لم يكن قرار إخلاء الاحتلال ومستوطنيه من منزل عائلة البكري في منطقة تل الرميدة بالخليل، بعد طرد أصحابة والسكن فيه منذ 15 عاماً، نتيجة لعدالة الاحتلال ومؤسساته، بل هو رضوخ لقوة الحق والإصرار الكبير على استعادته.
صراع قانوني استمر أكثر من 15 عاماً أمام القضاء الإسرائيلي، الذي يدعي العدالة، عمد خلالها إلى اتباع مبدأ التسويف والمماطلة في الإجراءات القضائية، من خلال قبوله دعاوى لا تحمل شكلاً ولا مضموناً قانونياً، بهدف إطالة أمد مكوث المستوطنين في المبنى وإتاحة الفرصة أمامهم لترتيب ادعاءاتهم وخلق أمر واقع، يستند الى روايات كاذبة ووثائق مزورة، والوصول بأصحاب الحق إلى حالة من اليأس وفقدان الأمل لدفعهم وثنيهم عن الاستمرار في هذه الدعوى، كما أفاد توفيق جحشن محامي لجنة إعمار الخليل.
ويستعرض جحشن المراحل التي مرت بها هذه القضية أمام محاكم الاحتلال، ولجان الاعتراضات العسكرية، حيث كانت لجنة إعمار الخليل ومن خلال وحدتها القانونية قد تبنت قضية ضد استيلاء المستوطنين على المبنى المذكور، وباشرت بالإجراءات القانونية ضد استيلاء المستوطنين على المبنى، فتم تكليف محقق خاص لمعرفة أسماء المستوطنين الذين استولوا على المبنى وقدمت الدعوى بحقهم.
ويقول: “بعد عدة جلسات صرح المستوطنون بأنهم كانوا في المبنى وغادروه منذ زمن، وادعوا أن شركة عقارات إسرائيلية قامت بشرائه بعد مغادرتهم للمبنى، وعملت هذه الشركة على إشغاله، وحينها تغيرت أطراف الدعوى، وبناء عليه تم تقديم دعوى في العام 2006، وتم رفع قضية أخرى ضد الشركة الإسرائيلية المذكورة (شركة تال) التي ادعت أنها قامت بشراء الحقوق في البيت، وفي الوقت ذاته أمرت محكمة إسرائيلية بضرورة التوجه للمحكمة المركزية بدعوى أنها صاحبة الصلاحية، وتم نظر الدعوى أمام المحكمة المركزية، واستمرت المتابعة عدة سنوات، وبعد صراع طويل تم إثبات عدم صحة المستندات المقدمة، والتأكيد على أنها مستندات مزورة من قبل المستوطنين، وحينها أصدرت المحكمة المركزية قراراً يؤكد ملكية البكري للمبنى”.
ويضيف: “إلا أن المستوطنين استأنفوا القرار، ومن ثم أصدرت المحكمة العليا قرارها بالمصادقة على قرار المحكمة المركزية، والقاضي بصحة ملكية البكري للبيت العام 2014، وقبل مصادقة محكمة الاحتلال العليا على قرار المحكمة المركزية رفع المستوطنون دعوى أمام محكمة الصلح، يطلبون فيها السماح لهم بشراء المبنى، ما جمد قرار العليا، وتم الاستمرار في الدعوى المرفوعة أمام محكمة الصلح لعدة سنوات، وقبل انتهاء الإجراءات في هذه الدعوى، رفع المستوطنون دعوى أخرى أمام المحكمة المركزية، يدعون فيها بأن جزءا من الأرض المقام عليها المبنى المذكور هي وقف يهودي، لكن هذه الدعوى تم شطبها لأنها سابقة لأوانها، واستمروا بالنظر في الدعوى أمام محكمة الصلح (السماح بالشراء)، والتي صدر بها القرار الأخير بإخلائهم خلال 45 يوما وتغريمهم”.
ويتابع جحشن: “بعد كافة المقارعات القضائية التي استمرت على مدار 15 عاما، أصدرت المحكمة المركزية الإسرائيلية قرارا ردا على الاستئناف الذي قدمه المستوطنون يقضي برد استئنافهم، وكذلك إخلاء المستوطنين من المبنى المذكور وتغريمهم بمبالغ مالية عن الفترة التي مكثوا فيها في المبنى”.
من جهته، أكد مدير لجنة إعمار الخليل عماد حمدان، أن هذا النجاح لم يكن ليحصل دون المتابعة الحثيثة من قبل الوحدة القانونية للجنة، إيمانا بضرورة التصدي لكافة المحاولات الإسرائيلية للسيطرة والاستيلاء على الممتلكات الفلسطينية دون وجه حق، خاصة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلدة القديمة من الخليل بسبب الهجمات الاستيطانية والقرارات الجديدة لدولة الاحتلال ببناء بؤر استيطانية جديدة في عدة مواقع مثل أرض الحسبة وأرض الكراج القديم، وأن الوحدة القانونية للجنة الإعمار تقوم بالمتابعة والتصدي لجميع ذلك.
الخليل – وفا