الرئيسية / ملف الاستيطان والجدار / قلقيلية وبلداتها الكبيرة سجون تحت قبضة الاحتلال والمستوطنين

قلقيلية وبلداتها الكبيرة سجون تحت قبضة الاحتلال والمستوطنين

مصطفى صبري / الوصول إلى مدينة قلقيلية في شمال الضفة الغربية يمر عبر طرق التفافية ومستوطنات في كتل استيطانية ضخمة ومن بين هذه الأشواك والمعيقات يسكن أهالي المدينة وبلداتها الكبيرة في سجون صنعت لهم من قبل الاحتلال ليكونوا تحت قبضة الاحتلال والمستوطنين ، وحياتهم تكون على مرمى الجنود المتواجدين في ابراج الجدار وعلى الحواجز العسكرية .

بلدة حبله السجن الجنوبي

يتم التواصل مع بلدة حبله من الجهة الجنوبية من خلال نفق تسير المركبات الفلسطينية أسفله وسيارات المستوطنين من جهة الأعلى .

رأفت شهوان رئيس بلدية حبله قال للقدس :”لا توجد حياة مع الجدار والمستوطنين وانعدام المساحة ، فأكثر من ثمانية آلاف مواطن يعيشون في مساحة 831 دونما فقط وهي المساحة المسموح بها في البناء ، ومازال الاحتلال يماطل في التوسعة التي رفعت للجنة اللوائية العليا بمساحة 1700 دونم ، ويضطر الاهالي البناء خارج الخارطة الهيكلية لانعدام المساحة المسموح بها بالبناء ، بينما مستوطنة متان والفيه منشه تتوسع باستمرار ويتم مراعاة الزيادة الطبيعية للمستوطنين اما نحن فلا اعتبار لأية زيادة طبيعية ، ويبقى الحال على حاله في عقوبة احتلالية صامتة لنا “.

ويضيف شهوان :” يضطر الاهالي للبناء العمودي ، وهذا يعني التوسع نحو السماء بدون أن يكون مرافق للحياة ، فليس المهم البناء بل ايجاد مرافق عامة من ساحات خضراء ومدارس ورياض أطفال ومشافي وغيرها من الأساسيات الضرورية للحياة ، فبلدة حبله تتصل بقلقيلية بنفق ووضع حاجز على النفق يقطع التواصل مع المؤسسات الصحية والتعليمية والاقتصادية مع المدينة ، وهذا يعني شلل تام ، ففي الأونة الأخيرة اغلق النفق لعدة ساعات ، وأصبحت الحياة في البلدة شبه مشلولة فنحن بين مدخل ومخرج فقط ، وهذا لا يحدث في العالم إلا هنا “.

تتطرق شهوان إلى الوضع الحياتي في البلدة قائلا :” هناك حي كامل وهو الحي الجنوبي مع الملعب البلدي يتم التعرض لهذه المناطق من قبل المستوطنين في مستوطنة متان ودوريات الجيش باستمرار من خلال تركيب كاميرات أمنية تحصي الأنفاس وتتدخل في خصوصيات حياة المواطنين الخاصة ويحظرون البناء المرتفع ، فمتنفس البلدة في هذه المنطقة يقع في مربع الاستفزاز والتهديد من قبل المستوطنين وحتى المقام الديني الذي يطلق عليه مقام أولاد العوام وحوله حديقة الحرية يتم المضايقة من المستوطنين ودوريات الجيش حيث يلقون على المتواجدين في المكان الحجارة والقاذورات والجيش يكمل الدور بالقنابل المسيلة للدموع “.

وأضاف :” تم الاعتراض على بناء مسجد في المنطقة القريبة من الجدار ، فكل شيء محظور حتى المساجد ، وهذا يدلل على ان الجدار لا يصادر الارض بل يصادر الحياة ، فما تمت مصادرته من قبل الجدار وعزل الأراضي وصل الى 52% من مجموع اراضي البلدة وتبقى أقل من النصف ولا يسمح البناء غلا على مساحة 800 دونم فقط لثمانية آلاف مواطن .

عزون الكارثة……

المسجونة بالاستيطان والجدار

الانتقال إلى بلدة عزون في الجهة الشرقية لمدينة قلقيلية تتجسد معاناة مضاعفة ، فعدد السكان في هذا الموقع اكثر واجراءات الاحتلال أشد وطأة بهدف توفير الحماية للمستوطنين ، والحالة الأمنية مستمرة على مدار الساعة .

رياض حنون رئيس بلدية عزون يتحدث عن هموم بلدته قائلا :” يعيش في بلدة عزون ما يقارب العشرة آلاف مواطن على مساحة هيكلية 1700 دونما من أصل 12 الف دونما تابعة للبلدة،ونعيش ضمن ست بوابات امنية وبرجين للمراقبة وكاميرات امنية واسيجة من جميع الجهات وحرمان من ملعب بلدي واجتياحات على مدار الساعة ومصادرات جديدة بمساحة 14 دونما تحرمنا من اراض قريبة على منازلنا ، واغلاقات مستمرة تشل الحركة الاقتصادية “.

ويضيف :” من يشاهد الحياة في بلدة عزون ضمن هذه الاجراءات الأمنية يصاب بالصدمة والذهول ، اضافة إلى عقاب معظم اهالي البلدة بعدم منحهم تصاريح امنية للعمل كعقاب جماعي على عمليات رشق الحجارة على مركبات المستوطنين “.

وأشار حنون :” حتى المستوطنات التي تسرق منا الحياة تغزونا المياه العادمة وتقتل ما تبقى من زراعة وهذا ما يحدث في المنطقة القريبة من مستوطنة معاليه شمرون في الجهة الشرقية ، فالأسيجة تقتلنا والكاميرات تراقبنا والجرافات تصادر ارضنا والمياه العادمة تغزو اراضينا ومرافق المستوطنات تزيد من عذاباتنا ودوريات الاحتلال حولت منازلنا لساحات حرب يومية “.

وأشار حنون “| الاحتلال يريد شطب البلدة وعالمها حتى أشجار الكينا التي زرعت على مدخل البلدة الشمالي ويعتبر المدخل الرئيس منذ عشرات السنوات ابلغنا الاحتلال بقرار قصها وازالتها ، فلا يسلم من الاحتلال لا البشر ولا الشجر ولا الحجر ، ومطالبنا بوقف هذه الاجراءات الظالمة وتدخل فوري من قبل الجهات السياسية والقانونية والإنسانية لانقاذ البلدة وأهلها “.

اما الناشط حسن شبيطة في توثيق الانتهاكات الاحتلالية بحق بلدة عزون وأهلها قال :” تحتل بلدة عزون المرتبة الأولى في الاعتقالات اليومية بالنسبة لعدد المعتقلين وعدد السكان فيها وما نسبته عن الخمسين بالمائة من الأطفال ، وعدد الاغلاقات اليومية يعتبر من اكثر العمليات التي يواجهها اهالي البلدة المحاصرين ، ونتيجة لهذا الأمر اصاب البلدة اض1رار في كافة الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية والزراعية “.

وتابع قائلا :” بلدة عزون انهكتها اجراءات الاحتلال التي لا تتوقف وأدى ذلك إلى حالة من الارباك في صفوف المواطنين وخصوصا شريحة الأطفال التي يتم استهدافها بالملاحقة والاعتقال والضرب والاهالي بتحطيم محتويات منازلهم واعتقال الأباء والأمهات كي يقوم الأبناء بتسليم أنفسهم ، وتهديد ضباط المخابرات لهم من خلال الاتصال الهاتفي ، والدخول بسيارات تحمل لوحة تسجيل فلسطينية فيها افراد من قوات المستعربين “.

قلقيلية المسجونة

تحتل مدينة قلقيلية المسجونة اعلى كثافة سكانية في العالم ، وأهلها منذ النكبة وهم تحت عذابات الاحتلال واجراءاته وارتكبت فيها مجزرة مرعبة بتاريخ 10/10/1956 نفذتها عصابات يهودية بقيادة اريئيل شارون راح ضحيتها 70 عسكريا ومدنيا من الجيش الاردني وابناء المدينة .

الباحث سميرالصوص قال :” مدينة قلقيلية فاتورة الحساب معها باهظة منذ ما قبل النكبة فالانتقام منها اخذ عدة اشكال منها مصادرة اراضيها التي كانت قرابة الخمسين الف دونم وتطل على البحر المتوسط وتنفيذ مجرزة مرعبة عام 1956 انتقاما من صمود وبسالة اهلها في طرد العصابات اليهودية من الكيبوتسات المجاورة لها حيث كانت معركة كوفيش والداعور وتل الذهب ، وبعد النكبة تسللت العصابات اليهودية وفجرت الأبار ارتوازية ومحطات الوقود وبعد النكسة صودرت اراضيها واقيمت المستوطنات حولها وبعد عام 2002م خنقت بالجدار اللعين الذي حولها إلى أكبر سجن في العالم “.

واضاف الباحث الصوص :” مدينة قلقيلية كانت ستصبح مطارا بعد عام 1967 و تهجير اهلها للقرى المجاورة ومدينة نابلس ، فقد وجه صحافي اسرائيلي سؤالا لموشيه ديان طالبا منه تعريف المنطقة المتواجدين فيها فرد عليها ، هذا المكان كان اسمه قلقيلية وسيصبح مطارا في المستقبل ، وهذا الجواب من أعلى هرم في المؤسسة العسكرية يدلل على ما كان يخطط للمدينة وبعد عودة أهلها وإصرارهم على البقاء فيها ولو على الأنقاض فشل مخطط شطب المدينة عن الوجود “.

اخفاء معلم تاريخي

واستطرد الصوص قائلا :” الجدار اخفى معلما تاريخيا كان يمر من اراضي قلقيلية قبل النكبة وهو خط سكة الحديد الحجازي الذي كان يصل بلاد الشام بمصر وبلاد الحجاز ، ومع اقامة الجدار ازال الاحتلال هذا الخط التاريخي وقد استخدمه الجيل القديم من ابناء قلقيلية ، ومنهم من عمل في اقامته وهناك قصص تاريخية عن هذا الخط تحدث بها من عاصر اقامة هذا الخط قبل النكبة ابان الدولة العثمانية “.

كنايات دحبور

يقول الباحث التاريخي سمير الصوص :” في قلقيلية معلم تاريخي بالقرب من الجدار الغربي المطل على اراضي ال48 وهو اشجار الكينا التي يطلق عليها اهالي قلقيليةلا كنايات دحبور وهناك مثل شعبي يقول ” وين ما تلف ودور بترجع لكنايات دحبور ” واصل الحكاية ان هذه الكنايات قام بزراعتها شخص يسمى دحبور حيث كانت تستخدم اغصان الكينا لسقف اسطح المنازل قديما ، واحد المغتربين من ابناء المدينة اطلق هذا المثل كناية عن العةدة الى الديار مهما كانت مدة الاغتراب في العالم “.

رئيس بلدية قلقيلية د. هاشم المصري قال عن وضع المدينة الحالي :” مدينة قلقيلية تتعرض لحصار خانق ، فأطرافها فصلت عن جسدها ، ومن مساحة 50 الف دونما تبقى منها ثمانية آلاف دونم داخل الجدار وما تبقى يعزله الجدار خلفه، وما يسمح به البناء في مساحة تقدر بــ 4200 دونما والتوسعة الجديدة التي تم تجميدها بقرار سياسي ظالم من حكومة الاحتلال هي رئة للمدينة المحاصرة بمساحة اربعة آلاف دونما “.

وأشار المصري قائلا :” خلال عرض وضع المدينة للضيوف من جميع انحاء العالم يصدمون من الواقع المرير ، فكل شيء محاصر وفيه تضييق من الاحتلال فوضع حاجز على مدخل المدينة الشرقي كفيل بشل الحياة فيها خلال دقائق وهذا الأمر يشكل كابوسا على 53 الف مواطن يتحركون بمساحة ضيقة”.

ولفت قائلا :” البلدية تقوم بتعزيز صمود المواطنين في المدينة المسجونة من خلال مشاريع البنية التحتية واخرى التطويرية والاستثمارية الربحية ، وقد تم حل مشكلة النفايات بعد اقامة محطة ترحيل نموذجية في المكب القديم ، حيث كان يعترض الاحتلال والمستوطنين على تشغيل المكب القديم، وتتراكم النفايات داخل المدينة ما يشكل كارثة بيئية خطيرة ، وهذه المحطة يتم تجميع النفايات فيها يوميا ونقلها مباشرة إلى مكب زهرة الفنجان في جنين “.

مواطنون من قلقيلية

في لقاءات مع اهالي قلقيلية الذين يعيشون في كانتون معزول من النظام العنصري اكدوا انهم مصممين على صمودهم مهما كانت سياسات الاحتلال تجاههم

المزارع السبعيني عبدالكريم العدل يروي قصته مع الجدار وكيف استطاع بقدرته وإرادته ان يزيح اسلاك الجدار ويزرع مكانه اكثر من ثلاثمائة شجرة جوافة على امتداد اكثر من ثلاثمائة متر ويقول :” عندما وضعوا الجدار أضافوا اسلاكا شائكة تفصل بين الجدار والاراضي الزراعية في المنطقة الغربية ، وكانت هذه الاسلاك بمثابة خناجر في قلبي ، وقررت ازاحتها وزراعة الأرض التي تحتجزها واستخدمت جرارا زراعيا لإزاحة الاسلاك بصورة تدريجية ونجحت العملية خلال عدة ساعات واحضرت الانابيب البلاستيكية ووزعتها على الارض وتم احضار الاشتال من الجوافة وزراعتها وحضرت دورية من الاحتلال وصدم من بداخلها وعادوا أدراجهم وكبرت اشجار الجوافة في المكان وهي الوحيدة الملاصقة للجدار المقام على حدود السادس من حزيران عام 1967م “.

المزارع عبدالله زيد 75 عاما يقول :” عريشتي خلف الجدار كانت تقع على تلة قبل ان يعزل الجدار ارضي ويحرمني من الوصول اليها بصورة طبيعية ، واليوم اضطر ركوب ظهر الحمار والالتفاف عدة كيلومترات كي اصل الى البوابة التي تسمى بوابة تسوفيم وادخل في عملية فحص يوميا انا والحمار وهذا كله في سبيل البقاء صامدا على الارض ، وينتابني شعور بالغصة يوميا وانا اركب فوق ظهر الحمار ذهابا وايابا ، فالاحتلال جعلنا بين قيود ثقيلة فرضت علينا بدون رحمة أو شفقة “.

المزارع غسان خضر الذي تمتلك عائلته عدة مزارع ناجحة خلف الجدار خلف الجدار في منطقة الكاره قال :” النجاح والثبات على الارض يحتاج إلى ارادة، ومزارعنا خلف الجدار لها معاناة خاصة فنحن نعاني من البوابات الامنية ومن مجلس المستوطنة القريب علينا الذي يحظر علينا استصلاح أي جزء من الأرض بالرغم من موافقة الجيش”.

ويقول غسان :” تجربتنا الناجحة في الزراعة جعلت عدة دول تعرض علينا نقل التجربة الزراعية الناجحة اليها منها الأردن وتركيا ودول في امريكا اللاتينية ورفضنا ان ننتقل من ارضنا مهما كانت الاغراءات “.

واضاف :” نملك خلف الجدرا العنصري 40 دفيئة زراعية و15 دونما مزروعة باشجار الاسكدنيا و65 دونما بجانب مستوطنة سوريجال التي حظر علينا مجلسها الاستيطاني استصلاح الارض مهما كانت طبيعة الاستصلاح ، فمن ينظر الى عذاباتنا اليومية وصناعة هذا النجاح بالرغمة من القبضة الأمنية والاستيطانية يصاب بالذهول ، فالمزارع الفلسطيني في قلقيلية من بين الأشواك يصنع نجاحا لا يمكن وصفوه الا بكلمة الارادة تصنع النجاح “.

عن nbprs

شاهد أيضاً

إصابة شاب برصاص الاحتلال خلال هجوم للمستوطنين على بلدة قصرة

أصيب أمس الثلاثاء، شاب برصاص الاحتلال الحي في بلدة قصرة، جنوب نابلس، وذلك خلال هجوم …