تصادف، اليوم الأربعاء، الذكرى الــ50 لإحراق المسجد الأقصى بيوم الحادي والعشرين من آب/أغسطس عام 1969.
وفي مثل هذا اليوم قبل 50 عاما قام المتطرف الأسترالي الإسرائيلي مايكل روهان، بإضرام النيران بالمسجد الأقصى، إذ ما زالت ألسنة اللهب تستعر بساحات الحرم القدسي الشريف ما تصاعد أطماع الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته الرامية لفرض التقسيم المكاني والزماني بالمسجد وبناء “الهيكل” المزعوم فوق قبة الصخرة.
وفي صباح يوم الخميس الموافق 21 آب/أغسطس 1969، أشعل المتطرف اليهودي روهان النيران عمدا في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى، وأتت على كامل محتويات الجناح، كما هدد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.
وبلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500 متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر مربع.
وتسببت جريمة المتطرف مايكل بإحراق منبر نور الدين محمود الذي صنعه ليضعه في المسجد بعد تحريره، لكنه مات قبل ذلك ووضعه صلاح الدين الأيوبي، الذي يعتبر رمزا للتحرير والنصر على الصليبيين.
والتهمت ألسنة اللهب المتصاعدة حينها المصلى القبلي، وأتت على أثاث المسجد وجدرانه، وعلى مسجد عمر بن الخطاب، ومحراب زكريا، ومقام الأربعين، وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب شمالًا داخل المسجد.
وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة، كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية.
وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
وعندما اندلعت النيران في المصلى القبلي، قطع الاحتلال المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد، وتعمد تأخير سيارات الإطفاء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس حتى لا تشارك في إطفاء الحريق، بل جاءت سيارات الإطفاء العربية من الخليل ورام الله قبلها وساهمت في إطفاء الحريق.
وألقت إسرائيل القبض على الجاني، ونقلته سلطات الاحتلال إلى مستشفى للأمراض النفسية في المزرعة بالقرب من عكا وبعد فترة ليست طويلة تم ترحيله إلى أستراليا، وروج في حينه خرافة قال فيها: إنه” قام بفعلته بأمر من الله”.
وبعد عام واحد من حريق المصلى القبلي، بدأت أعمال الترميم فيه بتشكيل لجنة إعمار الأقصى، حيث وضع حاجز من الطوب يفصل ربع المصلى المحروق عن باقي الأروقة التي لم تتأذ.
ووضع بدل منبر نور الدين زنكي منبر حديدي، واستمرت أعمال الترميم حتى عام 1986، فأزيل الطوب واستؤنفت الصلاة في الجزء الجنوبي من المسجد، وبقي المنبر الحديدي حتى عام 2006، حيث أعد الأردن منبرا بديلا يماثل منبر نور الدين زنكي، ووضع في الأقصى عام 2006.
ومنذ ذلك الحين وفي ظل الصمت العربي والإسلامي والتخاذل الدولي والدعم الأميركي تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي بشتى الوسائل والطرق المس بالمسجد من خلال أعمال حفرية تحته، إلى بناء الأنفاق المتواصلة بعضها بعضا التي أدت إلى تقويض أساسات المسجد في الحرم القدسي.
كما تم السماح لمنظمات “الهيكل” بتكثيف الاقتحامات والدفاع نحو بناء كنيس على جزء من الساحات لحين بناء “الهيكل” المزعوم. بالإضافة إلى عمليات التهويد والاستيطان، وكذلك التصريحات الإسرائيلية المطالبة بتغيير الواضع الراهن فيه.