رفعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس المحتلة، في عهد إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وسط تبدل في تعاطي البيت الأبيض سياسيًا مع النشاطات الاستيطانية المخالفة للقوانين الدولية في الضفة الغربية المحتلة، علما بأن الإدارات الأميركية السابقة عكفت على اعتبار الاستيطان عائقًا أمام “عملية السلام” في الشرق الأوسط.
وأظهرت معطيات جديدة حصلت عليها حركة “سلام الآن” الإسرائيلية المناهضة للاحتلال والاستيطان، وأوردها الموقع الإلكتروني للقناة 12 الإسرائيلية (ماكو)، أن البناء الاستيطاني في محيط مدينة القدس المحتلة قد وصل في الفترة الماضية إلى مستويات قياسية مقارنة بالأعوام الـ20 الأخيرة.
ولفت تقرير القناة إلى التبدل اللافت في تعاطي إدارة الرئيس ترامب مع ملف الاستيطان، الذي يعتبر “غير شرعيًا” بموجب القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، بحيث ترافقت تراخيص البناء الاستيطاني التي أصدرتها الحكومات الإسرائيلية ببيانات توبيخ أميركية حتى إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما.
وتغض إدارة ترامب الطرف عن النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطيني، حتى أن وزارة الخارجية الأميركية أوقفت في نيسان/ أبريل 2018، استخدام تعبير “الأراضي المحتلة”، في إشارة إلى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.
غير أن التعامل الأميركي مع البناء الاستيطاني بات مختلفًا تماما في ظل إدارة ترامب، ما تؤكده العديد من التصريحات الصادرة عن المسؤولين الأميركيين المعنيين بـ”الملف الفلسطيني”، والمقربين من الرئيس، على غرار السفير الأميركي لدى إسرائيلي، ديفيد فريدمان، والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات.
ووفقًا للبيانات التي حصلت عليها “سلام الآن”، فإن منذ احتلال الشق الشرقي من مدينة القدس عام 1967، أقامت الحكومة الإسرائيلية، 12 مستوطنة في محيط مدينة القدس تتكون من 55 ألف وحدة سكنية على أقل تقدير.
وأوضحت المعطيات أنه خلال الفترة بين العامين 2017 و2018، عقب فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، طرأ تصاعد هائل في وتيرة البناء الاستيطاني في المدينة المحتلة، حيث تمت المصادقة على بناء 1861 وحدة استيطانية جديدة، بارتفاع يبلغ 58% مقارنة بالعامين الماضيين.
كما أشارت البيانات إلى تفاوت كبير في تراخيص البناء الممنوحة للمقدسيين، الذين تتجاوز نسبتهم الـ38% من مجمل سكان القدس، إذ اقتصرت نسبة تصاريح البناء التي وافقت عليها لجنة التخطيط والبناء التابعة للحكومة الإسرائيلية في بلدات وأحياء القدس المحتلة على 16.5% فقط.
وكان مجلس الأمن قد أصدر في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2016 القرار رقم 2334، الذي يطالب بـ”وقف فوري لكافة الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
ويقيم نحو 653,621 مستوطنا، في 150 مستوطنة، و116 بؤرة استيطانية، في الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس، 47% منهم في محيط القدس، بحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.
وتسيطر المستوطنات على 10% من أراضي الضفة الغربية، ويسيطر الاحتلال الإسرائيلي على 18% من أراضي الضفة الغربية بدواعي عسكرية، فيما يعزل الجدار نحو 12% من أراضي الضفة الغربية.
وتستغل إسرائيل تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة مناطق، وفق اتفاق أوسلو الثاني الموقع عام 1995 مع منظمة التحرير الفلسطينية، لإحكام السيطرة على 60% من أراضي الضفة الغربية المصنفة C، وتخضع لسيطرتها الأمنية والإدارية.
يذكر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، كان قد أوعز بإعداد خطة لبناء 300 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
وقال مكتب رئيس الحكومة، في بيان مقتضب إن نتنياهو” أوعز لمدير عام مكتب رئيس الحكومة، بطرح خطة لإقامة حي جديد في مستوطنة دوليف، سيضم 300 وحدة سكنية جديدة، وذلك في الجلسة القادمة التي ستعقدها لجنة التخطيط”.
وأضاف نتنياهو: “نعمق جذورنا ونضرب أعداءنا، سنواصل تعزيز وتطوير الاستيطان”. يذكر أن ذلك في أعقاب عملية تفجير قتلت فيها مستوطنة نفذت قرب عين ماء عند مدخل مستوطنة “دوليف”، وسط الضفة الغربية المحتلة.