الذي أخرجه بعنوان “غزة” ودعا لنزع الشرعية عن الدول التي تنتهك حقوق الإنسان.
وعلى المستوى العربي ومنظماته الأهلية تتصاعد شيئا فشيئا حركة واعدة في مواجهة عمليات التطبيع الرسمي التي تجري من وراء ظهر شعوب المنطقة . فقد أعلن أعضاء “الحملة التّونسية من أجل المقاطعة الأكاديمية والثّقافية لإسرائيل”، عن جملة من الأنشطة والبرامج التي تندرج في صلب هذه الحملة، والتي ترتكز أساسًا على التصدي لكل نشاط يشتبه في انخراطه ضمن مؤسسات إسرائيلية. وقال رئيس الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين (مستقلّة) وأحد أعضاء الحملة الحبيب بالهادي إنّهم “رسموا برنامجًا لهذه السنة سيركّز أساسًا على ملاحقة بعض المؤسسات الدولية الموجودة في تونس (لم يذكرها) التي تشتغل مع مؤسسات صهيونية، كما سيتم تنظيم مهرجان للسينما الفلسطينية “. فيما أعلن فنانون ومنتجون أردنيون انسحابهم من إنتاج فيلم أجنبي بعدما تبين أنه يتبع لشركة إسرائيلية ، حيث أن أحداث الفيلم تدور حول العراق والأردن في التسعينيات، ويضم ممثلين إسرائيليين للقيام بأدوار بطولة. وفي الكويت قرر اللاعب الكويتي عبد الله العنجري الانسحاب من بطولة العالم بلعبة الجوجيتسو في ولاية لوس أنجلوس، رفضا لنتائج القرعة، التي وضعته بمواجهة لاعب إسرائيلي. وأضاف اللاعب الكويتي: إن “دولة فلسطين المحتلة وشعبها أهم من التألق في بطولة عالمية . كما انسحب الطفل اللبناني عز الدين فرج من البطولة الدولية للتايكوندو المقامة في قبرص بسبب وجود لاعب إسرائيلي في مجموعته.
وعلى الرغم من دعوات أطلقتها منظمات مغربية داعمة للقضية الفلسطينية وبعض الشخصيات الثقافية البارزة، أحيا المغني الفرنسي الشهير إنريكو ماسياس حفلا فنيا بمدينة الدار البيضاء، في المغرب. وأفاد موقع “هسربيس” الإخباري أن حناجر المحتجين قد “صدحت بالعديد من الشعارات” من قبيل “كلنا فداء فلسطين الصامدة” و”فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”.
وفي المغرب دعت جمعية “الحملة المغربية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل” إلى مقاطعة حفل المغني الفرنسي الشهير إنريكو ماسياس في الدار البيضاء معتبرة هذا المغني الذي يقدم نفسه كمدافع عن السلام هو في الحقيقة مدافع عن الاحتلال الإسرائيلي وعن الجيش تحديدا.” فيما طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري “الهاكا”، إعمال القانون بحق القناة الثانية المغربية، بعد انزياحها في تغطية سهرة المغني إنريكو ماسياس، داعم جيش الاحتلال الإسرائيلي فيما صدحت حناجر المحتجين بالعديد من الشعارات” من قبيل “كلنا فداء فلسطين الصامدة” و”فلسطين أمانة والتطبيع خيانة”.
وفي مصر أدانت النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، برئاسة الشاعر الدكتور علاء عبد الهادى، زيارة السفير الإسرائيلى دافيد جوفرين، لمعرض القاهرة الدولى للكتاب بعد 18 يوما من الزيارة، مبررة ذلك أنها فضلت خروج البيان بعد انتهاء المعرض منعا للترويج للحدث،
وامتد نشاط دعاة المقاطعة ليغطي مساحة سياسية مهمة ، فقد أدان حزب العمال التونسي مشاركة كاتب الدولة للشؤون الخارجية، صبري باش طبجي في مؤتمر وارسو، واعتبر هذه المشاركة اعتداء على مشاعر الشعب التونسي ومواقفه المنحازة للقضية الفلسطينية والرافضة للتطبيع مع إسرائيل ورفض ائتلاف “خليجيون ضد التطبيع”: كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني مهما كانت المبررات، وشعوب الخليج تدعم القضية الفلسطينية، كما أن مشاركة ممثلي وزارات الخارجية العربية في مؤتمر وارسو استخفافٌ صريح بمشاعر الشعوب العربية ومواقفها
وفي الولايات المتحدة ينشط اللوبي الصهيوني في مختلف الولايات في تأليب الرأي العام الاميركي ضد حركة المقاطعة وتصدر في بعض الولايات تشريعات بتجريم المشاركة فيها باعتبارها عملا من أعمال معاداة السامية على حد زعمها ، فللمرة الثالثة منذ بداية العام الجاري 2019 يحاول أعضاء مقربون من إسرائيل واللوبي الإسرائيلي “ إيباك ” في مجلس الشيوخ الأميركي الدفع بتشريع يُجرم مقاطعة إسرائيل ، ويدعو في بند خاص لمعاقبة من يدعو لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها . وقد نجح هؤلاء نهاية كانون الثاني 2019 الماضي في طرح هذه المسألة للتصويت ، حيث صوت المجلس لصالح مشروع القانون غير أنه لا يزال أمام هذا المشروع عدة خطوات كي يصبح قانونا ، وقد لا يصل أبدا إلى هذه المرحلة. وحتى إذا أقره مجلس الشيوخ فيجب أن يوافق عليه أيضا مجلس النواب الذي يسيطر الديمقراطيون على غالبية مقاعده. ويرى معارضو مشروع القانون أن البند الخاص بمعاقبة من يدعو لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها ، ينتهك حرية التعبير، حيث قال السيناتور بيرني ساندرز، وهو عضو مستقل يشارك في اجتماعات الديمقراطيين ، وكان من بين الأصوات المعارضة لمشروع هذا القانون في التصويت حيث اكد رغم أنه لا يؤيد حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS، فإنه يتعين الدفاع عن الحق الدستوري للمواطنين ، فيما هدد حاكم ولاية فلوريدا الأميركية رون دي سانتيس، بفرض عقوبات على شركة “اير بي ان بي” لحجز المساكن عبر الإنترنت في حال لم توقف نشاطها ضد المستوطنات الإسرائيلية. وكانت الشركة قد قررت وقف نشر إعلانات بيع واستئجار العقارات في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية تماشيا مع عدم اعتراف غالبية الدول في العالم بتلك المستوطنات ، واعتبارها جوهر الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ودعا سانتيس الشركة إلى إلغاء قرارها، مهدداً بفرض عقوبات على ممتلكاتها في فلوريدا إذا لم تتراجع عن القرار.
وفي تطور لافت ألغت مؤسسة ” برمينغهام لحقوق الإنسان ” في ولاية ألاباما الجنوبية قرارها بتكريم المناضلة والأكاديمية الشهيرة، أنجيلا ديفيس، إحدى رموز حركات التحرر في العالم.وكانت مديرة المؤسسة، أندريا تايلور، قررت تكريم ديفيس وأعلنت أن “المعهد سوف يكون سعيدا للغاية” في هذه الخطوة، مشددة على أنها “واحدة من أبطال حقوق الإنسان المعروفين على مستوى العالم، والتي منحت صوتًا للعاجزين عن الكلام”. ونشطت ديفيس، الأميركية من أصل إفريقي، في الحركة التحررية “الفهود السود”، في أواخر ستينيات القرن الماضي، أثناء فترة حركات الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، واستمرت بعد اندثار الحركة بعقود، بالنضال من أجل تحقيق العدالة والمساواة، محليا وعالميا، مما دفعها أيضا إلى الوقوف مع حقوق الشعب الفلسطيني، لهذا فهي تُعتبر من أشد الداعمين لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل (BDS)، ويبدو أن هذه الجزئية بالضبط هي التي دفعت المؤسسة إلى إلغاء التكريم.
وتنشط في الجهة المقابلة حركة مناصرة المقاطعة . فقد قدمت صحيفة محلية في ولاية “أركنسو” الأمريكية، اعتراضا للقاضي الفيدرالي، طالبة تجميد قانون يلزم مقدمي الخدمات في الولاية التوقيع على تعهد بأنهم لن يقاطعوا إسرائيل.وأكد المحامون الذين يمثلون الصحيفة، أن القانون غير دستوري ويجبر أصحاب المصالح والشركات على التخلي عن حرية التعبير من أجل أن يحق لهم الدفع من الأموال العامة.وبموجب القانون فإن مزودي الخدمات الذين يرفضون التوقيع على إعلان بأنهم لن يقاطعوا إسرائيل فأنهم سوف يضطرون إلى تخفيض رواتبهم بنسبة 20%. كما انضم إلى صحيفة “أركنسو تايمز” التي قدمت الدعوى ضد القانون أيضا اتحاد الحريات المدنية الأمريكي . وفي ولاية كنساس ، حيث قضت المحكمة بأن القانون يجب تجميده، لكن المشرعين أدخلوا عليه تعديلات بحيث لا ينطبق على الأفراد والمنظمات غير الربحية
وأدى إعلان نائبتين مسلمتين في الحزب الديمقراطي الاميركي دعمهما لحملة لمقاطعة اسرائيل الى إحراج قادة الحزب ، والى فتح ثغرة في العلاقة التاريخية المتينة لهذا الحزب مع اسرائيل.وقدمت النائبتان الديمقراطيتان المسلمتان إلهان عمر ورشيدة طليب المنتميتان الى الجناح اليساري للحزب دعمهما العلني لحركة BDS التي “تدعو الى مقاطعة اسرائيل اقتصاديا وثقافيا وعلميا والى سحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، تعبيرا عن احتجاجهما لاحتلالها الأراضي الفلسطينية”، وفقا لتعريف حركة BDS لنفسها. وأثارت هذه التصريحات ضجة كبيرة في مجلس النواب، ووصف النائب الجمهوري لي زيدلين كلام الهان عمر بأنه عبارة “عن حقد ضد اسرائيل، وحقد نابع من معاداة للسامية بدأنا نرى كيف تتسلل الى قلب السياسة الاميركية حتى داخل ممرات الكونغرس”.واتهمت المجموعة الجمهورية في مجلس النواب قيادة الحزب الديموقراطي بتشجيع “خطاب كراهية وعدم تسامح ازاء اسرائيل”.
وفي اسرائيل تسببت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) بخسائر كبيرة على امثر من مستوى بما في ذلك على المستوى الدبلوماسي . فقد وبخت الخارجية الإسرائيلية سفير ايرلندا لدى تل أبيب أليسون كيلي، وذلك بسبب مصادقة البرلمان الايرلندي على مشروع قانون مقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية . الخارجية الإسرائيلية أوضحت للسفير الايرلندي أن هذا القانون “معادٍ للسامية” وسيكون له تداعيات خطيرة على العلاقات بين إسرائيل وايرلندا. وفي الوقت نفسه يدرس وزير الاقتصاد الاسرائيلي إيلي كوهين فرض رسوم جمركية على المنتجات الإيرلندية التي تباع في إسرائيل إذا ما رفعت أيرلندا القانون الذي يقاطع منتجات المستوطنات وتشمل الإجراءات التي يتم النظر فيها فرض ضريبة على المنتجات الإيرلندية المستوردة إلى إسرائيل، وإنهاء الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية مع أيرلندا، ووقف التعاون الإضافي مع الإيرلنديين .
وباتت حركة المقاطعة كذلك تسبب توترات سياسية لدولة اسرائيل مع الخارج . فقد اتهمت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية ، الاتحاد الأوروبي بتمويل منظمات تدعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) بملايين اليورو ، ودعت بروكسل الى جعل المساعدات المالية للمنظمات غير الحكومية مشروطة بالتزام صريح برفض مقاطعة إسرائيل.وأكد الاتحاد الأوروبي في رده بأنه يعارض حركة BDS، لكنه يدافع عن حرية التعبير، مشيرا إلى أنه يرفض بالمثل الإجراءات الرامية إلى “إغلاق الحيز المتاح” أمام مجموعات المجتمع المدني. وقال تقرير للخارجية الإسرائيلية مؤلف من 34 صفحة ان الاتحاد الأوربي اعطى أكثر من 5 ملايين يورو لعشر منظمات غير حكومية على الأقل تروج لمقاطعة إسرائيل. وهاجم وزير الشؤون الاستراتيجية، غيلعاد إردان، في بيان له الاتحاد الاوروبي قائلا “لقد حان الوقت بأن يقوم الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر عميقا في سياساته. بدلا من التستر خلف تصريحات لا معنى لها، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى تطبيق سياسته المعلنة والتوقف فورا عن تمويل منظمات تروج للمقاطعة ضد دولة إسرائيل”.