ينظر الفلسطيني حربي ابو الكباش، من سكان منطقة الأغوار في الضفة الغربية بحسرة وغضب إلى بئري مياه أقام جيش الاحتلال حولهما سياجاً شائكاً، ووضع كاميرات مراقبة لمنعه وباقي السكان من استخدامهما.
ويقطن ابو الكباش في خربة (حمصة) في الأغوار، التي تعد محل صراع محتدماً بين الفلسطينيين وكيان الاحتلال، وتشكل الأغوار نحو ثلث مساحة الضفة الغربية وتعد من أهم المناطق الاستراتيجية للزراعة.
ويشتكى الفلسطينيون من تصعيد الاحتلال أنشطتها الاستيطانية ومصادرة الأراضي في منطقة الأغوار بغرض تنفيذ مخططها القائم على فرض سيادتها على المنطقة.
ويقول ابو الكباش، إن نحو 19 تجمعا فلسطينيا في الأغوار يحظر الجيش الإسرائيلي عليها استخدام آبار المياه فيها ما يحول حياتهم إلى جحيم.
ويضيف وهو يفرغ صهريج مياه في خزانات وبراميل لسقاية ماشيته، أنه يحتاج إلى نحو عشرة أكواب من المياه يوميا في فصل الشتاء، بينما تصل حاجته من 14 إلى 15 كوبا في فصل الصيف.
ويشير ابو الكباش إلى أن عائلته المكونة من 40 فردا تعتمد كليا على الزراعة وتربية المواشي وقد اضطروا مؤخرا لزراعة المنتجات الصيفية التي لا تحتاج لكميات كبيرة من المياه بسبب قيود الاحتلال.
ويضطر أبو الكباش لقطع مسافة لا تقل عن عشرين كيلومترا يوميا ذهابا وإيابا للوصول إلى أقرب نقطة للحصول على المياه، ويقول مسؤولون فلسطينيون إن الاحتلال يشن عمليات مداهمة مكثفة لمساكن الفلسطينيين في الأغوار بحثا عن فتحات مياه بالخطوط الناقلة لمعسكرات الجيش والمستوطنات.
ويقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس والأغوار معتز بشارات، إن جيش الاحتلال دمر في الآونة الأخيرة خطوط مياه لا تقل عن 3.7 كيلومتر تمد المزارعين الفلسطينيين بالمياه، إضافة إلى ثلاثة خزانات تزود التجمعات السكانية بالمياه.
ويضيف بشارات أن الجيش هدم كذلك ست آبار لتجميع المياه ودمر نحو أربعة كيلومترات لشبكات مياه داخلية فقط خلال العام الجاري.
ويوضح أن السلطة الفلسطينية بعد أن ألغت تصنيفات المناطق في الضفة الغربية تحاول مد خطوط مياه للتجمعات السكانية “لكن تواجه هذه المساعي برفض الاحتلال وتدميره المتكرر لخطوط المياه”.
ويشير سكان فلسطينيون بغضب بالغ إلى خطوط مياه إسرائيلية تمتد في أراضيهم لتوصيل المياه إلى المستوطنات بينما يتم منعهم من استخدامها.
ويوضح بشارات أن سلطات الاحتلال، سمحت في العام 1973 بتزويد قرى بردلة وكردلة والعين البيضا في الأغوار بنحو 250 كوبا يوميا من المياه بعد أن حفرت آبارا أثرت على تدفق المياه للفلسطينيين.
ويفيد بأن الاحتلال منذ ذلك العام لم ترفع النسبة بل قلصتها إلى 220 كوبا لصالح ثلاث قرى رغم الزيادة السكانية والنمو الطبيعي للسكان في هذه المنطقة، ما دفع نحو نصف سكان هذه المناطق إلى الهجرة بسبب نقص المياه.
بدوره، يقول رئيس مجلس محلي المضارب والأغوار مهدي ضراغمة، إن سياسة إسرائيل بحرمان الفلسطينيين من المياه تستهدف دفع تهجير السكان الفلسطينيين.
ويوضح ضراغمة أن 19 تجمعا سكنيا فلسطينيا في الأغوار محرومة من المياه بشكل كامل ويضطر السكان لقطع مسافة 20 كيلومترا تقريبا لجلب المياه عبر صهاريج مرتفعة الثمن خاصة في فصل الصيف.
ويشير إلى أن ذلك يترافق مع تصعيد في إقامة البؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية الخاصة والتي يتم تزويدها بخدمات المياه والكهرباء بشكل فوري من سلطات الاحتلال ذات الاختصاص.
ويقول “مستوطن واحد يؤسس بؤرة استيطانية ويجلب 400 رأس من الأبقار وعلى مساحات واسعة من الأراضي يمكن أن يتزود بمياه أكثر من باقي التجمعات التي تضم نحو 2800 مواطن فلسطيني”.
ويضيف أن اعتماد السكان كان على ينابيع المياه، ولكنها تعرضت للجفاف بشكل كلي بسبب كثرة الاستخدام وقلة الأمطار، فضلا عن تأثير الآبار التي تحفرها شركة المياه الإسرائيلية”.
وتشكل منطقة الأغوار التي تبلغ مساحتها قرابة 720 ألف دونم، 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، ويعيش فيها حوالي 50 ألف فلسطيني بما فيها مدينة أريحا، وهو ما نسبته 2 بالمئة من مجموع السكان الفلسطينيين في الضفة، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.
وتقام على مناطق الأغوار الفلسطينية 31 مستوطنة إسرائيلية غالبيتها زراعية ويسكنها أكثر من 8 ألف مستوطن، بينما أنشأ الاحتلال في تلك المناطق 90 موقعا عسكرياً منذ احتلالها عام 1967 وهجرت أكثر من 50 ألف فلسطيني منذ نفس العام، بحسب نفس الإحصائيات.
ويعتبر الفلسطينيون أن منطقة الأغوار تمثل جزءً حيوياً من الدولة الفلسطينية المستقبلية باعتبارها سلة غذاء الضفة الغربية وحدودها الخارجية مع الأردن.
في المقابل أعلنت إسرائيل مراراً آخرها على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، عزمها فرض سيادتها على كامل منطقة الأغوار لاعتبارات تقول إنها ترتبط بضمان أمنها على المدى البعيد.