الحارث الحصني
عمليات هدم كاللصوص، هو ما قامت به جرافات الاحتلال الاسرائيلي، صباح اليوم الأحد، من خلال تدميرها خزان مياه في سهل “قاعون” شمال غرب قرية بردلة بالأغوار الشمالية.
الخزان الذي يتسع لــ ألف كوب، يستفيد منه عشرات المزارعين في ري مزارعهم المروية؛ هدمته جرافات الاحتلال بحجة تواجده في منطقة “ج”، التي يواجه الفلسطينيون فيها معضلات كبيرة في ترخيص منشآتهم، وهذا الخزان واحد من تلك المنشآت التي واجه مالكوه مشكلة في ذلك.
ويستفيد من الخزان ما يقارب (85) مزارعا، ويغذي أكثر من 150 دونما من الأراضي الزراعية، وهو مقدم من المؤسسات المانحة، من خلال محافظة طوباس، ومديرية زراعة طوباس.
وقال مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، معتز بشارات، لمراسل “وفا”، إنه بعد متابعة قانونية تمكنت محافظة طوباس، والجهات المختصة بالحصول عام 2016 على وصل ترخيص، لحين صدور قرار نهائي من المحكمة الإسرائيلية بخصوص الخزان.
ووصف عملية الهدم بأنها هدم “كاللصوص” للتعبير عن الطريق التي سلكها الاحتلال أثناء قدومه للهدم.
وجرت العادة أن تأتي جرافات الاحتلال من المدخل الشرقي للقرية، لكن هذه المرة جاءت الجرافات من إحدى البوابات التي فتحوها من السياج الفاصل بين أراضي الأغوار وأراضي عام الــ48 المحتلة.
وحسب ما نُشر على الموقع الإلكتروني لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” فإنه وفقًا لمعطيات “الإدارة المدنيّة” قدّم الفلسطينيّون 5,475 طلب ترخيص بناء في الفترة الواقعة بين عام 2000 ومنتصف عام 2016 وتمّت الموافقة على 226 طلبًا فقط أي نحو 4% من الطلبات.
وأضافت بتسيلم أن الاحتلال تمنع الفلسطينيّين من البناء في نحو 60% من مناطق (ج)، وتشكّل ما يقارب 36% من مجمل أراضي الضفّة الغربيّة.
عام 2016، التي أخطرت فيها قوات الاحتلال بهدم الخزان المذكور، كان نفسه العام الذي حصل فيه الفلسطينيون على وصل الترخيص.
ويرى حقوقيون أن هدم الاحتلال لمنشآت في الأغوار الشمالية، يهدف إلى تفريغ المنطقة من الوجود الفلسطيني.
وتقول “بتسيلم”: إن معظم أراضي منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، تستغلّها إسرائيل لاحتياجاتها هي إذ تمنع الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من المساحة، هم يُمنعون من المكوث فيها ومن البناء ومن وضع بُنى تحتيّة ومن رعي الأغنام ومن فلاحة الأراضي الزراعية.
لكن، يتمكن الفلسطينيون من استغلال بعض الأراضي بشكل خجول، ومحاط بمضايقات يقوم بها الاحتلال، في مناطق مصنفة تحت مسمى “ج”.
وأمكن مشاهدة مساحات من الأراضي التي كانت قد زُرعت سابقا، ويشي منظرها بانتهاء موسمها الزراعي السابق.
لكن فعليا، فإن المزارعين في عدة تجمعات بالأغوار الشمالية، يتهيؤون هذه الأيام للبدء بإعداد الأراضي تجهيزا للموسم الجديد في الزراعة المروية.
ويقول نائب رئيس مجلس قروي بردلة زايد صوافطة، “الاحتلال ينتقي الأوقات بعناية عندما يريد الهدم(..)، هم يريدون الإجهاز على الموسم الزراعي في سهل قاعون مبكرا”.
وبحسب ما نشر على “بتسيلم” فإن الإدارة المدنية ترفض على نحوٍ شامل تقريبًا إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين مهما كان نوع البناء (منازل، أو مبانٍ زراعية، أو مبانٍ عامّة، أو مرافق ومنشآت بُنى تحتيّة). فعندما يبني الفلسطينيون دون ترخيص -لأنّه لا خيار آخر لديهم- تصدر الإدارة المدنية أوامر هدم للمباني بعضها تنفّذه فعليًّا. وحيث لا ينفَّذ أمر الهدم يُجبر السكّان على العيش في انعدام يقين دائم.
ووفقا لمعطيات “بتسيلم” فإنه في الفترة ما بين 2006 وأيلول 2017 هدمت الإدارة المدنية 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار.
وسهل قاعون، أحد الامتدادات الزراعية القريبة من قرية بردلة، ويمر من منتصفه السياج الفاصل بين الأغوار الشمالية، وأراضي عام الــ48 المحتلة.
فالخزان المطل على أراضي المواطنين في السهل، كان على مدار 3 سنوات مصدرا لري المزروعات في المنطقة، قبل هدمه اليوم.
وفعليا، لم يبقَ من الخزان أكثر من أطلال المعدات التي كانت مستخدمة في بنائه. فالأنابيب المقطعة، والجسور الإسمنتية المترامية، والصفائح الحديدية المقطعة التي طمرها الاحتلال بعد الهدم، كل ما تبقى.
ومثل هذه الخزانات تبنى بصفائح حديدية بشكل دائري لها مخارج ومداخل للمياه، توضع على قاعدة إسمنتية متينة بأحجام مختلفة، ويبنيها المزارعون في المناطق التي يصعب عليهم توفير المياه بشكل دائم؛ بسبب سياسات الاحتلال المتبعة في التضييق عليهم.
وكانت “بتسيلم” نشرت على موقعها الإلكتروني في تقرير لها بعنوان ” عدالة زائفة: مسؤولية قضاة محكمة العدل العليا عن هدم منازل الفلسطينيين وسلبهم”، أوضحت أنه على مرّ السّنين أصدرت “الإدارة المدنيّة” آلاف أوامر الهدم لمبانٍ فلسطينيّة، ووفقًا لمعطيات “الإدارة المدنيّة” صدر 16,796 أمر هدم في الفترة الواقعة بين عام 1988 وعام 2017؛ نفّذ منها 3,483 أمرًا (نحو 20%) ولا يزال 3,081 أمر هدم (نحو 18%) قيد المداولة القضائيّة.