أكدت معطيات تنشرها الحكومة الإسرائيلية، وتزود الإدارة الأميركية بها، على أن ضخ الميزانيات للمستوطنات ارتفع خلال العشر سنوات الأخيرة، أي خلال ولاية بنيامين نتنياهو في رئاسة الحكومة منذ العام 2009. واستمرت زيادة هذه الميزانيات، بعد أن توقفت الحكومة شمل الميزانية للمستوطنات في هضبة الجولان المحتلة، في أعقاب اعتراف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بـ”سيادة إسرائيل” في الجولان، في آذار/مارس الماضي.
وبلغت الميزانيات التي استثمرتها الحكومة الإسرائيلية في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس 390 مليون شيكل (107 مليون دولار) في الربع الأول من العام الحالي، وفقا لمعطيات زودتها الحكومة لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية وللإدارة الأميركية، حسبما ذكرت صحيفة “ذي ماركر” اليوم، الثلاثاء. وهذا المبلغ أعلى من مبلغ الميزانيات للمستوطنات في الربع الأول في كل واحدة من السنوات العشر الأخيرة.
ورصدت الحكومة 1.4 مليار شيكل للمستوطنات، وبضمنها مستوطنات هضبة الجولان، في العام 2018 الفائت، وكان هذا المبلغ أقل بحوالي 235 مليون شيكل من الميزانيات للمستوطنات في العام 2017. لكن ميزانيات العام 2018 كانت أعلى من الميزانيات للمستوطنات في الأعوام 2011 – 2016، حيث تراوحت الميزانيات لكل عام 0.9 – 1.2 مليار شيكل سنويا.
وقالت حركة “سلام الآن” الإسرائيلية المناهضة للاحتلال والاستيطان وتراقب النشاط الاستيطاني، إن هذه الاستثمارات الحكومية في المستوطنات تأتي على حساب تطوير البلدات داخل إسرائيل، وشددت على أن “الحكومة فقدت الحياء”
وبدأت إسرائيل تزويد الإدارة الأميركية بالميزانيات التي تنفقها في المستوطنات في أعقاب مطلب أميركي، وكشرط لمنح ضمانات لإسرائيل من أجل تجنيد سندات دين، وذلك إثر تدهور مكانة الحكومة الإسرائيلية في أسواق المال الدولية. وكانت غاية ذلك تخفيض تكلفة تجنيد إسرائيل أموال في العالم، بفضل سمعة الإدارة الأميركية كمانحة قروض آمنة.
وحسب القرار الأميركي، في حينه، فإن بإمكان الولايات المتحدة خصم الميزانيات الإسرائيلية للمستوطنات من مجمل مبلغ الضمانات، ولذلك تزود إسرائيل الإدارة بمبالغ هذه الميزانيات. لكن الصحيفة أشارت إلى أن خصما كهذا لم تنفذه الإدارات الأميركية منذ العام 2004، وأن إسرائيل لم تستخدم الضمانات الأميركية، منذئذ، لأنها تمكنت من الحصول على قروض بشروط مريحة في الأسواق الدولية ومن دون استخدام الضمانات الأميركية. لكن رغم ذلك، بإمكان إسرائيل الاستفادة من ضمانات أميركية بمبلغ 3.8 مليار دولار، وتقول وزارة المالية الإسرائيلية أن هذه الضمانات تشكل شبكة أمان لإسرائيل ستستخدمها وقت الضرورة.
وتمول الميزانيات التي ترصدها إسرائيل للمستوطنات أعمال بناء، تطوير أراضي، مد خطوط كهرباء وبنى تحتية مشابهة، مقتنيات ودعم حكومي للمستوطنات، وتكاليف شق شوارع. لكن الصحيفة أشارت إلى أن إسرائيل لا تزود الولايات المتحدة بتقارير ومعطيات حول الإنفاق الأمني وأموال تدفع للمواطنين الإسرائيليين بدون علاقة مع مكان سكانهم، مثل مخصصات التأمين الوطني.
ولفتت الصحيفة إلى صعوبة إجراء حسابات دقيقة للإنفاق الحكومي الفائض في المستوطنات، وذلك لعدة أسباب أبرزها صعوبة حساب التكاليف الأمنية.
ودعا تقرير لمركز “ماكرو للاقتصاد السياسي”، برئاسة الدكتور روبي نتانزون، إلى احتساب الدعم الحكومي للمستوطنات، حيث تحصل المستوطنات على مبلغ 3200 شيكل سنويا للفرد الواحد، بينما تحصل البلدات داخل إسرائيل على 2400 شيكل للفرد. وتحصل المستوطنات على تمويل حكومي سنوي يصل إلى 47% من دخلها، بينما هذه النسبة 29% في البلدات داخل إسرائيل.
ووفقا لتقرير صادر عن “مركز أدفا”، فإن المستوطنات الحريدية تحصل على ميزانيات أعلى من المستوطنات الأخرى. وحسب معطيات هذا التقرير، فإن المستوطنات غير الحريدية حصلت في العام 2017 على مبلغ 3623 شيكل مقابل الفرد الواحد، بينما كان هذا المبلغ 3054 شيكل في البلدات العربية داخل إسرائيل.