ردّت المحكمة العليا الإسرائيلية، يوم الخميس الماضي، التماسا طالب بالكشف عن معلومات حول حفريات أثرية ينفذها علماء آثار إسرائيليون. وبررت المحكمة قرارها أن نشر معلومات كهذه ستكشف هويات الذين ينفذون الحفريات ويعرضهم لمقاطعة أكاديمية. كذلك ادعت المحكمة في قرارها أن كشف هوياتهم من شأنه المس بمفاوضات سياسية مستقبلية وبالحفريات نفسها. وتؤكد المحكمة العليا الإسرائيلية بقرارها هذا، مرة أخرى، أنها تُشكل ذراعا لتنفيذ سياسات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وتنتهك القانون الدولي.
وطالبت منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان، هما “ييش دين” و”عيمق شافيه” (عمق شبيه)، في التماسهما المحكمة بالحصول على أسماء علماء الآثار الذين ينفذون الحفريات، ومواقعها واللقى الأثرية التي عثروا عليها، وقائمة المتاحف والمؤسسات والأماكن التي تُعرض فيها هذه اللقى، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الأحد.
وجاء هذا الالتماس استئنافا على التماس كانت المنظمات قد قدمته للمحكمة العليا في العام 2016، وتم رفضه حينها، وطالب بحرية المعلومات حول حفريات ينفذها “ضابط الآثار” في “الإدارة المدنية” التابعة لجيش الاحتلال. ويشار إلى أن معاهدة لاهاي من العام 1954 تحظر على دولة الاحتلال إخراج لقى أثرية من المنطقة المحتلة.
وتدير سلطات الاحتلال مجال الآثار في الأراضي المحتلة عام 1967 بواسطة “ضابط الآثار”، الذي يقوم بمهام سلطة الآثار الإسرائيلية. ونُفذت مئات الحفريات بموجب تصاريح صادرة عن “ضابط الآثار”، منذ احتلال الضفة. وأكدت الصحيفة على أنه خلافا للحفريات داخل إسرائيل، فإنه لا يتم الكشف عن الحفريات الأثرية في الضفة، ولا يعلن عن نتائجها شيئا.
وتبنى قاضيا المحكمة العليا الإسرائيلية، يوسف ألرون ونوعام سولبرغ، ادعاء النيابة العامة بأن كشف أسماء منفذي الحفريات من شأنهم المس بهم. وكتب ألرون في قراره أنه “يوجد تخوف واضح وحقيقي بأن النشر من شأنه التسبب بمس حقيقي بمصلحتهم المهنية والاقتصادية وبالمؤسسات التي ينتمون إليها، وتعريضهم لمقاطعة أكاديمية، بشكل قد يمس بعملهم البحثي ومستقبلهم الأكاديمي”.
وأضاف ألرون أنه قد يتم فرض قيود على نشر أبحاث منفذي الحفريات في الضفة في دوريات دولية ومنع مشاركتهم في مؤتمرات دولية، أو رفض التعاون العلمي معهم من جانب زملاء ومتطوعين أميركيين، ومنع حصولهم على منح لأبحاثهم.
وتبنى ألرون موقف النيابة بأن كشف مصير اللقى الأثرية من الضفة من شأنه المس بعلاقات إسرائيل الخارجية، بما في ذلك مفاوضات سياسية مستقبلية مع الفلسطينيين، وأن “يستخدم كأداة مناكفة من جانب جهات تسعى إلى المس بدولة إسرائيل في الحلبة الدولية”. وسمحت القضاة بنشر أسماء مشاركين في هذه الحفريات، الذين لم يعارضوا بشكل صريح نشر أسماءهم.
وكتبت القاضية الثالثة في هيئة القضاة، عنات برون، التي عارضت قرار المحكمة، أن التخوف من مقاطعة لا يمكنه منع كشف معلومات أمام الجمهور. وشددت على أن “عدم الكشف بإمكانه إسكات النقاش العام حول شرعية الحفريات الأثرية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وهذه قضية محل خلاف. ورغم أن مناقشة الموضوع من شأنه جلب انتقادات ضد منفذي الحفريات، وربما مقاطعة كما ادعى المدعى عليهم، لكن إسكات النقاش من خلال إخفاء معلومات لا يزيل هذه التخوفات… ويشكل خطرا على القيم الديمقراطية”.