قدم عضوان من الحزب الديمقراطي في مجلس النواب الاميركي الخميس/ 21 آذار 2019، مشروع قرار جديد يدين حملة المقاطعة العالمية ضد إسرائيل (BDS) وسط انقسامات داخلية غير معهودة شهدها الحزب الديمقراطي مؤخرا حول قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والعلاقات الأميركية الإسرائيلية بشكل عام، حيث يقف تيار يتزايد بشكل ملحوظ من التقدميون في الحزب إلى جانب مؤازرة الفلسطينيين في تحقيق الحرية وحق تقرير المصير، فيما يصر التقليديون في الحزب على الاستمرار بدعم سياسات الاحتلال الإسرائيلي دون مساءلة.
وكشف كل من رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيرولد نادلر (من ولاية نيويورك)، والنائب براد شنايدر (من ولاية إلينويز)، وكلاهما يهوديان أميركيان يناصران منظمة اللوبي الإسرائيلي “إيباك”، عن إجراء يعارض حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS) التي تستهدف سياسات إسرائيل في استمرار الاحتلال واستشراء الاستيطان. وفي الوقت نفس، يؤكد مشروع القرار المقدم من جديد دعم حل الدولتين لتحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
ويأتي تقديم مشروع القرار قبل ثلاثة أيام من انعقاد المؤتمر السنوي للجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك AIPAC) ، اللوبي الإسرائيلي القوي الذي سيعقد في العاصمة الاميركية يوم الأحد 24 آذار ويستمر حتى الثلاثاء، 26 آذار 2019، حيث يتوقع أن يصطف السياسيون الأميركيون من الحزبين لتقديم الولاء والطاعة والدعم لإسرائيل ، بعد أن يتحدث رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في المؤتمر الذي يعتبر منبرا مهما في حملته الانتخابية، ويشكل دفعة قوية لحظوظه بالفوز في دورة خامسة يوم 9 نيسان المقبل، خاصة في أعقاب اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ “السيادة الإسرائيلية” على هضبة الجولان السورية المحتلة، والتي يعتبرها كل الخبراء هدية قيمة من ترامب لنتنياهو، تعطيه زخما قويا وهو يخوض معركته السياسية والقضائية المحتدمة التي كان من المتوقع أن تنهي حياته السياسية.
وفيما يجادل مؤيدو حركة المقاطعة – الذين تزداد قاعدتهم اتساعا كل يوم- بأن الحركة محاولة سلمية شرعية للضغط على إسرائيل بشأن معاملتها التعسفية للفلسطينيين تحت الاحتلال، يقول نادلر وشنايدر المقربان من “إيباك” في رسالتهما التي وجهاها لزملائهم الخميس بأن “هذا القرار يوضح بجلاء أن دعم حركة BDS العالمية ودعم حل الدولتين غير متوافقين، وأن نهج حركة BDS العالمية المفرطة في التبسيط والأحادية الجانب يضر بقضية السلام والاستقرار من خلال إلقاء اللوم بشكل غير عادل على جانب واحد (إسرائيل) والسعي إلى نزع الشرعية عن طرف واحد على الساحة العالمية. وهذا الأمر لا يفعل شيئًا لتشجيع أي من الطرفين لاستئناف المفاوضات أو تعزيز فهم أفضل لبعضنا البعض أو تعقيد الصراع” بحسب المشرعين.
وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد صادق في شهر شباط الماضي على تشريع يجرم BDS ويسمح للولايات الأميركية المختلفة بمعاقبة الشركات التي تشارك في مقاطعة إسرائيل أو تجريدها من العقود مع حكومات الولايات ، إلا أن مجلس النواب يعارض بأغلبية مثل هذا القرار، كونه “يحد من حرية التعبير والتعديل الأول في الدستور الأميركي” وهي اللغة التي يستخدمها “اتحاد الحريات المدنية الأميركي-يو.سي.إل.أي- U.C.L.A ) الذي رفع مجموعة من القضايا في عدة محاكم في عدد من الولايات ضد قرار مجلس الشيوخ وفاز في عدد منها.
كذلك أثار الامر ذاته ديمقراطيون آخرون لا يدعمون بالضرورة حركة المقاطعة، ولكن لديهم مخاوف كبيرة بشـأن انتهاك مثل هذا القرار حق الأميركيين في التعبير، مثل المرشح للرئاسة السيناتور بيرني ساندرز (من ولاية قيرمونت) الذي قال “من الواضح لي أن هذا القانون ينتهك حقوق التعديل الأول للأميركيين”.
ويأتي مشروع قرار نادلر وشنايدر أيضًا بعد أن أصدر مجلس النواب قرارًا في وقت سابق من هذا الشهر يدين الكراهية ، بما في ذلك معاداة السامية ، ردًا على تعليقات النائبة الجديدة المسلمة (من أصول صومالية) إلهان عمر التي انتقدت فيها تأثير اللوبي المؤيد لإسرائيل على السياسة الخارجية الأميركية، لكنهم فشلوا في استصدار قرار يركز فقط على إدانة “معاداة السامية”، ويدين النائبة إلهان عمر.
وبينما ينتظر أن تتحدث كل من رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (دي-كاليفورنيا) وزعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيني هوير (المؤيد لإيباك) وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر من ولاية نيويورك (والمؤيد لإيباك) في مؤتمر إيباك AIPAC الأحد ، 24 آذار 2019، فقد أعلن معظم المرشحين الديمقراطيين للانتخابات الرئاسية المقبلة مثل السناتور كامالا هاريس (كاليفورنيا) وإليزابيث وارين (ماساشوستس) والنائب السابق بيتو أورورك (تكساس) مقاطعتهم للمؤتمر، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، اذا ما استثنينا السيناتور بيرني ساندرز (يهودي من ولاية فيرمونت) الذي رفض تاريخيا المشاركة في مؤتمرات “إيباك”.
ومن المتوقع أن يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر “أيباك” ويلتقي بالرئيس ترامب في البيت الأبيض يوم الاثنين ، 25 آذار 2019 في محاولة أميركية جديدة من إدارة ترامب لدعم نتانياهو في انتخابات 9 نيسان المقبل.