“كراهية حتى الموت” هو مسلسل وثائقي من ثلاث حلقات للمخرج ران كحليلي، بدأ عرضه هذا الأسبوع في القناة الثامنة الإسرائيلية، يظهر كيف تحولت دعوة “الموت للعرب” من صرخة كانت تسمع في الهامش، كما يقول، عوفر إيلاني، في مقال نشرته “هآرتس”، إلى أيديولوجيّة سائدة في كل مكان اخترقت التيار المركزي في إسرائيل.
وينقل المسلسل أقوال عالم الاجتماع الإسرائيلي المعروف، سامي سموحة، الذي يتابع منذ سنوات طويلة مؤشر العلاقات بين العرب واليهود، وهو يقول إنّ السنتين الأخيرتين شهدتا تطرفا في الموقف تجاه العرب بين الجمهور اليهودي، وهي المرة الأولى التي يرى يظهر فيها تحولا جذريا منذ عشرات السنين.
ويعزو سموحة هذا التحول إلى وجود حكومة يمين “نقية” كما يصفها، وإلى صعود ترامب وانتشار المد اليميني في العالم، وتعاظم كراهية العرب والمسلمين في العالم والتي أعطت شرعية كبيرة للإسرائيليين، مكّنت من تحويل كراهية العرب إلى حالة إجماع.
أما الكاتبة أريانة ملميد، فوصفت الإجماع الإسرائيلي ذاك بأنّه ينتشر في صفوف اليمين واليسار، الشرقيين والأشكيناز، وفي مؤسسات الدولة وفي كل جهاز اجتماعي يساهم في صيانتها؛ وتظهر معطيات مذهلة ذلك، إن كان في منشورات شبكات التواصل الاجتماعي، أو في دعوات “الموت للعرب” أو غيرها.
ويبدأ المسلسل من المدرسة التي لا يعرف أي طالب فيها “عربيا إسرائيليا” أو فلسطينيا باسمه، ومن الخوف والعداء الذي يتسرب من الجهاز السياسي الذي يخلق الكراهية ومن الطالبة التي أصابتها الصدمة، عندما علمت أن معلمين عربا يدرسون في مدرستها، لأنها غير قادرة على تصور أن يكون العربي معلما، لأنها تعتقد أن كل عربي “مخربا” وهي لا ترى، تقريبًا، عربا في التلفزيون، لإنه تم شطبهم من الشاشة كآدميّين وبقوا أرقامًا يطلب منهم إبداء الولاء للدولة واستنكار العمليات أو الحديث عن مدى عنف مجتمعهم.
وتضيف ملميد أنّ الإعلام الإسرائيلي ركز على اليهود الشرقيين الذين هتفوا ضد فوز العرب بمناقصات بناء في المدينة، وتجاهل عنصرية سكان مستوطنة “كفار هفرديم” الأشكيناز، الذين قاموا بإلغاء مناقصات شبيهة لنفس الأسباب. وهي لا ترى فرقا بين العنصرية التي تمارس بيدٍ من حريرٍ وبين العنصرية الكهانية التي تشتعل نارا.
الشرقيون الذين كان بمقدورهم أن يكونوا جسرا بين الثقافات تحولوا إلى حاملي لواء الكراهية، حيث ولدت العنصرية الشرقية من الكسر الثقافي الذي شهده أبناء الطوائف الشرقية في إسرائيل، الذين طلب منهم ترك يهوديتهم وثقافتهم التي جلبوها معهم، بما فيها لغتهم اليهودية العربية.
أما الأشكيناز الذين لا يتطرق إليهم المسلسل بتوسّع، فقد تزودوا بقيم عنصرية مناسبة تتمثل بالنظرة الاستشراقية التي ترى العرب أقلّ، لأنهم ليسوا أوروبيين.
ومن يريد أن ينأى بنفسه وحياته عن تلك القصة، كما تقول ملميد مخاطبةً الإسرائيليين، عليه أن يذكر أن هناك عشرات آلاف أليئور أزاريا (الجندي القاتل في الخليل) المحتملين مع قبعة دينية أو بدونها، يسكنون في المركز والضواحي وهم موحّدون في الكراهية، وما قتلُ الفتى محمد أبو خضير إلا حالة واحدة في هذا السياق.
عرب ٤٨