أقرّت الأمم المتّحدة مساء الثلاثاء، بأغلبيّةٍ ساحقة قرارًا يعتبر الاحتلال الإسرائيلي عقبةً أساسيةً في وجه المرأة الفلسطينيّة، ويعتبر أنّه لا يعيق تقدّمها فحسب، بل يحرمها من أبسط حقوقها الإنسانيّة التي تكفلها لها القوانين الدولية.
والقرار الّذي أُقرّ بتأييد من 40 دولة مقابل اعتراض من دولتين فقط، هما الولايات المتّحدة وكندا، وامتناع 9 دول أخرى، يشدّد على على ضرورة توفير الحماية للشعب الفلسطيني عامّةً، والنساء والأطفال خاصّةً، وعلى أهمّيّة توفير الدعم للمرأة الفلسطينية اللّاجئة والقابعة تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن تبني هذا القرار يتم بشكل سنوي، إلا أنّ تبنّيه وإقراره هذا العام يحمل مدلولًا سياسيًّا مختلفًا، إذ قُدّم الاقتراح من الدولة الفلسطينيّة للمرّة الأولى، بشكل مباشر إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة دون المرور بلجنة الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة، على غير ما جرت العادة.
وتعود أهمية هذه الخطوة إلى كون المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي يتكون من 54 دولة عضو، هو الجهة المعنيّة بتحديد الأولويّات الاجتماعيّة والاقتصاديّة الدوليّة على جدول أعمال الأمم المتحدة، إذ يشمل عمل اللجنة في تحديد الأولويّات البنود الّتي تتناول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلد بعينه، مثل بند حول التبعات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة وباقي الأراضي العربية المحتلة. وعلى العكس هذه المرّة، فإن لجنة المرأة لجنة فنية، أصبحت لا تنظر في وضع المرأة في بلد بعينه وإنما في القضايا العالمية التي تخص المرأة.
وساهم اعتماد قرار المرأة الفلسطينية هذا العام ضمن ببند التّبعات الاقتصاديّة والاجتماعيّة للاحتلال الإسرائيلي في إعطاء مساحة أكبر للدول الأعضاء للتعبير عن دعمها لقرار المرأة الفلسطينية، بعد أن كانت تعترض عليه أو تمتنع عن دعمه بسبب تقديمه إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي كتوصية من لجنة المرأة التي كانت يوما ما تعني ببلدان معينة، بعد أن صارت تُعنى بالقضايا العالميّة المتعلّقة بالمرأة.
وتجلّت هذه المساهمة في ارتفاع عدد الدّول المؤيّدة للقرار، من 27 دولةً العام الماضي، إلى 40 دولةً هذا العام، بعد أن حيث تمكّنت فلسطين من حشد دعم عدد أكبر من الدول، بما فيها دول أوروبية واليابان وكوريا الجنوبية، لتأييد القرار بعد أن اعتادت أن تمتنع عن التصويت عليه على مر عقد من الزمن.
وشكر الممثّل الفلسطيني في الأمم المتّحدة، الوزير رياض منصور، الوفود التي صوتت لصالح القرار وقال في كلمته “إن المرأة الفلسطينية في مخيم اللاجئين تصنع بيدها مستقبلًا أفضل لأطفالها، وفي غزة تحت الحصار تكون هي النور لعائلتها، وهي المأوى في صور باهر بعد فقدان العائلة لبيتها، وهي الطفلة الفلسطينية في القدس التي ترسم أفقًا لا يمكن للجدار احتجازه… هي القاضية والطالبة والمعلمة والصحافية والمزارعة والنقابية والمدافعة عن حقوق الإنسان والمحامية والبرلمانية والرياضية وصانعة السلام” .
وأشاد منصور بعراقة الحركة النسوية الفلسطينية ونضالها الوطني والاجتماعي٬ الذي انطلق قبل أكثر من قرن من الزمن والذي يستمر إلى يومنا هذا.
كذلك، فقد تبنّى المجلس الاقتصادي والاجتماعي قرارًا آخر حول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال الإسرائيلي على الأحوال المعيشية للشعب الفلسطيني في البلاد، بما في ذلك القدس الشرقية، وللسّكان العرب في الجولان السوري المحتل، وذلك أيضًا بأغلبية ساحقة مماثلة للأعوام الماضية، فقد صوتت 45 دولة مع القرار و2 ضده، في حين امتنعت 4 دول عن التّصويت.
وتجدر الإشارة إلى أنّه يتمّ تقديم كلا القرارين كلّ عام من قبل مجموعة 77 والصّين بالنيابة عن دولة فلسطين، على عكس ما حصل هذا العام حيث قامت فلسطين بصفتها الرئيس بتقديم القرار باسم المجموعة.