كتب محمد بلاص:
لم يكن إقرار جيش الاحتلال، أمس، باستخدام التدريبات العسكرية في إطار محاولاته الرامية إلى إجبار الفلسطينيين في الأغوار الشمالية على مغادرة أماكن سكناهم، أمراً مفاجئاً لأهالي خربة حمصة الفوقا ممن يئنون تحت وطأة هذه التدريبات وما تخللتها من إخلاءات لمساكنهم لأول مرة منذ بدايات الاحتلال خلال شهر رمضان.
وقدمت منظمة حقوقية إسرائيلية التماساً لدى المحكمة العليا بالنيابة عن ياسر ووليد أبو الكباش من خربة حمصة الفوقا، طالبت فيه المحكمة بمنع إخلاء العائلات البدوية خلال شهر رمضان وبداية عيد الفطر السعيد لأغراض التدريب العسكري، وكتبت: “إن الجيش أقر بالفعل أنه يستخدم التدريب لمحاولة إجبار الفلسطينيين في الأغوار على مغادرة المكان، وإذا لم يكن التعذيب الدائم كافياً، فقد فعلوا هذه المرة أكثر من ذلك، وقرروا إيذاء السكان خلال أهم فترة دينية وأثناء صيامهم”.
وما إن أبلغت سلطات الاحتلال العائلات البدوية بقرار الجيش إجراء تدريبات مباشرة في قلب حقولهم ومراعيهم خلال معظم أيام شهر رمضان، كان أول إجراء قام به العديد من أصحاب الأراضي هو استئجار حصادات وإرسالها إلى مزارع القمح والشعير من أجل حصد المحصول في وقت مبكر؛ حتى لا تتسبب التدريبات التي تترافق مع ارتفاع حاد بدرجات الحرارة التي تتجاوز في معظم الأيام 40 درجة مئوية باشتعال نيران من شأنها أن تلتهم المحاصيل.
ويضطر المزارعون إلى حصد المحاصيل باكراً؛ على أمل الخروج بأقل الخسائر في حال اندلاع حرائق ناجمة عن مناورات جيش الاحتلال بالذخيرة الحية، مقتنعين بأن الاحتلال لن يحرك ساكناً في سبيل إخماد الحرائق البعيدة عن القواعد العسكرية والمستوطنات ولكنها قريبة من التجمعات السكانية البدوية، فيضطرون إلى إخماد النيران بأيديهم، وهو خيار يجعل حياتهم في خطر شديد حال انفجار مخلفات الاحتلال من التدريبات.
وقال حرب أبو الكباش: “لم نكن نعتقد أنهم سيأتون للتدريب خلال شهر رمضان، ذات مرة كانوا يحترمون رمضان، ولكن ليس اليوم”.
ومضى: “كان هناك تدريب في رمضان قبل عام أو عامين، ولكنه استمر ليوم واحد فقط، أما في هذه المرة تسلمنا أوامر إخلاء لـ 98 نسمة، بينهم 56 طفلاً، يوم الإثنين الماضي، وأمس، لمدة أربعة أسابيع، بما في ذلك اليوم الأول من عيد الفطر”.
وكتبت المحامية روني بيلي من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، رسالة عاجلة إلى ما يسمى “قائد المنطقة الوسطى” في جيش الاحتلال، طلبت منه عدم إخلاء العائلات في خربة حمصة الفوقا، باعتبار أن هذا الإخلاء والتدريب يتعارضان مع القانون الدولي، مضيفة: “إن نطاق التدريب القادم غير مسبوق، والأمر الأكثر خطورة هو أن الشهر هو شهر رمضان”.
وتلقت الجمعية رداً من رئيس العمليات في مكتب المستشار القانوني العسكري بالضفة الغربية، قائلاً: “إن التدريب ضروري، والسكان غير القانونيين وصلوا إلى المنطقة بعد إعلان المنطقة عسكرية مغلقة، ولذلك سيستمر التدريب في منطقة إطلاق النار كما هو مخطط، مع إجلاء السكان بشكل مؤقت ومركز، وفقاً لبرنامج التدريب”.
وأشارت الجمعية إلى أن هذا الرد لم يتضمن أي إشارة أو ذكر لشهر رمضان أو مدة التدريب غير العادي.